وزير الخارجية: انحياز قطر لحقوق الإنسان من أهم أسباب محاولة فرض الوصاية عليها

وزير الخارجية: انحياز قطر لحقوق الإنسان من أهم أسباب محاولة فرض الوصاية عليها

جنيف – المكتب الإعلامي – 11  سبتمبر

 أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية، أن انحياز دولة قطر محليا وإقليميا ودوليا إلى حقوق الإنسان، والرأي العام، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، هو من أهم أسباب محاولة فرض الوصاية عليها، والتحكم باستقلالية سياستها الخارجية وإعلامها.

وجدد سعادته في كلمة أمام الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف اليوم استعداد دولة قطر للحوار لإنهاء الأزمة الخليجية، في إطار الاحترام المتبادل والحفاظ على سيادة الدول، بعيداً عن الإملاءات وإنما على شكل تسويات ينتج عنها التزامات جماعية متبادلة.

وعبر سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عن تقدير دولة قطر ودعمها للوساطة الكويتية، التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة لإنهاء الأزمة.

وأكد سعادة وزير الخارجية قناعة دولة قطر الراسخة بالحوار لحل الأزمة رغم عمق الجرح الغائر في قلوب الشعب القطري الذي سببته إجراءات وسياسات دول الحصار، ورغم المستوى المتدني للخطاب الإعلامي لدول الحصار، وامتهانه سياسة نشر الكذب والافتراءات، ورغم خروج الخطاب الرسمي لبعض مسؤولي دول الحصار عن الإطار الدبلوماسي المحترم دولياً إلى مستوى غير مسبوق، حتى في خطاباتهم تجاه من يعتبرونهم أعداءهم.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن استخدام سياسة القوة بكافة أشكالها، في السياسة الداخلية والخارجية، يشكل سببا رئيسا في هدر عدالة النظام الدولي ما ينعكس سلباً على احترام وحماية حقوق الإنسان إضافة إلى تهديد الأمن والسلام والتعايش السلمي في المجتمع الدولي.

وأوضح سعادة وزير الخارجية أن دولة قطر تتعرض منذ أكثر من ثلاثة أشهر لظروف وتحديات استثنائية بسبب فرض عدد من الدول حصاراً غير مشروع عليها ينتهك بشكل واضح القوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وبخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بنتائج مؤتمر القمة العالمي الصادر في 16 سبتمبر 2005، وأحكام القانون الدولي والقواعد التي تحكم العلاقات بين الدول.

وأشار سعادته إلى أن هذه الأزمة بدأت بارتكاب جريمة قرصنة الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية، ونشر أخبار كاذبة تم نسبتها إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر "حفظه الله"، ثم تبعتها حملات إعلامية مغرضة ضد دولة قطر، ونشر مزاعم واتهامات باطلة لا تستند على أية أدلة أو براهين على أن دولة قطر تمول الإرهاب، مشيرا إلى أن كل ذلك يؤكد وجود نية سياسية مبيتة خلف القرصنة.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن دول الحصار أغلقت منذ اليوم الأول المجالات الجوية والبحرية والبرية مخالفة بذلك أحكام القانون الدولي وقواعد التجارة الدولية، والذي كان له تأثير سيء على حرية التجارة والاستثمار.. مشيرا إلى أن هذه الدول اتخذت العديد من الإجراءات غير المشروعة التي تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية، من بينها، حظر دخول المواطنين القطريين إلى أراضيها أو المرور عبرها، فضلا عن منع مواطنيها من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها.. لافتا إلى أن هذه الإجراءات أدت إلى تشتيت العديد من الأسر وأفرادها، لاسيما النساء والأطفال، وحرمان العديد من الطلاب القطريين من حقهم في مواصلة تعليمهم بالجامعات بعد طردهم منها، كما تأثرت العديد من الحقوق والحريات الأساسية الأخرى كالحق في العمل بالنسبة لمواطني دول الحصار الذين يعملون في قطر والذين تم إرغامهم على العودة إلى بلادهم، والحق في التملك، والتصرف بالملكية الخاصة، سواء بالنسبة للمواطنين القطريين في دول الحصار أو الخاصة بمواطني هذه الدول في قطر، وحرية التنقل، مضيفا أن هذه الانتهاكات لا تزال مستمرة.

ودعا سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لتجنب تحميل الشعوب الخلافات السياسية بين الحكومات، مضيفا أنه من الصعوبة بمكان فهم تحميل الشعوب ثمن هذه الخلافات.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن نطاق هذه الانتهاكات والأضرار لم يقتصر على الأفراد بل تجاوزها إلى الكيانات العاملة في المجال الإنساني، موضحا أن دول الحصار أصدرت فيما بينها قائمة مشتركة، معدة بصورة انفرادية، أدرجت فيها عدداً من الأفراد والكيانات ووصمتهم بالإرهابيين، مشيرا إلى أن هذه القائمة رفضت من الأمم المتحدة، لأنها تخالف الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، مضيفا أنها تضع عقبات تجاه تنفيذ العمل الإنساني والتنموي الذي تقوم به المنظمات العاملة في المجال الإنساني، والتي يتمتع بعضها بالصفة الاستشارية لدى الأمم المتحدة، كما أن لديها شراكات واسعة مع مختلف وكالات الأمم المتحدة المعنية.

وشدد سعادته على أن هذه الإجراءات غير المشروعة تفتح المجال أمام تسييس مصطلح "الإرهاب" وفقاً للمصالح الضيقة لبعض الدول، وتنذر بعواقب وخيمة على الأمن والاستقرار العالمي الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي أن يكون له موقف واضح وحازم لمواجهة المعايير المزدوجة المتعلقة بمصطلح الإرهاب.

