نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يأمل في حل الأزمة الخليجية في إطار مجلس التعاون وعبر الوساطة الكويتية

نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يأمل في حل الأزمة الخليجية في إطار مجلس التعاون وعبر الوساطة الكويتية


 
الدوحة - المكتب الإعلامي – 03 ديسمبر 2017

أعرب سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عن أمله في أن يتم حل الأزمة الخليجية في إطار دول مجلس التعاون الخليجي وعبر الوساطة الكويتية.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ، خلال محاضرة له مساء اليوم عقدت على هامش أعمال الدورة الرابعة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، إنه سيتم غدا في الكويت عقد اجتماعات تحت رعاية الوسيط الرئيسي وهو صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، ونأمل ألا نحتاج إلى أي طرف غربي للتدخل والتأثير علينا لحل الأزمة، وأن يكون الحل بإرادتنا لأن هذا هو الحل الذي سيبقى، أما الحل الذي سيكون مفروضا فسيكون فقط حلا صوريا.

وأشار سعادته إلى أن مستوى الحضور في قمة مجلس التعاون، من جانب دولة قطر سيكون غدا على مستوى المجلس الوزاري، وسيحضر القمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.

وبخصوص ما إذا كان سيتم طرح الأزمة الخليجية خلال القمة، أفاد بأنه إلى الآن لم يتم عرض أجندة الأعمال على دولة قطر، لكن إذا كانت الأزمة الخليجية وهي الظرف الأساسي الذي تمر به المنطقة لم تكن مطروحة في أجندة أعمال القمة، فستكون مؤكدا مطروحة في الاجتماع، ولن تقتصر على الأمر الورقي.

وبشأن النتائج المتوقعة من قمة الكويت، أوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أنه من المهم جدا أن تبقى منظومة دول مجلس التعاون على قيد الحياة وهذا في حد ذاته أمر مهم، والجهد الذي بذله صاحب السمو أمير دولة الكويت لإبقاء هذه المنظومة على قيد الحياة بدعوته لهذا الاجتماع الذي يعتبر حلما للشعوب الخليجية سيتحقق بإذن الله، حيث سيبدأ غدا الاجتماع الوزاري وهذا في حد ذاته يعتبر خطوة إيجابية من وجهة نظرنا نحن في دولة قطر.

وشدد سعادته في الوقت ذاته على أهمية أن يتمخض عن هذه القمة آلية واضحة لوضع حد لهذه الأزمة التي استمرت ستة أشهر الى الآن، مؤكدا أن محاصرة دولة خليجية بلا أسباب وبشكل مفاجئ تصرف غير مقبول.

ولفت إلى أن مشكلة حكومات دول الحصار أصبحت ليست فقط مع الحكومة في دولة قطر لكن مع الشعب القطري لأنه ولأول مرة ينزلق الخلاف إلى المستوى الشعبي، وهذا ما أرادت دولة قطر تجنبه واحتواءه منذ البداية، ولكن للأسف لم يكن هناك مجيب، ونعول حاليا على حكمة صاحب السمو الشيخ الصباح، وعلى أن يكون هناك أيضا صوت عقل في هذه الدول للمجيء إلى الطاولة وبحث النقاط الخلافية، وأن يكون هناك اتفاق جماعي يلتزم به الجميع ودولة قطر ستكون أول المرحبين بهذا الاتفاق.

وردا على أسئلة خلال المحاضرة، أوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أنه بخصوص القمة الخليجية فإن دولة قطر ومنذ بداية الأزمة هي الطرف الذي تم الاعتداء عليه وهي الطرف الذي دائما ينادي بالحوار، وهي الطرف الذي في كل حديث يتناول وساطة سمو أمير دولة الكويت بكل احترام وتقدير، وهي أيضا الطرف المتعاون مع هذه الوساطة، وسيظل هذا التعاون قائما إلى أبعد الحدود بالنسبة لنا ليس كحكومة دولة قطر فقط ولكن للشعب القطري الذي يعيش على هذه الأرض والذي يعرف دور سمو أمير الكويت في هذه الأزمة، والكل يساند هذا الدور وسنستمر في مساندته، ولذلك دولة الكويت لا تحتاج من دولة قطر إعانة لها على هذا الجهد لأن دولة قطر دائما ستكون سندا للكويت ودائما ستكون متعاونة معها.

