لمحة عامة عن التعاون الدولي
تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ/ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، تتبنى دولة قطر اقتصاداً مفتوحاً يعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية واقتصاديات العولمة والاعتماد المتبادل. ويلعب التعاون الدولي على الصعيد الوطني دوراً محورياً في العديد من المجالات منها تعزيز التعاون الدولي الرامي إلى إرساء وتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية و تحديث الأنظمة الإحصائية لتوفير المؤشرات اللازمة لقياس التقدم في تنفيذ أهداف التنمية الوطنية والدولية وقضايا حقوق الإنسان والشفافية ومحاربة الفساد ، كما يعمل على توفير الخبرات الدولية والتعاون الفني والممارسات الفضلى للوزارات والإدارات الحكومية ، وإقامة شراكات مع المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والهيئات الدولية والعالمية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمنظمات العالمية المتخصصة، والوكالات الأممية المتخصصة كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والآونكتاد ومنظمة العمل الدولية، واليونسكو. والهيئات واللجان الإقليمية كالإسكوا ، وشعبتي الإحصاء والسكان التابعتين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ،ومفوضية حقوق الإنسان ومنتدى الشراكة في الإحصاء في القرن الحادي والعشرين PARIS21 ، ومركز الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية والتدريب للبلدان الإسلامية SESRIC ، والمعهد العربي للتخطيط ، والمعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية على سبيل المثال ، بغية أن تلعب تلك الأجهزة دورا محفزا في التنمية الوطنية.
وتسهم استراتيجية دولة قطر للتعاون الدولي في تحقيق الأعمدة الثلاث للتنمية المستدامة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي: التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية، انسجاماً مع الأجندة العالمية للتنمية المستدامة لعام 2030. وتقود وزارة الخارجية في قطر سياسة التعاون الدولي وركائزه بما في ذلك السياسة الإنمائية الخارجية، حيث تقوم بتنسيق الروابط مع عدة هيئات ومنظمات حكومية وغير حكومية، محلية وخارجية، اتساقاً مع خطط التنمية الوطنية.
إن الشراكة التعاونية القطرية مع كافة الوكالات التابعة للأمم المتحدة تضع دولة قطر في مقدمة الدول الداعمة لسيادة القانون والمواثيق والأعراف الدولية ودعم الدبلوماسية الوقائية والامتناع عن التهديد بالقوة أو التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون بين الدول والتساوي في السيادة بينها، كسبيل رئيس لتحقيق الأمن والسلم والاستقرار على المستوى الإقليمي والدولي.
تاريخ التعاون الدولي
تستمد دولة قطر قوتها الدافعة من الموروث الحضاري والثقافي الراسخ الذي تنتمي له، وتنتهج في ذلك سياسة الاعتدال والتسامح الثقافي والحضاري والديني مع الجميع. وتعتز دولة قطر بانتمائها الخليجي والعربي، وهي عضو فاعل في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمات الإقليمية كتلك القائمة لحماية حقوق الإنسان والمعنية بترسيخ العلاقات الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية كمجموعة ال٧٧ والصين وحركة بلدان عدم الانحياز. كما وتعمل كجسر للتفاهم والتعاون من خلال تمثيلها المتنوع في تلك الكيانات العالمية بما يحقق الأمن والسلام والتنمية لشعوب المنطقة.
وأولت دولة قطر ومنذ استقلالها عام 1971 اهتماماً كبيراً للتعاون الدولي، حيث انضمت إلى منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي وذلك بهدف تعزيز دورها الإقليمي اقتصاديا وسياسيا وثقافياً ودعم حوار الحضارات والمساهمة في تحقيق الأمن والسلم العالميين.
وانطلاقاً من رؤية قطر الوطنية 2030 على أن دولة قطر عضو نشط ومسؤول في المجتمع الدولي يسهم في إحلال السلام والأمن الدوليين من خلال المبادرات السياسية والاقتصادية والمساعدات الإنمائية والإنسانية، فقد ساهمت وبشكل نشط في التعاون الدولي في المجالات التنموية والإنسانية المتعددة.
