نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: الاضطراب الإقليمي تدفعه لعبة النفوذ والسلطة

نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: الاضطراب الإقليمي تدفعه لعبة النفوذ والسلطة

  

روما - المكتب الإعلامي – 02 ديسمبر 2017

 أكد سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إن الأمل مفقود في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، وأن من أجل التوصل إلى حلول واقعية للمشاكل، علينا أولاً تشخيص الوضع الحالي لإيجاد حلول واقعية لمشاكل المنطقة.

وقال سعادته خلال مخاطبته مؤتمر الحوار لدول البحر المتوسط في العاصمة الإيطالية روما اليوم ، إن وجود اضطراب إقليمي تدفعه لعبة النفوذ والسلطة أدى إلى إشكاليات داخلية وخارجية.

وأضاف أن الوضع الحالي في المنطقة هو صراع للنفوذ، مضيفاً: " ان لعبة النفوذ أودت بنا إلى حالة استقطاب لا تحدث في دولنا فقط بل خلفت حروباً بالوكالة والتدخل في الدول الأخرى الذي سبب الكثير من الدمار مثل ما حدث في ليبيا واليمن والعراق".

ولفت سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى إن حالة الاستقطاب داخل الدول سببها قادتها الذين أصبحوا عائقاً امام أي تغيير ويستخدمون الاستقرار كمبرر، وقال : إن "الشعوب بدأت تفقد الأمل لان المشاكل لا تجد طريقها إلى الحل، الأمر الذي خلق أراض خصبة للارهاب والتشدد وجعل الأزمات تنتقل إلى مناطق أخرى سواء في أوروبا أو دول أخرى".

وحدد سعادته ثلاثة أسباب رئيسية وراء لعبة النفود في المنطقة تتمثل في : غياب الحكمة، ووجود قيادة مغامرة وطائشة في المنطقة، والفراغ الناتج عن غياب نظام إقليمي ودولي مع آليات الإنفاذ اللازمة لفض الخصام الذي يعطي الفرصة للدول الصغيرة لتقديم مظالمها ضد الدول الكبيرة لمنصة تحكيم تتخذ إجراءات ضد ما أتخذ ضد الدول الصغيرة، وقال: هذا ما حدث مع قطر ولبنان والصومال، وأزمات أكبر مثل اليمن وليبيا والعراق.

وقال سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية : نحن لا نعيش في الماضي نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين حيث العولمة واستخدام التكنولوجيا الجديدة ووسائل النقل وهذا العصر الذي نعيش فيه قرب العالم بعضه من بعض وأياً كان فإن ما يجري في الشرق الأوسط سوف يكون له تداعياته على أوروبا وعلى غيرها من المناطق.

وأضاف: نحن نرى بأن حركة الارهاب العابر للحدود أو حتى للمهاجرين عانت منه تركيا ودول أخرى من البحر الأبيض المتوسط تعاني منه مناطق أخرى الآن، وهنالك الكثير من الاجراءات التي تم اتخاذها من أجل التعامل، ولكن ما تعاملنا معه هو الناتج ولم ننظر إلى الاسباب الجذرية من هذه الظواهر التي تنمو في هذه المنطقة.

وتابع سعادته : نحن نؤمن بأننا لا يمكننا فقط أن نتعامل مع الاعراض وننسى الاسباب الفعلية، وعلينا أن نقوم بفحصها ومعرفة ما هي الاسباب التي افضت بنا إلى هذا الوضع. وإذا ما نظرنا إليها بدقة سوف نرى بأن هنالك غياباً للأمل بالنسبة للناس في إعطاء حل عادل لمشاكلهم، وهنالك ازمات ومأسي إنسانية، وغياب الأمل في ايجاد حل، وليس أي حل، وإنما حل عادل يلبي ويتطرق إلى مباعث القلق الحقيقي لدى الشعوب.