وقال سعادته:" إن الوسيط لن يطلب شيئا من أي طرف من أطراف الأزمة إلا إذا كان في الحدود المعقولة، ودولة قطر تتعامل في داخل إطار هذه الحدود والتي تحترم سيادة الدولة والقانون الدولي، وإذا كان الأمر في هذا الإطار فهي مستعدة لمناقشة أي شيء".

وأضاف :" نحن تحدثنا في السابق أكثر من مرة عن أنه ليس هناك أي حق لأي دولة تجاه دولة أخرى في أن يكون لها مطالب .. ولكن هناك مخاوف وإذا كانت هذه المخاوف قابلة للتفاهم، فستكون مخاوف متفهمة لدولة قطر أيضا، خاصة وأن قطر تهتم بمسألة الأمن الجماعي بمفهومها الصحيح، وألا يتم إساءة استخدام هذا المفهوم ويتم على إثره التدخل في الشؤون الداخلية أو في سياسات الدول".

وأكد سعادته أن دولة قطر تحترم سيادة دول الحصار كافة، وعلى هذه الأسس فإن دولة قطر على أتم الاستعداد، وهي متطلعة إلى انعقاد قمة التعاون الخليجية، حيث ذكرنا قبل القمة وقبل الدعوة لها أننا موجودون في هذا المجلس وستظل منظومة مجلس التعاون هي الأهم لدولة قطر.

وشدد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على "أهمية أن تستند أي مفاوضات على مبادئ وإلا فستكون هذه المفاوضات بمثابة دوامة لا بداية ولا نهاية لها، ونحن في دولة قطر استندنا إلى مبادئنا التي ننطلق منها وهي ميثاق مجلس التعاون الذي اتفقنا عليه جميعا، وذلك إلى جانب كافة المبادئ التي تحترم القانون الدولي والسيادة، وأن يكون هذا الأمر تطبيقيا وليس كلاميا فقط، مؤكدا استعداد دولة قطر لمناقشة هذه المخاوف التي تخرج في ادعاءات الدول المحاصرة وتفنيدها كافة، فبعد مرور ستة أشهر على أزمة محاصرة الشعب القطري استنادا على ادعاءات ليس لها أساس، لم تقدم دول الحصار أي دليل واحد على ادعاءاتها وإذا كان لديهم أسس فليقدموها لنا" .

وفيما يتعلق بأثر الأزمة الخليجية على الكوارث الإنسانية، شدد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على أن الأزمة الخليجية لها أثرها الكبير على كافة مواضيع الأمن الإقليمية وليس فقط على القضايا الإنسانية، ولكن هذه الأزمة أثرت على التنسيق وعلى العمل الجماعي لدول المجلس الذي كان له للأسف قيمة مضافة على صعيد العمل الاجتماعي.

وأكد سعادته على استمرار قيام دولة قطر بدورها في تقديم المساعدات والعمل الإنساني سواء كان في قطاع غزة أو لإغاثة سوريا أو اليمن والتي يختلف الوضع فيها طبعا لاسيما في إطار ما إذا كان يتم السماح بدخول المساعدات أم لا، لكن دولة قطر لا تألو جهدا في إيصال المساعدات إلى كافة الدول التي تستطيع الوصول إليها وتقديم المساعدات اللازمة لها.

وبالنسبة لإدراج المنظمات الخيرية القطرية على قائمة الإرهاب من جانب دول الحصار، قال سعادته إن هذا الإدراج لا يمثل شيئا فهناك قانون دولي يحترم وهناك أمم متحدة لها عمليات إجرائية واضحة في هذا الإطار، والمعايير المقدمة من دول الحصار ضد هذه المنظمات من المؤكد أنه غير معترف بها دوليا لأن معظم هذه المنظمات شريكة مع الأمم المتحدة ولها صفة مراقب وتعمل معها في الكثير من المشاريع.

وبشأن الوضع في اليمن، لفت سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية ، إلى أنه لا يوجد لدى دولة قطر حضور في اليمن، فقد كانت القوات القطرية مشاركة في التحالف عندما كان هناك خطر يهدد أمن المملكة العربية السعودية، وجاء ذلك في إطار واجب دولة قطر كجزء من منظومة دول مجلس التعاون بشأن ألا يكون هناك أي خطر على أي دولة من أعضاء هذه المنظومة، كما كانت لدينا مهمة سياسية تمثلت في جمع الأطراف من أجل عودة الحكومة الشرعية إلى صنعاء لممارسة مهامها وإعادة إحياء نتائج مؤتمر الحوار الوطني الذي أقرت نتائجه كافة فصائل الشعب اليمني.. واليوم الحرب في اليمن أدت الى تردي الوضع الإنساني الذي أصبح صعبا جدا وهناك الكثير من الحالات الإنسانية في اليمن تتطلب الكثير من المجهود.

