أمين عام وزارة الخارجية: قطر لن تدخر جهدا في المساعدة على الملاحقة القضائية للمسؤولين عن الجرائم بسوريا

news image

الدوحة – المكتب الإعلامي - 24 أبريل

أكد سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية أن دولة قطر لن تدخر جهداً للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للمسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة في سوريا من خلال مواصلة دعم الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. 

وأوضح سعادته في الاجتماع السنوي السابع للشبكة العالمية لنقاط الاتصال الوطنية بشأن المسؤولية عن الحماية الذي بدأ أعماله اليوم في الدوحة ويستمر يومين، أنه في ظل استمرار فشل وتقاعس المجتمع الدولي في إيجاد حل نهائي للأزمة السورية، يواصل النظام السوري تحديه لإرادة المجتمع الدولي والقيم الإنسانية ويصعد انتهاكاته الصارخة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. 

ولفت إلى أن المجازر البشعة التي ارتكبت في خان شيخون، تؤكد إصرار النظام السوري، الذي فقد شرعيته القانونية والأخلاقية، على ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وارتكاب الفظائع الجماعية ضد المدنيين السوريين العزل، واعتماد سياسة الحصار والتجويع والتهجير القسري والتغيير الديمغرافي واستخدام الأسلحة الكيميائية والعشوائية لدوافع واعتبارات يحظرها القانون الدولي، الأمر الذي يتطلب استجابة فاعلة على مستوى المسؤولية من المجتمع الدولي. 

وأشار في هذا الصدد إلى أن إِعمال مبدأ المسؤولية عن الحماية في الحالة السورية، ومساءلة المسؤولين ومرتكبي هذه الجرائم ضد المدنيين سيكون بمثابة رسالة لكل من ينتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقيم الإنسانية. 

وعبر سعادة الدكتور الحمادي عن تقدير دولة قطر للدور المهم الذي يضطلع به المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية، والجهود التي تقوم بها "مجموعة أصدقاء المسؤولية عن الحماية" ودورها البارز في التعريف بهذا المبدأ ونشره والترويج له. 

ولفت سعادته إلى أن الاجتماع السنوي السابع بشأن المسؤولية عن الحماية ينعقد في ظل ظروف غاية في الدقة والخطورة نتيجة انتشار النزاعات والحروب الأهلية في العديد من مناطق العالم، وما خلفته من مآس جماعية دامية، الأمر الذي تتزايد معه الحاجة إلى التحرك الدولي لحماية المدنيين ووضع حد للفظائع الجماعية الناجمة عن تلك النزاعات والسياسات الممنهجة التي تنتهك حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. 

ونوه الدكتور الحمادي في هذا الصدد إلى أن الصور المروعة لضحايا الهجوم الكيميائي على المدنيين الأبرياء في خان شيخون في سوريا خير دليل على هذه الانتهاكات والجرائم الجماعية البشعة، مشددا على أن حماية المدنيين من الجرائم الفظيعة هو مسؤولية فردية وجماعية للدول، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين. 

وأضاف أنه اذا كان المجتمع الدولي قد أجمع على أن مبدأ المسؤولية عن الحماية يهدف إلى التصدي لجرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية التي تتنافى مع القيم الإنسانية ويرفضها أي ضمير حي، فمن هذا المنطلق لا يجوز للمجتمع الدولي التغاضي أو السكوت عن هذه الجرائم مهما كانت الأسباب.

وشدد الأمين العام لوزارة الخارجية على أن التقاعس عن تنفيذ مبدأ المسؤولية عن الحماية أو الانتقائية في تنفيذه من قبل المجتمع الدولي قد فاقم المآسي الانسانية التي يتعرض لها المدنيون، وهو ما يجعل من تنفيذ مبدأ المسؤولية عن الحماية مسألة بالغة الأهمية لذلك فإن المجتمع الدولي اليوم أمام مسؤولية كبيرة للاضطلاع بالتزاماته القانونية والأخلاقية لحماية المدنيين المعرضين للجرائم الفظيعة. 