واستطرد سعادته: بعد أن نقوم بايجاد الحل العادل ونعطي الشعوب ظروف ايجابية تمكنهم من ممارسة حقوقهم من دون أي مقاومة من قادتهم المستبدين، أو حتى من دول اخرى، فعندها يتحقق الأمن وبالتأكيد يليه تنمية اقتصادية وهذا مهم جدا لتمكين هذه الدول حتى لا تكون معوزة، وأن يتسنى للناس السفر بطرق قانونية إلى اماكن اخرى لتحسين حياتهم.

وأضاف: ربما طريقة تقديمي لهذا الأمر قد تبدو بصورة قاتمة ولكن الوضع ليس بالسوء الذي وصفته وإنما هو أسوأ من هذا وأكثر ظلما، لأن ما يجري هنالك ينظر إليه من مسافة من دون أخذ خطوات جدية لوضع حد لهذا الاستقطاب وحالة الاستقطاب، وعلينا بوقف المتلاعبين بالقوة في المنطقة من الاستمرار في مغامراتهم.

واوضح اننا نحتاج إلى اتخاذ خطوات جدية في الوقت الراهن وعلينا بالانخراط في حوار أمني إقليمي والاتفاق على مبدأ تلتزم به جميع الدول سواء كانت صغيرة أم كبيرة، ومن هذا المبدأ يمكننا رفع مستوى الاتفاقيات في المجال السياسي والأمني والتعاون الاقتصادي الذي لا يتعطل بسبب الصراعات السياسية.

وتابع سعادته قائلا : هذه هي وجهة نظرنا في قطر، وهذا الرأي ليس بسبب الأزمة والتدابير الأحادية غير القانونية التي اتخذتها الدول المحاصرة، ولكن لأننا نرى أن هذا الأمر هو مصدر قلق للمنطقة بأسرها، ونحن قلقون من أن ندخل في دورة جديدة من الاضطرابات.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية : ان دولة قطر طالما كانت قوة دافعة نحو التقدم في المنطقة، فلدينا اختلافات في الرأي مع دول الخليج الأخرى ولكن هذه الاختلافات لم تكن أبدا على مستوى من التهديد الأمني، وكان هذا دائما المبدأ الموجه في علاقتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولم نكن نعتقد أو نتصور أن هذه الخلافات ستؤدي إلى مثل هذه التدابير العدوانية ضد دولة قطر من خلال شن حملة لا أساس لها ومن دون قواعد صلبة.

واضاف سعادته اننا أخترنا أن نضع الاختلاف جانباً وأن ندعو للحوار، لأنه إذا كان هذا شاغلا أمنيا لهم فإنه سيكون أيضا مصدر قلق لنا، فنحن جميعا ملتزمون جماعيا بمعالجة هذه الشواغل. وقال: "لقد تم التواصل ولسوء الحظ كان هناك إنكار من قبل الدول المحاصرة".

وقال سعادته أن هذا يشكل تهديدا لتفكيك منظومة مجلس التعاون الخليجي، وأن دولة قطر تصرفت بطريقة ناضجة جدا وطلبت من الدول المحاصرة الجلوس والمناقشة بطريقة حضارية.

واستطرد، نحن بحاجة إلى التوصل إلى مبدأ توجيهي يوافق عليه الجميع ومن ثم ننتقل إلى المستوى التالي من الشراكة، ولكن مجرد أن ينتج اختلاف في الرأي بالتنمر علي بلد آخر لمجرد أنها بلد أصغر، هذا أمر لا يقبله المجتمع الدولي.

وبشأن إيران قال سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن إيران هي دولة مجاورة لقطر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، وتجمعنا مع إيران علاقات وحدود وبالتالي نحن لا ننظر للأمر كما تنظر إليه أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية على أنها دولة بعيدة بمئات الآلاف من الاميال.