وأعرب سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن أمله في أن يفصل العمل الإنساني عن الأعمال العسكرية التي تحدث هناك، والا تستخدم هذه المآسي كأداة للضغط من أي طرف من الأطراف، آملا أن يكون هناك كسر لحالة الجمود في الحالة السياسية، وأن تدعى الأطراف إلى طاولة الحوار وأن تحل هذه المسألة ويوضع حد لها.

وبشأن الأوضاع في العراق ، أفاد سعادته بأن دولة قطر تعتبر أن جمهورية العراق جزء لا يتجزأ من الوطن العربي بكافة أطيافه، وأن استقرار العراق هو استقرار لدول مجلس التعاون، حيث تجمع دول المجلس حدود مشتركة وتاريخ مشترك وثقافة مشتركة مع العراق.

وأشار سعادته إلى الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية والانتصارات التي حققتها في مواجهة تنظيم /داعش/ في بعض المناطق وتحريرها، مؤكدا أن هذه الجهود تحتاج إلى متابعة وعمل سياسي وتنموي وإنساني، حيث أفاد سعادته بأن هناك تواصلا وتعاونا دائما مع الحكومة العراقية، وتتطلع دولة قطر لأن تكون داعمة ومساهمة في عملة التنمية وإعادة الإعمار بالعراق لأنه بالنسبة لدولة قطر فاستقرار العراق وأمنه يعتبر جزءا لا يتجزأ من أمنها.

وبشأن مجلس التعاون، وهل فشل في حل الأزمة الخليجية ، قال سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني :" وجدنا بالفعل غيابا لمجلس التعاون خلال الأزمة لكن هل هذا يجعلنا كدول ننسى هذه المنظومة وأن نكون عامل هدم لها.. دولة قطر قررت منذ اليوم الأول للأزمة، أنه إذا كان هناك أي إخلال بهذه المنظومة فلن يكون بمعول من دولة قطر فهي ستظل محافظة عليها إلى آخر لحظة.. فالمسؤولون سيتغيرون لكن المنظومة هي الباقية وعدم فعالية المنظومة لا يعتبر سببا أو دافعا كافيا لدولة قطر أن تخرج منها وأن تجعلها آيلة للسقوط لأن خروج دولة قطر هو انفراط للعقد الخليجي وبالتالي المنظومة كلها ستنهار".

ولفت سعادته إلى أن هناك عامل ثقة انعدم في منظومة دول مجلس التعاون لاسيما بعد هذه الأزمة، مشيرا إلى ان مستوى الثقة حاليا بين دول مجلس التعاون لم يكن كالمستوى السابق، متسائلا " هل هذه الثقة ستعود بمجرد اجتماع وبمجرد اتفاق؟".. لن تعود وإلا سنكون بالنسبة لنا في قطر كأننا نخدع أنفسنا، ولكن ما يحدد طبيعة هذه العلاقة هو اتفاق نظام العمل في المستقبل ما بين دول مجلس التعاون ليكون هناك مجال لإعادة بناء الثقة.

وقال :" نعم نحن لسنا الاتحاد الأوروبي ولا توجد لدينا آليات واضحة مثل التي لدى الاتحاد وغيره، لكن الاتحاد الأوروبي ربما كان في يوم من الأيام بهذا الضعف واتخذ آليات كثيرة للوصول إلى هذه القوة ونحن نأمل أن يكون هناك شكل جديد لمجلس التعاون يلبي طموحات الشعوب الخليجية".

وبشأن تدخل الشخصيات الغربية في الأزمة الخليجية وإذا ما سيكون هناك حل لها بدون تدخل من قبل هذه الأطراف، لفت سعادته إلى أن دولة قطر لم تدول الأزمة منذ بدايتها بل التزمت بتواصلها مع صاحب السمو أمير الكويت والتزمت بأن يكون هناك وساطة كويتية ووجدنا للأسف أن هناك حملات تشويه ضد دولة قطر ووجدنا مسؤولين من هذه الدول قد تحركوا وجابوا بقاع الأرض كافة ليحصلوا على الدعم لإجراءاتهم وبالتالي من حق دولة قطر أن ترسم الصورة الصحيحة عنها وأن تظهر الحقائق وتدافع عن نفسها تجاه حملة الشيطنة التي تمت ضدها.