ولفت إلى أن التأييد الدولي الواسع لقرار الجمعية العامة بشأن مبدأ المسؤولية عن الحماية يؤكد إصرار وإرادة المجتمع الدولي على حماية المدنيين إلا أن ما يدعو للقلق أن ما تحقق على مستوى القانون الدولي لإعمال هذا المبدأ لم يساهم بعد في منع الجرائم الفظيعة والتصدي لها، حيث يزداد ارتكاب هذه الجرائم في أكثر من منطقة في العالم، لذا فإن وضع حد لتلك الجرائم وحماية مستقبل الإنسانية يتطلب التزاماً دولياً وتصميماً واضحاً نحو اتخاذ إجراءات فعالة ومتسقة. 

وأوضح الدكتور الحمادي أنه في مقدمة هذه الإجراءات إعمال مبدأ المسؤولية عن الحماية لمنع وقوع هذه الجرائم وضمان مساءلة مرتكبيها، وعدم إفلاتهم من العقاب لإعلاء العدالة وتعزيز القيم الإنسانية وسيادة القانون، وهو ما يعزز الأمن والسلام للشعوب واحترام المواثيق الدولية. 

وأضاف "في هذا الإطار فإن السبيل لمنع وقوع الفظائع الجماعية هو معالجة الأسباب الجذرية للأزمات والنزاعات، وتعزيز الحوار، وآليات المصالحة وتحقيق العدالة الانتقالية، وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة، ودمج الأقليات في العملية السياسية، وتوحيد الآليات الدولية لمعالجة الانتهاكات التي تتعرض لها الأقليات والفئات السياسية المهمشة، إضافة إلى تعزيز آليات الرصد والإنذار المبكر". 

وشدد في هذا الخصوص على أهمية معالجة الظروف والأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى استشراء ظاهرة التطرف العنيف والإرهاب، وذلك لكونها تتشابه من حيث النتائج مع الظروف والأسباب التي تُساهم في ارتكاب الجرائم الفظيعة. 

وأكد أن نظام الأمن الجماعي للبشرية الذي أرساه ميثاق الأمم المتحدة هو مسؤولية مشتركة لجميع الدول الأعضاء، ويعتبر حجراً أساسياً في النظام العالمي القائم اليوم، لكن كلنا يدرك أن نظام الأمن الجماعي هذا لا يعمل على الوجه الصحيح بسبب المعايير المزدوجة في مجلس الأمن بشأن معالجة قضايا الشعوب الأمر الذي يتطلب من مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية والتصدي لمنع وقوع الجرائم الفظيعة، والامتناع عن استخدام حق النقض في الحالات التي تنطوي على جرائم فظيعة. 

وجدد سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية التزام دولة قطر للدفع بتنفيذ مبادرة "مجموعة المساءلة والاتساق والشفافية" بشأن مدونة قواعد السلوك حول الإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن الدولي ضد الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وكذلك مبادرة تقييد استخدام حق الفيتو في مواجهة الفظائع الجماعية. 

ونوه إلى أنه من منطلق التزام دولة قطر بالقانون الدولي وسياستها الثابتة تجاه ضرورة إعمال مبدأ المسؤولية عن الحماية، فقد ساندت دولة قطر كافة الجهود الدولية بشأن وضع حد للانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية المدنيين في الدول التي تواجه نزاعات مسلحة، كما قدمت دولة قطر أشكال الدعم والإغاثة كافة للتخفيف من معاناة المدنيين وحمايتهم، بالإضافة إلى التعاون المستمر مع الشركاء على المستويين الإقليمي والدولي. 

وفي ختام كلمته دعا سعادة الدكتور الحمادي، جميع الدول إلى العمل سويا على تنفيذ مبدأ المسؤولية عن الحماية؛ لأن في ذلك الضمان لاحترام الكرامة الإنسانية وإعلاء الحق والعدالة باعتبارهما مبادئ سامية يجب أن تحكم الحياة والمجتمعات. 

من جانبه أشاد السيد إيفان سيمونوفيتش المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للمسؤولية عن الحماية، بجهود دولة قطر في مكافحة العنف والفظائع ضد المدنيين خاصة في منطقة الشرق الأوسط.. مشيرا إلى أن دولة قطر هي الأولى عربيا التي أقامت نقاط اتصال للمسؤولية عن الحماية، وهي الأولى في الشرق الأوسط التي تستضيف هذا الاجتماع الهام، كما استضافت الدوحة ورشة عمل خليجية ركزت على موضوع المسؤولية عن الحماية والإفلات من العقاب. 