وقال سعادة وزير الخارجية إن دول الحصار أمعنت في الاستمرار في مخالفة أحكام القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان وحاولت ، منذ بداية الأزمة، إخفاء الحقائق عن الرأي العام العالمي بما في ذلك مواطنوها، وقد سخرت كافة الوسائل في خدمة أهدافها السياسية ومن بينها حجب القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى داخل دولهم، كما تم توجيه ادعاءات واتهامات باطلة لا دليل عليها ولا سند لها بأن دولة قطر تدعم الإرهاب من أجل نشر مشاعر معادية لها، وشن حملات إعلامية بدول الحصار لبث خطاب الكراهية والتحريض ضدها، معربا عن أسفه لقيام رجال الدين والمؤسسات الدينية بدور في هذا الشأن ما يخالف القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية.

وأوضح سعادته أن بعض دول الحصار ذهبت أبعد من ذلك عندما أصدرت مراسيم وقوانين تعاقب بالسجن والغرامة الأشخاص الذين يعربون عن تعاطفهم مع دولة قطر أو عن اعتراضهم على التدابير التي اتخذتها حكوماتهم، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يمكن تسميته إلا إرهابًا فكرياً ويشكل انتهاكاً واضحاً وصارخاً للحق في حرية الرأي والتعبير، لافتا إلى أن هذا ما أكده المفوض السامي لحقوق الإنسان في بيانه الصادر بتاريخ 14 يونيو 2017.

وأكد سعادة وزير الخارجية أنه لم يعد يخفى على أحد أن الدوافع الحقيقية من وراء الحصار وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر ليست محاربة الإرهاب، موضحا أن سياسات هذه الدول بالمجمل لا تصب في مصلحة الحرب على الإرهاب على أقل تقدير، إنما هي محاولة لفرض الوصاية، والتدخل في السياسة الخارجية لدولة قطر وتقويض سيادتها، والتدخل في شؤونها الداخلية، مشيرا إلى أن ذلك يشكل انتهاكاً للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة في العلاقات بين الدول، الأمر الذي لن نقبله ولن تقبله أية دولة في العالم تتمتع بالاستقلالية والسيادة الكاملة.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن من يتهم خصومه - معارضيه السياسيين - في الداخل والخارج بالإرهاب لمجرد أنهم يعارضوه ليس جديا في مكافحة الإرهاب، ولا هو منشغل بها، وقد تولِّد سياساته بحد ذاتها التطرف العنيف.

وشدد سعادة وزير الخارجية على أن الإرهاب بكافة أشكاله وصوره يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وعلى رأسها الحق في الحياة والأمن.

وأكد سعادته على موقف دولة قطر الثابت برفض الإرهاب والأيديولوجيات التي تدعو إليه وتبرره وإدانته بكافة صوره وأشكاله ، ومهما كانت أسبابه ودوافعه، كما أكد على التزام دولة قطر بجميع الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب وتمويله، مذكرا بأنها عضو فاعل في التحالف الدولي لمحاربة "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى .

وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية أن دولة قطر حَرصت على اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز جهودها في مكافحة الإرهاب، وقامت بالتصدي للأسباب الجذرية لظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف من خلال دعم مشاريع التعليم وتعزيز قيم الحوار والتسامح الديني ونشر السلام وتوفير فرص عمل للشباب.

وأضاف سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أنه استكمالا لهذه الجهود ستستضيف الدوحة /الاجتماع السابع للصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المدنية ومساعدتها على الصمود ضد التطرف العنيف (GCERF)/، وذلك خلال شهر ديسمبر المقبل.

وأكد سعادته أن احترام حماية حقوق الإنسان تأتي على رأس الأولويات في دولة قطر إلى جانب التنمية البشرية بمفهومها الواسع، وذلك في ظل توافر الإرادة السياسية الراسخة لتعزيز وحماية هذه الحقوق.. مشيرا إلى أن ذلك أفضى إلى إنشاء منظومة تشريعية، وكيانات مؤسسية ،حكومية وغير حكومية، عملت على تحقيق تنمية شاملة محورها الإنسان.

وأوضح سعادة وزير الخارجية أن رؤية قطر الوطنية 2030 تضمنت مرتكزات تتناول بشكل رئيسي حقوق الإنسان، في مجالات شتى كالتعليم والصحة والبيئة وتمكين المرأة وحقوق الطفل.. مشيرا إلى أن استراتيجية التنمية الوطنية الأولى والثانية تسعى إلى تحويل أهداف هذه الرؤية إلى واقع ملموس، مضيفا انه نتيجة لذلك فإن دولة قطر تشهد حالياً نهضة شاملة في جميع المجالات، وتبوّأت مواقع متقدمة في المؤشرات الدولية المعنية بالتنمية البشرية واحتلت الصدارة في المنطقة العربية في موضوعات رئيسية كجودة التعليم، وتحسين الرعاية الصحية، ومعاملة ذوي الإعاقة، وقضايا المرأة والطفل، والاهتمام بالشباب، والرياضة، والثقافة، ومكافحة الفساد الإداري.

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن التصدي للتحديات التي تواجه تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم تفرض مقاربة شاملة لحماية هذه الحقوق من خلال التنفيذ الكامل والصحيح لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية، وعدم إفلات المجرمين من العقاب على المستوى الوطني أو الدولي.

وطالب سعادته المجتمع الدولي باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة في العديد من مناطق العالم، وبخاصة مرتكبو الجرائم ضد الإنسانية في فلسطين وسوريا وميانمار وغيرها من الدول الأخرى.

كما طالب مجلس حقوق الإنسان باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التي تعزز احترام مبادئ ومعايير حقوق الإنسان كمبادئ سامية يجب أن تحكم حياتنا ومجتمعاتنا، باعتبارها الضمان لاحترام الكرامة الإنسانية.