وأشار سعادته إلى أن الأزمة الخليجية وجدت اهتماما كبيرا من قبل المسؤولين الغربيين الذين نظروا إليها باعتبارها أزمة جدية تؤثر على عملهم، وصحيح أن الأزمة الخليجية هي في نطاق دول الخليج جغرافيا، ولكن آثارها تمتد إلى مصالح هذه الدول الغربية في الكثير من النواحي.


وبخصوص قائمة الـ59 ، أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن هذه القائمة لا تمثل شيئا قانونيا ولا دوليا وأن حدود هذه القائمة لا تتعدى الدول التي أصدرتها ولن تتجاوزها، وبالنسبة للأشخاص المتأثرين منها فكل شخص لديه الحق في أن يطالب بحقه بألا يذكر اسمه أو أن يطعن في اتخاذ هذه الإجراءات ضده، والدولة ستقدم له كافة الدعم ولكن قانونيا.. هذه القائمة بالنسبة لحكومة دولة قطر لا تمثل أي شيء وبالنسبة للمنظومات الدولية لا تمثل أي شيء وبالنسبة لدول كثيرة من العالم لا تمثل أي شيء.

وأوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن أزمة حصار قطر ليست صغيرة كما يعتقدها البعض فهي تؤثر على الأمن الإقليمي وكل من ينظر لها على أنها أزمة صغيرة فإنه لا يعطي مسألة الأمن الإقليمي حقها، والشعوب عندما تتأثر بهذه الأزمة بشكل مباشر فهذا يجعلها أزمة كبيرة، كما أن الشعب القطري تأثر بهذه الأزمة بشكل مباشر سواء كان على المستوى الدراسي أو العائلي وأيضا حرمانه من الكثير من الحقوق بسبب أنه قطري وهذا جزء من تمييز عنصري تجاه جنسية معينة وهو أمر غير مقبول ومرفوض دوليا.

ولفت سعادته إلى أنه إذا كانت الأزمة في حدود القانون الدولي والمقاطعة وبدون أي إجراءات أخرى تتخذ، فمن الممكن وصفها بأنها صغيرة، باعتبار أنها ستكون أزمة سياسية صريحة، لكن أن تتخذ معها كافة هذه الإجراءات ضد الشعب القطري فلن تكون أزمة صغيرة كما يعتقد البعض.

وبشأن الدور الأمريكي في الأزمة، أوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن هناك علاقات استراتيجية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون وليس دولة قطر وحدها أو المملكة العربية السعودية وحدها، وقيمة هذه العلاقة هي في وحدة هذه المنظومة وليس في كل دولة على حدة، ولذلك من المهم جدا أن تبقى هذه المنظومة متماسكة.

وأشار سعادته إلى أن لدولة قطر موقعا في هذه العلاقة فهي تستضيف القاعدة الأمريكية، ومركز القيادة للتحالف الدولي وهناك الكثير من الأنشطة التي تقوم من الدوحة، ولذا هناك أثر مباشر في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بسبب هذه الأزمة ولذلك الولايات المتحدة كان لها دور فاعل جدا لوضع حد للتصعيد في هذه الأزمة ومحاولة إيجاد حل لها.

ونوه إلى أنه كانت هناك محاولات عدة من قبل الولايات المتحدة ولم يتم الاستجابة لها، حيث كان هناك مقترح من قبل وزير الخارجية الأمريكي حينما زار المنطقة في بداية الأزمة وقدم خارطة طريق وتم مقابلتها بالرفض والتصعيد، وبعد ذلك بادر الرئيس الأمريكي بدعوة القادة إلى كامب ديفيد ليكون هناك حوار فيما بينهم ولم يتم الاستجابة إلى هذه الدعوة، وهناك جهود مستمرة لكي لا تؤثر هذه الأزمة على الأمن الإقليمي الذي يعتبر عاملا مهما بالنسبة للولايات المتحدة، ولذلك هناك تنسيق وتواصل مستمران بين الولايات المتحدة وكافة دول المجلس وليس مقتصرا على دولة قطر فقط.