وأوضح "هنالك اختلافات لدينا مع إيران ، لكن هذه الاختلافات لا يجب أن تؤدي إلى المواجهة، وعلينا أن نجلس إلى الحوار ودعوة الجميع إليها من اجل الوصول إلى حل"، مضيفا : إذا أردنا أن نبقى معزولون فإن مستوى التوتر سوف يزيد وبالتالي سوف تنتج أو ربما تخلق أزمة بسبب هذا التوتر، وبالتالي نحن نرى إن أفضل طريق لتجاوز الاختلافات هو الحوار، والخليج كوحدة واحدة اتفق على هذا وهذا الأمر ليس جديدا.

وأشار سعادته إلى أنه في آخر اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي في 2016 كان جزء من القرارات التي اتخذها القادة بأننا سوف نقوم بالتوجه أكثر إلى الحوار وطبعا هذا ما أكده حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة وبالتالي نحن في نفس السياق، ولم يتغير شيء فيما يتعلق بسياستنا بعد الحصار.

وذكر سعادته : نحن نتحدث مع إيران ولكن لا تزال هنالك اختلافات سياسية وما زلنا نتحاور معها في محاولة لإيجاد طريق إلى الأمام ، ونحن نأمل ان دول الخليج الأخرى سوف تكون معنا في هذه المسأله، ليتم التحاور جماعيا مع إيران لمناقشة مباعث القلق.

ولفت الى أن دول الحصار منعت الطائرات القطرية من التحليق فوق الأجواء ومنعت المواطنين من الوصول للمناطق المقدسة، وقال: "يبقى الطريق الجوي الوحيد والبحري الباقي هو مع إيران وبالتالي كان يجب علينا أن نبقى متصلين مع إيران حتى نوفر احتياجات الشعب، وبالتالي نحن نرى بأن هذا الحصار والموقف الحالي يمثل عائقا لجهودنا لضمان أمّن المنطقة، وان لا يتم استخدام عنصر عدم الاستقرار من قبل أطراف إقليمية اخرى".

وفي الشأن الفلسطيني، قال سعادته إن المبادرة العربية المتفق عليها بين العرب ينبغي ان تفضي إلى حل الدولتين وحينها يتم تطبيع العلاقات.

وأضاف ،نحن نؤمن بأنه إذا كان هنالك أي محاولة لعملية سلام أو تسوية سلمية تؤدي إلى حل الدولتين فهذا أمر سندعمه ولن نكون عائقا أمامه ولكننا بحاجة إلى أن نتأكد من جدية أطراف الحوار في المفاوضات من اجل الوصول إلى حل الدولتين.

وتابع قائلا : نحن بحاجة إلى أن تكون هنالك دولة فلسطينية على حدود 1967 وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية ، وبالتالي يجب علينا أن نصل إلى هذه النتيجة ونتأكد من أن هنالك رأيا موحدا لتحقيق هذا الهدف. ونحن نأمل ان هنالك أملا في هذا الوقت من الزمن لتحقيق السلام وإذا كان هنالك أي أمل فنحن معه.

وحول العلاقات القطرية الإيطالية، قال سعادته : لدينا علاقات قوية ولدينا تفاهم عندما نجلس سوياً سواء كنا نناقش القضايا الإقليمية، ونتفق على مبادئ الأمن والسلامة، هذا بالتأكيد بدوره يعزز الأمن والسلامة والاقتصاد وزيادة التجارة البينية بين دولة قطر وإيطاليا، والتي زادت بوتيرة عالية جدا، وفِي العام الماضي زادت بنسبة 22 بالمئة، وهنالك 95 شركة إيطالية تعمل في دولة قطر وتستثمر فيها ولدينا الكثير من المستثمرين القطريين في إيطاليا ونتائج استثمارهم جيدة.

وقال سعادته إن قطر تضم جهودها إلى إيطاليا على مستوى الشراكات متعددة الأطراف، ووقعت قطر اتفاقا مع إيطاليا على مشروع طاقة في سلطنة عمان، ولدينا أيضا جدول تنموي تم تنسيقه سوياً حيث نقوم بتنفيذ مشروع مشترك مع إيطاليا في مالي وبالتالي هنالك علاقات قوية تقوم على مبدأ العلاقات المتبادلة والأمن المتبادل.