أولويات التعاون الدولي
تدعم استراتيجية قطر للتعاون الدولي تنفيذ الهدف المتعلق بتعزيز عملية تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول ذات الدخل المنخفض، وتتفق مع الأهداف العالمية لأجندة للتنمية المستدامة 2030 السالفة الذكر، وتدعم الشراكة العالمية من أجل التنمية للقضاء على الفقر، والحد من عدم المساواة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية،
وتوجه المساعدات في أغلبها إلى الدول قليلة الدخل والأقل نمواً إلى جانب الدول التي حلت بها الكوارث الطبيعية والنزاعات، وتولى دولة قطر اهتماماً خاصاً بالدول الأقل نمواً من أجل تحقيق هذه الدول أهداف الألفية الإنمائية، كما تحرص على إيصال المساعدات إلى المنكوبين والضحايا عن طريق القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف وفق أفضل الممارسات وبحرفية ومهنية عالية.
وقد استفادت العديد من الدول من المساعدات القطرية لتشمل أكثر من 100 دولة في مختلف قارات العالم، وتتضمن المساعدات القطرية الإنسانية والإنمائية مناطق جغرافية متعددة حول العالم، حيث قدمت دولة قطر مساعدات عاجلة كمثل كارثة تسونامي في إندونيسيا، وزلزال باكستان، وزلزال الصين وهاييتي، كما قدمت دولة قطر مساعدات للمتضررين من الفيضانات في باكستان او الجفاف في الصومال وساهمت في إيواء ومساعدة النازحين والفئات المتضررة من جراء الحروب حول العالم.
الانجازات في مجال التعاون الدولي
تتميز دولة قطر بعلاقتها المتطورة مع المجتمع الدولي، واستطاعت تحقيق الإنجازات التي جعلت من قطر دولة فاعلة في تحقيق السلم والأمن الدوليين، علاوة على دورها المتميز والرائد في تحقيق التنمية الدولية والشراكة العالمية فيها. وقد ساهمت دولة قطر في بلورة رؤى استراتيجية لقضايا الأسرة الدولية، ومنها قضية الصراع في الشرق الأوسط، فتؤمن بأنه لا مناص عن خيار السلام كتسوية للنزاع العربي الإسرائيلي القائم على حل الدولتين. كما ساهمت في دعم جهود مبادرات السلام في أماكن عديدة من العالم وبذل كثير من المساعي والوساطات لتسوية مجموعة من المنازعات والأزمات الدولية والتي أصبحت أحد اركان السياسة الخارجية لقطر مما أدى بوصفها دولة صانعه للسلام.
ومن أهم إنجازات دولة قطر في مجال التعاون الدولي ما يلي:
أولاً: المساهمة في حل النزاعات المسلحة وتعزيز السلم والأمن الدوليين، ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى أهم الانجازات بالآتي:
- توقيع اتفاق الدوحة للسلام في أفغانستان بين الولايات المتحدة الامريكية وطالبان في فبراير 2020
- المشاركة في قوات حفظ السلام التي شكلتها الأمم المتحدة في العديد من مناطق العالم من لبنان، إريتريا، البوسنة ....الخ.
- تسوية الازمات الداخلية لبعض الدول مثل ارتيريا، لبنان، وأزمات وحروب أهلية في اليمن والسودان، ومنازعات حدودية في جيبوتي وأريتيريا، وحروب ذات طابع دولي كالحرب في أوكرانيا.
- مبادرات في حل المشكلات التي حدثت في بعض الدول العربية، كمشكلة دارفور، اليمن، لبنان، فلسطين....الخ.
