حلقة دراسية بالأمم المتحدة حول "دور الأسرة في حماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات" بمشاركة قطرية

جنيف/المكتب الإعلامي/24 فبراير 2017
نظم مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حلقة دراسية بعنوان "أثر تنفيذ الدول التزاماتها بموجب أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحماية الأسرة، على دور الأسرة في دعم حماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، وذلك وفقاً لقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 32/23، والذي شاركت في تقديمه دولة قطر بصفتها عضواً في "مجموعة أصدقاء الأسرة" في الأمم المتحدة بجنيف.
وقدمت سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني المبعوث الخاص للأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون الإنسانية الملاحظات الافتتاحية خلال الحلقة الدراسية، وذلك من خلال رسالة مرئية عبر "الفيديو"، وقالت إنه "بات من الصعب حاليا، وفي ظروف طبيعية توفير الدعم للأسر التي لديها أفراد أو أطفال ذوي إعاقات، وأنه في معظم الدول النامية يضاف إلى العبء المعنوي والمادي الملقى على عاتق الأسرة، السلوك الاجتماعي السلبي الذي يؤدي إلى التمييز والعزل لذوي الإعاقة".
وأضافت أن "من واجبات مهمتها كمبعوث جامعة الدول العربية للشؤون الإنسانية، التعامل مع كل هذه القضايا في ظروف إنسانية شديدة الصعوبة وبائسة.. إننا نواجه في هذا الوقت كارثة إنسانية هائلة، وليست محدودة جغرافيا، حيث يسعى عدد كبير من سكان دول عربية وأفريقية وآسيوية للجوء إلى الدول المتقدمة هربا من دول منهارة اقتصاديا أو دمرتها الحروب".
وأوضحت أن الوضع العالمي اليوم دفع الجهات العاملة في مجال الإغاثة للانتقال من نمط التنمية الموزون والمدروس الذي يشمل رفع الوعي والدعوة إلى تغيير السلوكيات والسياسات لصالح الأشخاص ذوي الإعاقات وأسرهم، إلى نمط المساعدات والإغاثة الإنسانية العاجلة، لأنه عندما توافق حكومات الدول المتقدمة على استقبال بضعة آلاف من الأسر اللاجئة ثم تضع شروطا تحظر أسر الأطفال ذوي الإعاقات من الدخول، "فإننا لا نملك الوقت أو الرفاهية لإطلاق حملات توعية ومناصرة عامة، ويصبح التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقات على هذا الصعيد أمرا مقبولا في الوقت الحالي لأننا في وقت حرج ووضع متأزم".
وقالت سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني، المبعوث الخاص للأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون الإنسانية "إننا وفي مواجهتنا لهذه المسؤولية الإنسانية الكبيرة وإدراكنا لعجزنا على التأثير على أي تغيير سياسي قادر على تحقيق السلام، فإنه يبقى لنا محاولة حماية والحفاظ على سلامة الأسر، وصون وتعزيز، ليس حقوقها الأساسية فحسب، وإنما إنسانيتها".. مشيرة إلى أنه على الرغم من أنه في الوقت الحالي أصبح هناك وعي متزايد بأن حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات وتوفير الدعم لأسرهم ليست مزايا تشكل معاملة خاصة، وإنما هي سبل لتأسيس مساواة بين أعضاء المجتمع الواحد، إلا أنه يجب الاعتراف بأن قضايا الأشخاص ذوي الإعاقات في أوقات الأزمات والكوارث لم تمنح اهتماما خاصا، وما يزيد من صعوبة الأمر أن الالتزامات المعنوية والقانونية لتحقيق تكافؤ الفرص وصون وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات في أوقات الطوارئ واللجوء تشكل عبئا كبيرا على الأسر، والمجتمعات والحكومات.
وأضافت "حتى في الوقت الذي ندرك فيه بأن الحروب والنزاعات المسلحة، والنزوح، واللجوء، والفقر والحرمان الناجمين عن ذلك كلها أمور تؤدي إلى تفاقم الإعاقات، فإن هذه الظروف بعينها هي التي تتحول إلى عوائق أمام توفير الخدمات اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقات".
وقالت سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية لشؤون الإغاثة الإنسانية إن "الإعاقات الجسدية، وبغض النظر إن كانت خلقية أو وراثية أو نتيجة مرض أو ناجمة عن إصابة من نزاع مسلح، تتلقى العناية الطبية اللازمة، وفي العديد من الحالات، الأجهزة المساندة المناسبة بفضل جهود الهلال الأحمر والصليب الأحمر بالتعاون مع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقات.. أما الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية وعلى الرغم من وجود الوعي باحتياجاتهم، إلا أنهم لا يحصلون على الخدمات الأساسية وفرص التنمية بشكل دائم"، مضيفة أنه مع ذلك، هناك التقدم ملحوظ في هذا المجال تقوده منظمات الإعاقة في الدول المستضيفة للاجئين.