وأكد على ضرورة تواصل نقاط المسؤولية عن الحماية حول العالم لحماية المدنيين والناس والمشاركة في تبني آليات واتخاذ إجراءات لمنع هذه الفظائع والجرائم ضد الإنسانية في الشرق الأوسط. 

ودعا إلى استخدام جميع الوسائل الممكنة لتشجيع الدول كافة على إنشاء نقاط اتصال لمنع الفظائع وتقوية البنية الداخلية للدول من خلال تشريع قوانين رادعة وتوعية المجتمع ونشر ثقافة السلام والمساءلة بين الجميع، إضافة إلى العمل على التعاون الثنائي والإقليمي والدولي بين الدول كافة على مواجهة العنف والجرائم ضد الإنسانية. 

وأوضح السيد إيفان سيمونوفيتش أهمية نقاط الاتصال في المراجعات العملية للقوانين والتحضير وإعداد التقارير والمشاركة في تنفيذ التوصيات المتعلقة بمنع الفظائع وتقييمها، مع تصميم حزم من التشريعات والقوانين الوطنية لبناء قدرات الدول لمنع مثل هذه الأعمال. 

ولفت إلى تبني إسبانيا لفكرة وضع دليل إرشادي لنقاط الاتصال يكون مرجعية لكيفية التعامل بين نقاط الاتصال المنتشرة حول العالم ومساعدتها في القيام بدورها الصعب، مشيرا إلى أن هذا الدليل يجب أن يتضمن توجيهات للتوصل إلى نتائج نهائية تصب في صالح حماية الشعوب واستقرارها ووقايتها من أي أخطار محتملة. 

وشدد على أن سوريا هي الجرح المفتوح في جسد العالم، وتعبر بجلاء عن الفشل في وقف نزيف الدماء والتوصل إلى حلول تحمي المدنيين، وتنفيذ مبادئ الوقاية والمساءلة والعقاب، منوها بأن الوضع هناك أثر سلبا على داخل وخارج سوريا، فالإرهاب المتمثل في تنظيم "داعش" لا يزال يعمل واللاجئون مستمرون في التدفق إلى أوروبا والدول المجاورة. 

وأكد المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للمسؤولية عن الحماية، أهمية هذا الاجتماع لدفع المسؤولية عن الحماية قدما ولاستمرار شبكة نقاط الاتصال في التفاعل والتواصل لتعزيز الجهود المبذولة وتحسينها في منع الفظائع والجرائم الإنسانية حول العالم. 

من جهته، أعرب السيد فبريسيو هوتشيلد، مساعد الأمين العام للتنسيق الاستراتيجي بالمكتب التنفيذي للأمم المتحدة عن تطلع الأمانة العامة للمنظمة الدولية إلى نتائج مناقشات اجتماع الدوحة.. لافتا إلى أن التوصيات وحدها لا تكفي خاصة وأن الفظائع تتزايد يومياً، مؤكدا ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين في دول مثل سوريا واليمن وجنوب السودان وغيرها. 

وأوضح أنه رغم تحقق الكثير من التقدم في حماية المدنيين من خلال نشر الوعي وتطبيق قوانين الحماية المدنية ونشر بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، إلا أن هذه الجهود لم تحقق ما نصبو إليه. 

وشدد على ضرورة اتخاذ خطوات استباقية للوقاية من الفظائع وبذل جهود أكبر في مجال حقوق الإنسان والتنمية ووضع إطار عمل يتم من خلاله حماية الشعوب. إضافة إلى إزالة أسباب النزاعات وإقصاء الآخر مع بناء الثقافات وإيجاد الحلول وتفعيل المساءلة والعقاب مع معالجة أسباب الانتهاكات ومظاهرها من خلال خطوات سريعة وكذلك معرفة الظروف المؤدية للنزاعات ومعالجتها مبكرا، مع إقامة علاقات قوية مع الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين وإيجاد إرادة سياسية قوية لتحقيق ذلك. 