- الوساطات الدولية، حيث انتهجت دولة قطر في سياستها الخارجية نهج الحوار والمساعي الحميدة والوساطة والدبلوماسية الوقائية والعمل على تسوية المنازعات والأزمات بالطرق السلمية وبكل حيادية واستقلالية ووفق أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ثانياً: المساهمة الفاعلة في تحقيق الشراكة العالمية للتنمية وتعزيز العون الإنمائي الدولي فيما يتعلق بمساعدة الدول النامية على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية،
- إجلاء العالقين الأفغان والأجانب المعرضين للخطر في افغانستان والمُشاركة في تقديم العون الإنساني العاجل لهم
- المساهمة في الجهود الدولية للتصدي لجائحة كورونا من خلال تقديم الدعم للدول المحتاجة والمنظمات الدولية المعنية
- اجلاء ونقل العالقين من كافة دول العالم وموظفي الأمم المتحدة للتخفيف من أثر جائحة كورونا
- تقديم المعونات والمساعدات الإنمائية في مختلف أنحاء العالم، والتي تركزت على قطاعات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي، علاوة على المساعدات الإنسانية الطارئة في بعض البلدان كالكوارث الطبيعية من الفيضانات والجفاف.
- إنشاء مؤسسة صلتك برأسمال 100 مليون دولار وذلك للتصدي للأزمة المتفاقمة للبطالة بين جيل الشباب في العالم وذلك من خلال توفير فرص العمل للشباب ولاسيما النساء والمحرومين، وقد قامت المؤسسة بتنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع في بعض الدول العربية كاليمن والمغرب وسوريا لمعالجة مشكلة البطالة المتفشية في أواسط الشباب العربي. وايجاد الوظائف والموارد اللازمة لتأسيس وتنمية مشاريعهم وذلك عن طريق تقديم الحلول الواسعة والمبتكرة في مجال التوظيف وتطوير وريادة المشاريع للشركاء المحلي والإقليمي والدولي.
- إنشاء مؤسسة التعليم فوق الجميع في عام 2008 بهدف حماية ودعم الحق في التعليم بالمناطق الواقعة أو المهددة بالأزمات والصراعات والحروب. وقامت هذه المؤسسة بتنفيذ العديد من المشاريع في فلسطين والعراق، وفي دول أخرى. كما تعمل من خلال برامج متخصصة ومشاريع عديدة مثل برنامج "علم طفلا"، وبرنامج "الفاخورة"، وبرنامج "حماية التعليم في ظروف النزاعات المسلحة وانعدام الأمن"، وقد بلغت مشاريع المؤسسة أكثر من (55) مشروعا حول العالم تتوزع على 48 دولة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والوطن العربي، وتغطي برامج التعليم الابتدائي والتعليم الفني والعالي، وقضايا كالصحة والرفاه والحقوق الأساسية. وتنفذ هذه المشاريع مع أكثر من 67 شريكاً من بينهم الحكومات الداعمة والممولة لمشاريع التعليم والتنمية، وهي عضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
رابعاً: استضافتها للعديد من المؤتمرات والمنتديات الدولية العالمية المعنية بالتجارة والتنمية والديمقراطيات الجديدة وتمويل التنمية وذلك بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات الدولية الأخرى، ويمكن الإشارة لأهم الفعاليات العالمية بالآتي:
- الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية عام 2001.
- قمة مجموعة السبع والسبعين والصين عام 2005.
- المؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة والمستعادة عام 2006.
- مؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية المعني باستعراض تنفيذ توافق أراء مونتيري عام 2008.
- منتدى الأمم المتحدة الرابع لتحالف الحضارات عام 2011.
- المؤتمر الثالث عشر للأونكتاد (مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية) عام 2012.
- استضافت مؤتمر الدوحة الثامن عشر للدول الأطراف (COP18)
- مفاوضات سلام أفغانستان، عقد كبار القادة الأفغان محادثات في الدوحة يوليو 2021م.
- الاجتماع الدولي حول أفغانستان 10 أغسطس 2021م.