وتحدث سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن الوضع في الإقليم الخليجي والعربي، مشيرا سعادته إلى أن هناك عوامل كثيرة في النظام الإقليمي أدت إلى الإخلال بهذا النظام والمنظومات سواء كانت منظومات إقليمية مصغرة مثل مجلس التعاون أو المنظومة المكبرة مثل الجامعة العربية وغيرها من منظمات التعاون الإسلامي وغيرها، والإخلال بهذه المنظومات والنظام الإقليمي لديها سببها وهناك عوامل كثيرة مثل الكوارث الإنسانية التي تمر بها المنطقة، سواء كان في الأزمة السورية أو الأزمة في اليمن أو الأزمات التي مر بها العراق أو ما يحدث في ليبيا أو الصومال وبالكثير من دول المنطقة.

وأعرب سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عن الأسف لأنه كلما ذكرت منطقة الشرق الأوسط ذكرت الكوارث الانسانية والمآسي، ولا يتم سماع أية أخبار إيجابية عن هذه المنطقة التي باتت تشهد حركات إرهابية عابرة للحدود لا تعترف بالحدود التي رسمها النظام العالمي الحالي، فضلا عن أن هناك اختلافات بين الدول وبين القوى المستقرة أو شبه المستقرة في مفهوم الأمن الجماعي وأثر ذلك على استقلالية الدول وخلق حالات من التدخل في شؤون الدول الأخرى.

وأشار سعادته إلى أن ذلك أدى إلى وجود حالة استقطاب حادة في الإقليم واستقطاب أيضا على مستوى الدول وولد الكثير من التداعيات، منوها أيضا إلى أنه لا يخفى على الجميع الدور السلبي الذي لعبه الإعلام الموجه في عالمنا العربي للأسف والذي كان مثالا على إساءة استخدام الحرية، والتي كانت شكلية فقط وكانت موجهة من قبل أنظمة أو حكومات لتمرير رسائل معينة أو تنفيذ أجندات إقليمية معينة، فضلا عن التطور التكنولوجي في وسائل التواصل الاجتماعي وإساءة استخدام هذه الوسائل وخلق الجيوش الإلكترونية التي تزرع الأوهام في الرأي العام وهي أوهام ليس لها أساس من الصحة.

وأوضح أن هناك بعض الوسوم التي ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تعكس أرقاما كبيرة تتجاوز الخمسة ملايين رقم وفي النهاية يكون الحقيقي فيها ألف أو أقل، وهذا فقط يعكس لنا الصورة التي تأتي من خلال هذه الجيوش الإلكترونية التي لا تكون إلا بتوجيه من قبل حكومات أو أنظمة لتحقيق أهداف معينة، كما أن هناك أسبابا وراء كل هذه العوامل وكل هذه التصرفات وهي بشكل رئيسي غياب الحكمة، والتهور السياسي من قبل قوى مختلفة في المنطقة تتلاعب بمصائر الشعوب، وهناك للأسف مشكلة رئيسية في المنظومات الإقليمية والدولية وهي فراغ هذه المنظومات من أي آليات واضحة سواء لتقديم المظالم أو لفض النزاعات وإلزامية إنفاذ قراراتها كمنظومات إقليمية وهذا أحد الأسباب الذي يجعل مسألة الدبلوماسية الوقائية أو الوسائل السلمية لحل النزاعات مفقودة في المنطقة مما يؤدي لحالة العنف التي نمر بها.

وأشار سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أن نتائج هذه العوامل أصبحت واضحة لدينا جميعا في المنطقة، فهناك تدخل في الشؤون الداخلية للدول بحجة الاستقرار أو بحجة آثار ما قد يحدث بداخل هذه الدول على منظومة الأمن الجماعي، لافتا سعادته إلى أن حجة الأمن الجماعي مستخدمة اليوم من قبل كثير من الدول للأسف فقط لاتخاذها كذريعة للتدخل في شؤون هذه الدول بحجة بسط الاستقرار ودعمه، بينما في الواقع هذه الحجج هي لخدمة أجندات إقليمية وأهداف للعبة بسط النفوذ في المنطقة، وهذه الحالة من التدخلات خلقت حالة الاستقطاب اليوم التي أدت إلى اصطفافات إقليمية وخلق سياسات المحاور، إما أن تتبع محور الخير أو محور الشر أو غيره، وبالتالي فهناك حروب بالوكالة تعصف بالمنطقة من كل جانب .