وأشارت إلى أنه على الرغم من كل الصعوبات والمعوقات تحاول الوكالات الإنسانية والإغاثية تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات وأسرهم بطريقة أكثر منهجية، فعلى المستوى الطبي، أصبحت الخدمات أكثر تكاملا، وأدت التحويلات إلى المنظمات غير الحكومية المتخصصة إلى حصول استجابات ملائمة، موضحة أن آلية تسجيل وتوثيق الأشخاص ذوي الإعاقات، وبالأخص الأطفال وكبار السن تتطور وتتحسن في بعض مخيمات اللاجئين، ولكن هناك عدد كبير من اللاجئين غير المسجلين لا يمكنهم الوصول للخدمات.
وبينت سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني أن هناك أيضا وعي أكبر بين اللاجئين أنفسهم ومنظمات الإغاثة حول الحاجة للخدمات العلاجية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، حيث قدمت "شبكات المعلومات الإقليمية المتكاملة" تقريرا في يناير من هذا العام حول مشكلة الصحة النفسية المتزايدة في العراق، أظهر أنه على الرغم من النقص في مضادات الاكتئاب والأدوية المماثلة، فإن الأشخاص يطلبون الاستشارة والفرصة من أجل "التحدث فقط" حول تجاربهم، وعلى نحو مماثل، تتوفر في لبنان وتركيا خدمات العلاج الترفيهية والمهنية والفنية وبشكل خاص للأطفال الذين تعرضوا للصدمات، كما تشارك النساء في حلقات تطريز وخياطة حيث يتحدثن مع بعضهن حول تجاربهن في حضور اختصاصية اجتماعية أو معالجة نفسية مؤهلة.
واختتمت بالقول "علينا كمجتمع دولي، على أقل تقدير، أن نساعد في ضمان استمرار عمل المنظمات الإغاثية، وتقديم الدعم للدول المستضيفة للاجئين لتوسيع نطاق تقديم الخدمات، خاصة أن معظم الدول المستضيفة للاجئين لا تستطيع توفير الدعم الكافي لأسر الأشخاص ذوي الإعاقات بهدف حماية حقوقهم على الصعيد الوطني، لذلك فمسؤوليتنا هي دعم ومساندة حكومات الدول المستضيفة والمنظمات العاملة فيها لضمان استمرار تقديم وتحسين الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقات وتوفير الدعم لأسرهم، وهذا أقل شكل من أشكال الحماية لحقوقهم في هذه الظروف الصعبة، أما في حال الدول المتقدمة التي لا تحتاج إلى دعم مادي من المجتمع الدولي، يجب أن تركز حملات رفع الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقات على الآليات والاتفاقيات الدولية من أجل التصدي للقرارات الحكومية التي تجعل التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقات وأسرهم أمرا مقبولا في ظل هذه الظروف".
من جانبها، قالت الآنسة نور إبراهيم السادة، السكرتير الثاني للبعثة الدائمة لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إن "دولة قطر تؤمن إيمانا راسخا بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعالج هذه الحقوق انطلاقاً من نهج دستوري وتشريعي على حد سواء، حيث ينص الدستور على طائفة واسعة من الضمانات لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الاندماج في المجتمع والمشاركة في جميع مناحي الحياة على قدم المساواة مع باقي أفراد المجتمع".
وأشادت الآنسة نور إبراهيم السادة، خلال مداخلتها، بتنظيم هذه الحلقة الدراسية التي تكتسي أهمية متعددة الأبعاد بالنسبة لدولة قطر بوصفها عضواً في كلِّ من "مجموعة أصدقاء حماية الأسرة"، و"مجموعة أصدقاء ذوي الإعاقة" في جنيف.. مبينة أن هناك ارتياحاً لتزايد اعتراف مختلف أجهزة وآليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بدور الأسرة في دعم تعزيز وحماية حقوق جميع أعضائها، وليس الأشخاص ذوي الإعاقة فحسب، ومعالجتها لهذا الموضوع.
كما تطرقت إلى ما تضمنته كلمة المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من الإشارة بإسهاب في تقريرها السنوي المزمع تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته القادمة، إلى الأدوار المتعددة التي تلعبها الأسر في هذا الصدد، قائلة إن "هذا ليس من محض الصدف، فالأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، تساهم بشكل كبير في تمتع جميع الأفراد بحقوق الإنسان".
واختتمت السكرتير الثاني للبعثة الدائمة لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف مداخلتها بدعوة جميع آليات حقوق الإنسان، خاصة المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة، للنظر في إدماج المنظور الأسري في عملهم، والحرص على التركيز على مساهمة الأسرة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، كموضوع قائم بذاته، في تقاريرهم السنوية القادمة.
وقد شهدت الحلقة الدراسية حضور ممثلين للدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، ومنظمات غير حكومية ومؤسسات دولية ذات صلة.