وأشار إلى أن الأعمال الوقائية تكون محدودة التأثير حين تتنامى الأزمات والنزاعات، حيث تكون الوقاية أمرا صعباً، معربا عن تطلعه إلى خروج اجتماع الدوحة بتوصيات وقرارات تلبي الطموح، وتدعم رؤية الأمين العام للأمم المتحدة لاتخاذ تدابير وقائية مبكرة، ومعالجة الإقصاء الذي يعد سبباً رئيسياً لمعاناة الشعوب. 

من جانبه أشار السيد سيمون آدمز، المدير التنفيذي للمركز العالمي للمسؤولية عن الحماية إلى وجود 65 مليون شخص نازح في العالم بسبب أعمال الاضطهاد والقتل، وأن القانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان باتت عرضة لانتهاكات عديدة بمختلف مناطق العالم. 

وقال إن 80 بالمائة من الموارد العالمية تنفق لعلاج المآسي التي تتسبب فيها الصراعات والحروب التي يشهدها العالم. 

وتابع بأن القضية السورية أساءت لسمعة الأمم المتحدة أكثر من الفظائع التي شهدتها بقية الصراعات في العالم، لافتاً إلى أن ما يحدث هناك يؤكد الحاجة الملحة لإصلاح مجلس الأمن الدولي. 

وشدد على أهمية الوقاية وزيادة قدرات الأمم المتحدة في وقف النزاعات المسلحة وحفظ السلام والحماية عن طريق تطوير القدرات، ونشر بعثات حفظ السلام وسد الفجوة بين موارد المنظمة والعمليات العسكرية على الأرض، منوها بضرورة مراعاة الفارق الزمني بين الموافقات على القرارات في مجلس الأمن ومجريات الأحداث على الأرض في مواقع النزاع. 

وأضاف بضرورة مواجهة ظاهرة الإفلات من العقاب عن طريق تعزيز قوانين المساءلة وردع مرتكبي الجرائم من خلال الآليات الوطنية وقرارات الأمم المتحدة والمزيد من بنود القانون الدولي. 

وأكد آدمز أن الإنسان والأفكار جوهر الحديث في المسؤولية عن الحماية، لذا يجب على الجميع الدفاع عنهما وتوجيه رسالة للشعوب مفادها أن مرتكب الفظائع سيبقى مطاردا ومطلوبا للعدالة والمقاضاة والمساءلة، وأن النجاح أو الفشل في ذلك يرتبط بالإجراءات وليس بالقوانين. 

ولفت إلى حدوث تطور إيجابي بفضل وجود قبول عالمي بين كل الدول لمفهوم مسؤولية الدول في توفير الحماية الاجتماعية لمواطنيها من التطهير العرقي، موازاة مع إصدار مجلس الأمن الدولي 51 قراراً لوقف الفظائع في السودان، ومناطق أخرى. وأن 40 دولة وقعت على مبادئ الحماية الوطنية. 

وفي تصريح صحفي على هامش الاجتماع، قال الدكتور مطلق القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة لحل النزاعات إنه لا شك أن الظروف الأخيرة التي تمر بها المنطقة في الآونة الأخيرة، وعلى وجه الخصوص الوحشية التي يرتكبها النظام السوري، بالإضافة إلى بعض الصراعات الأخرى، تستدعي أن يكون لنا موقف واضح منها. 

وأوضح أن اجتماع الدوحة لا يركز فقط على المسؤولية عن حماية المدنيين، ولكن أيضا التركيز على محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الوحشية، سواء من خلال أجهزة الأمم المتحدة، أو الأجهزة القضائية الأخرى في العالم. 

وأشار إلى أن مجلس الأمن ليس الآلية الوحيدة التي يمكن من خلالها أن نلاحق بها مجرمي الحرب، ومرتكبي هذه الجرائم، بل هناك وسائل أخرى يمكن أن نلجأ إليها، حيث قمنا في السابق ببعض التحركات في الجمعية العامة، وأيضا من خلال جهودنا في أماكن أخرى. 

وقال "إننا لا نتحدث فقط عن الوضع في سوريا، بل أيضا عن مناطق الصراع الأخرى، وكذلك الموضوعات التي تتعلق بالإرهاب والتطرف العنيف، وغيرها من المسائل التي يترتب عليها نوع من الالتزام بحماية المدنيين من الانتهاكات".