وزير الخارجية: عدم احترام القانون الدولي وغياب آليات الإنفاذ جعل منطقتنا حقلا تجريبيا للمغامرين المتعطشين للسلطة

وزير الخارجية: عدم احترام القانون الدولي وغياب آليات الإنفاذ جعل منطقتنا حقلا تجريبيا للمغامرين المتعطشين للسلطة

واشنطن  - المكتب الإعلامي - 21 نوفمبر

قال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن دول الحصار لديها سلوك منهجي يحول دون تحقيق الجهود المشتركة للولايات المتحدة وقطر وجميع الشركاء العالميين لمكافحة الإرهاب، وأكد أن "دول الحصار تحاول لي عنق الحقيقة من خلال إغراق وسائل الإعلام بسيل من الأكاذيب عن قطر"، موضحا أنه " الآن وبعد مرور 6 شهور بدأت الحقيقة تظهر".

وذكر سعادته ،في جلسة نقاشية بمركز المصلحة الوطنية في العاصمة الأمريكية واشنطن (CNI)، أن العالم أصبح مؤخرا يرى صورا من منطقتنا مليئة بالدراما والخلافات، وأشار إلى أن الأمر لم يكن كذلك دائما في السابق، فقد كانت منطقتنا مفعمة بالازدهار بفضل جهودنا المشتركة لتعزيز قيم التعايش السلمي.

وأشار سعادته إلى أنه "انتهى ذلك الوقت الآن، وحلت محله فترة تتسم بضيق الأفق والشمولية والعدوان ، وتحول الشرق الأوسط من كونه مركزا للتواصل والتنوير إلى منطقة تعمها الاضطرابات".

وتابع سعادته "خلال هذا العصر المظلم من العدوان انتعش التطرف، وأصبحت الحكومات تسعى نحو السيطرة وتكريس النفوذ وتخويف الدول الأصغر حجما في محاولة لتركيعها والسيطرة عليها"، وأضاف "لم تعد العصور المظلمة من الماضي البعيد.. فقد عادت وتحل بين ظهرانينا الآن".

وأبان سعادته "ما الحصار غير القانوني المفروض على بلدي منذ ستة شهور إلا مثال واحد من لعبة النفوذ هذه .. لم يكن الحصار بسبب تلك الطلبات غير الحقيقية ولكنه يمثل تجسيدا لتهديد الدول لقيم الحرية والسيادة"، وشرح أنه " يتم إطلاق تلك التهديدات ضمن لعبة خطرة من استعراض القوة ضد العديد من الدول بما فيها اليمن والصومال وليبيا.. والآن لبنان، إنه عدوان جامح".

ونبه سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن إلى أنه "يبدو أن هذه القوى مستعدة لاستخدام وسائل لا ضابط لها لتخويف الآخرين مثل إسكات الخصوم وخلق أزمات إنسانية وقطع التواصل واستغلال الأسواق المالية والتنمُّر على الدول الأصغر حجما والابتزاز وتفكيك الحكومات وإرهاب المواطنين وتهديد قادة الدول الأخرى ونشر الدعاية الكاذبة"، وقال "إن بعض الصحفيين ومراكز الدراسات ضحوا بالأمانة الصحفية والمعرفية المنوطة بهم لصالح الجهات التي تمولهم".

وتساءل سعادة وزير الخارجية، لماذا وضعت هذه الأنظمة القوية قطر نصب أعينها؟، وأوضح "نحن دولة صغيرة الحجم في منطقة الشرق الأوسط موجودة بين قوتين كبيرتين هما إيران من الشمال والسعودية من الجنوب، ثم هناك الإمارات من الشرق، وهي أكبر شريك تجاري لإيران ولكنها في نفس الوقت تقوم بدور المتواطئ مع السعودية".

وذكر سعادته أن قطر قررت منذ عشرين سنة أن تخطو بشجاعة في طريق الاستقلال، وأضاف " في حين عاد جيراننا إلى العصور المظلمة المتمثلة في الدبلوماسية المغلقة وتكريس النفوذ قررت قطر أن تخط طريقا نحو الانفتاح، وأدركت أن أفضل طريق لتحقيق السلام يمر عبر التعاون الدولي والمشاركة".

وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني " كان السبب الذي تعلنه دول الحصار لأزمة الخليج الحالية واهيا، لأن قطر في الواقع هي أحد قادة الحرب على الإرهاب. ودول الحصار تعرف ذلك حق المعرفة".

وأبان سعادته أن "حقيقة أزمة الخليج هي أن حصارا فُرِض على بلدي في محاولة لخنق جهودنا لمقاومة تكريس النفوذ في المنطقة. إن ما بدأ قبل 6 شهور كأزمة وخيانة أصبح اليوم أسوأ من ذلك".