- توقيع اتفاق إحلال السلام في أفغانستان برعاية دولة قطر 29/02/2021م.
- مؤتمر حوار الأديان بتاريخ 24-25/05/2022
مختلف أوجه التعاون الدولي
يساهم التعاون الدولي في اقامة شراكات دولية وإقليمية تتعلق بقضايا مختلفة ومتنوعه مثل الطاقة والمياه وحماية البيئة وبناء القدرات البشرية القطرية وتدريبها وتأهيلها ، واقامة شراكات أكاديمية وبحثية مع العديد من الجامعات العالمية ، ومراكز البحوث المتعلقة بالحوسبة والطاقة والبيئة والبحوث الطبية الحيوية والاجتماعية وتكنولوجيا المعلومات والإنسانيات وتوفير الدعم المادي والفني والمعنوي للباحثين العاملين في الدولة، وتقديم المنح الدراسية للعديد من الطلاب من البلدان العربية والإسلامية والبلدان ذات الدخل المنخفض، والبلدان المتأثرة بـالصراعات.
كما تتنوع مجالات الدعم الإنساني والتي تركز على الدول النامية والأقل نمواً، لتفعيل الهدف الإنمائي الدولي السابع عشر (SDG 17) بشأن الشراكة الدولية من أجل التنمية، كما تسهم هذه الشراكة المتنوعة في تعزيز المؤسسات الوطنية (الحكومية وغير الحكومية)، والأعمال التجارية، والمصالح والقيم، فضلاً عن دعم الأمن القومي لقطر والوئام العالمي والسلم والأمن الدوليين. وإن هذه السياسة تساعد على إقامة مجتمعات متكاملة ومسالمة ذات مؤسسات قوية مبنية على المسائلة والكفاءة، تسود فيها العدالة الاجتماعية وتكون أكثر قدرة على توفير الاستقرار انسجاماً مع الهدفين الإنمائيين (SDG 11, 16).
وفيما ما يلي بعض أمثلة من أوجه التعاون الدولي:
التعاون في المجال الرياضي
إن دولة قطر واحدة من رعاة مشروع قرار الأمم المتحدة المعني بالرياضة من أجل التنمية والسلام، وإيماناً منها بأهمية الرياضة في تعزيز التنمية والسلام، فقد أولت دولة قطر اهتماماً بالغاً للرياضة، ويتجلى ذلك في استضافة الكثير من الأحداث الرياضية العالمية، ونشر الثقافة الرياضية في الدولة عبر إطلاق عدة مبادرات محلية وعالمية، مثل اليوم الرياضي للدولة، ومبادرة "أهداف الدوحة" التي تشكل منصة لمبادرات التنمية العالمية عن طريق الرياضة بالإضافة الى استعدادها لاستضافة بطولة كأس العالم 2022 في الدوحة.
التعاون في مجال التغير المناخي
تدعو رؤية قطر الوطنية 2030 إلى دعم الجهود الدولية للتخفيف من آثار تغير المناخ، ولعب دور إقليمي استباقي في التخفيف من آثاره السلبية، ولاسيما على دول الخليج. حيث استضافت دولة قطر مؤتمر الدوحة الثامن عشر للدول الأطراف (COP18)، كما افتتحت المكتب الإقليمي للمعهد العالمي للنمو الأخضر في الدوحة لمساعدة البلدان النامية على اتباع استراتيجيات تنمية مبنية على أسس الاستدامة.
- وقعت دولة قطر على اتفاق باريس للتغير المناخي بتاريخ 22 إبريل 2016
- دولة قطر عضو في صندوق أوبك للتنمية الدولي (OFID)، وتدعم بذلك مبادرة الأمم المتحدة "طاقة مستدامة للجميع " (SE4ALL) عن طريق تمويل الصندوق وخاصة للبلدان النامية.
- دولة قطر عضو في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) التي تدعم البلدان في انتقالها إلى مستقبل الطاقة المستدامة.