ونوه سعادته أيضا إلى أن هذه العوامل أدت إلى وجود حالة من الاستقطاب في داخل الدولة نفسها، ودعمت سواء أنظمة أو أحزاب أو غيرها فقط بذريعة الاستقرار والمحافظة على الأمن الجماعي وبالتالي لا يوجد هناك أي فرصة لعمل إصلاحات بهذه الدول وهو الأمر الذي أدى بدوره إلى فقد شعوب هذه الدول للأمل بأن تكون هذه الاصلاحات خطوة في سبيل مستقبل أفضل لهم، مما يتسبب في ظهور التطرف والعنف والارهاب الذي نراه اليوم يزداد ، وعلى الرغم من إمكانية وجود معالجة لهذه الظاهرة بشكل لحظي، إلا أنه سيكون لها عواقب أكبر في المستقبل بأنها ستنتج تطرفا أكبر.


وبالنسبة لما تمر به المنطقة من أزمات، أشار سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية ، خلال المحاضرة ، إلى أن هناك أزمات كثيرة في سوريا وليبيا والعراق وطبعا أزمة فلسطين التي تكاد تكمل مئة عام ولم نجد لها أي حلول عادلة.

وأكد أن الأزمة التي تمر بها منطقة الخليج وأزمة الدول المحاصرة مع دولة قطر، ليست بمعزل عن الأزمات التي يشهدها الإقليم العربي، وإنما هي جزء من هذا السياق وجزء من لعبة النفوذ ، وطبعا هنا يأتي سؤال لماذا قطر؟ ولماذا هذه الأزمة التي بنيت على ادعاءات الكل يعرف بأنها باطلة ؟ واليوم انتهت مسألة هذه الادعاءات والكل يتساءل عن الاسباب الحقيقية لهذه الازمة.

وأشار سعادته إلى انه إذا أردنا أن نتطرق إلى التساؤل الخاص باختلاف دولة قطر عن باقي دول مجلس التعاون، أوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن دولة قطر لاعب فاعل في الاقليم ولها سياسة خاصة يمكن أن تكون مستقلة تختلف بعض الشيء عن شقيقاتها في دول مجلس التعاون ولكن هذا الاختلاف يجب أن يكون صحيا وفي المنظومات الحضارية المتطورة، الاختلاف يعتبر ظاهرة صحية ولا يعتبر أساسا للخلاف واذا ما نظرنا الى الاتحاد الاوروبي كمنظومة لها قواعد سياسة خارجية موحدة نجد أن هناك ايضا تباينا في سياساتها كدول فلا تتفق في كل شيء، ولكن هناك قواعد أساسية يتفق عليها الجميع.

ونوه سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أن دولة قطر لديها رؤية تختلف عن رؤى دول المنطقة كرؤية تقدمية محورها الانسان وتنميته، كما أن دولة قطر تحتل المرتبة الاولى سواء في مؤشرات التنمية البشرية ومؤشرات السلام والامن والتنافسية والتعليم العالي، فضلا عن توافر الموارد بها، فهي مركز عالمي للطاقة وتعتمد عليها دول كثيرة وتعتبر دولة قطر شريكا رئيسيا موثوقا به، حيث تمد كلا من اليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة بنسب كبيرة من الغاز الطبيعي المسال ، فضلا عن هولندا وايطاليا وكل هذه الدول لها علاقات رئيسية في قطاع الطاقة مع دولة قطر، ومن بين هذه الدول إحدى دول الحصار وهي دولة الامارات العربية المتحدة التي تمدها دولة قطر بالطاقة إلى اليوم رغم كل الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل هذه الدولة ضد دولة قطر.

وشدد سعادته على أن دولة قطر ما زالت تحترم المواثيق والعقود التي وقعتها مع الامارات ومازالت لا تخلط ما بين العلاقات السياسية والعلاقات الاقتصادية، ولا تخلط ما بين ما يؤثر بشكل مباشر على الشعوب ومسألة الطاقة التي هي عامل مهم في معيشة الشعوب.

ولفت سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أن استعداد دولة قطر لاستضافة كأس العام 2022 وإسهاماتها الكبيرة في أكثر من 100 دولة حول العالم سواء في المجالات الانسانية او التنموية وغيرها من الكثير من العوامل تجعل منها دولة ناجحة، فضلا عن تمتعها بالكثير من الموارد واستخدامها بالطريقة المثلى يعرض دولة قطر إلى محاور الخطر التي تعيشها المنطقة اليوم ، ودولة قطر من حيث المبدأ ترفض سياسة المحاور وسياسة التحزب والتشدد تجاه شيء معين ودائما تطالب بالحوار مع كافة الأطراف، وتتجنب أن تكون جزءا من هذه السياسة لكي يكون هناك مجال مفتوح لان يتحقق السلم بطريقة حضارية حول طاولة الحوار.