وواصل سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية حديثه في الحلقة النقاشية قائلا " أنا أزور الولايات المتحدة ولدي تصور عن الأزمات التي تظهر يوميا في منطقتنا، حيث تحاول دول الحصار لي عنق الحقيقة من خلال إغراق وسائل الإعلام بسيل من الأكاذيب عن بلدي، ولكن الآن وبعد مرور 6 شهور بدأت الحقيقة تظهر".

وأضاف سعادته "نحن نعرف القليل عما يدور خلف الكواليس حيث غاصت دول الحصار عميقا في العدوان إلى أن وصلت إلى الهجمات الإلكترونية والتلاعب بالأسواق ومؤامرات تدمير قطر اقتصاديا"، مؤكدا أن عدم احترام القانون الدولي وغياب آليات الإنفاذ جعل منطقتنا حقل تجارب للمغامرين المتعطشين للسلطة. فالفاعلون الإقليميون يتصرفون بشكل غير مسؤول، ويغامرون سياسيا بحياة مواطني الدول الأخرى، دون أن يملكوا أي استراتيجية للخروج.

وذكر سعادته أن "اللاعبين الإقليميين يتصرفون بغير مسؤولية ويقامرون سياسيا بحياة مواطني الدول الأخرى دون أن يكون لديهم استراتيجية للخروج أو التراجع"، وأوضح أن الأمر لا يقتصر على غياب الحكمة بل يتعداه إلى استغلال جوع الأطفال كرافعة لتحقيق الأهداف، وقال إنه "مع قبولها للفظائع المستمرة في سوريا والطريق المسدود الذي أوصلت إليه اليمن، تتجه هذه القوى الآن إلى لبنان".. ورأى سعادته أن "هذا سلوك ممنهج .. ونمط متهور من أجل السلطة، مع تجاهل تام للمعاناة التي تنجم أعقاب ذلك".

وقال سعادة الوزير إن هذه المعاناة تشمل الفرص الضائعة في الحرب ضد الإرهاب، وإن دول الحصار، والتي تعد من بين القوى الفاعلة في المنطقة، لديها سلوك ممنهج يحول دون تحقيق الجهود المشتركة للولايات المتحدة وقطر وجميع شركائنا العالميين لمكافحة الإرهاب.

وذكر سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن " تعطش دول الحصار للسلطة، وقراراتها المرتجلة تدمر الاستقرار والأمن الإقليميين .. هذه السلطة تساعد على ازدياد الإرهاب".

وقال سعادته "كما ترون هذه ليست دول محاصرة تديرها مؤسسات متزنة وقادرة، ولكنها تدار من قبل أفراد يسعون للسلطة من خلال استخدام مجموعة من الأساليب والتي تتراوح، ما بين الحرب الإلكترونية إلى تحريض القبلية.. أولئك الذين يسعون للسلطة، يخلقون الأزمات".

وتساءل سعادته "إذن إلى أين نذهب من هنا؟ نحن وإن كنا بلدا صغيرا فقد حققنا تغييرات هائلة خلال العشرين سنة الماضية يمكن أن نشارك العالم تفاصيلها وأهم ما تعلمناه منها".

وفي هذا السياق، شدد سعادته على ضرورة ممارسة الحكم الرشيد وبناء عقد اجتماعي يقوم على الثقة بين المواطنين وقيادتهم وتحقيق سيادة القانون التي لا يمكن أن تقوم إلا على احترام كرامة كل مواطن والشفافية والاستثمار في رأس المال البشري مما يزرع بذور الأمل في المستقبل.

ورأى سعادة الوزير، ضرورة العمل على الإصلاح مع الاعتدال، وأضاف "ينبغي أن تحدث الإصلاحات دائما، ولكل أمة الحق في تحديد ثقافتها وتقرير ما هو التغيير المطلوب، إلا أن الإصلاح الذي يفرض بقوة الاجبار والتخويف وإسكات الأصوات يشكل قنبلة موقوتة. إن طريق الإصلاح يكون أكثر ثباتا إذا اتسم بالاعتدال والحكمة".

وتحدث سعادته عن أهمية استنفاد جميع الوسائل الدبلوماسية قبل التصعيد من خلال القنوات الأخرى، وأشار إلى أن "الحرب والعنف والنزاعات لا تخلق سوى المعاناة، والأولى تجنب المعاناة التي لا داعي لها بالوسائل السلمية".

وقال سعادة وزير الخارجية "بدل أن تسعى تلك الدول القوية لاستعراض عضلاتها للهيمنة والسيطرة على بلدان أخرى، آمل أن تسعى لخدمة جيرانها.. إن قطر تريد أكثر من مجرد استقرار للمنطقة.. نريد أن يزدهر الشرق الأوسط".

وأوضح سعادة وزير الخارجية، في ختام الجلسة، أن "رؤية قطر للشرق الأوسط هي العودة إلى التعايش السلمي، حيث يلتقي الشرق والغرب معا، وحيث تكون قطر مركزا للسلام في زمن أكثر استنارة".