بدء أعمال الورشة رفيعة المستوى حول دور مجلس التعاون في الاستجابة للانتهاكات الجسيمة

news image

 الدوحة/المكتب الإعلامي/ 23 يناير 2017
بدأت اليوم أعمال الورشة رفيعة المستوى حول "المسؤولية عن الحماية ودور مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الاستجابة للانتهاكات الجسيمة" والتي تنظمها وزارة الخارجية بالتعاون مع المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية، وتستمر يومين.

تأتي هذه الورشة استكمالا للاجتماع الودي الذي عقد لرؤساء البعثات الدبلوماسية الخليجية المعتمدة والمقيمة في سول بكوريا في شهر يونيو الماضي، على هامش الاجتماع السادس لنقاط الاتصال الوطنية لمبدأ المسؤولية الاجتماعية.

وفي كلمته الافتتاحية لأعمال هذه الورشة، أوضح سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية أن الأوضاع المضطربة في المنطقة العربية ولا سيما اليمن والعراق وسوريا وتنامي الجماعات المسلحة والمتطرفة، تؤكد الحاجة أكثر من أي وقت مضى لتكاتف المجتمع الدولي لحماية المدنيين، مشيرا إلى أن هذه الورشة تأتي في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية في ظل تزايد النزاعات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي والتي تعصف بحياة الملايين من الناس.

ونوه سعادته بأن ما يدعو للقلق أن ما تحقق على المستوى القانوني الدولي لتنفيذ مبدأ المسؤولية عن الحماية لم يسهم في منع الجرائم والتصدي لها، حيث يستمر ارتكاب الجرائم الفظيعة ونطاقها بل وتزايد وتيرتها في أكثر من منطقة في العالم، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع الخطير ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات أكثر تصميما واتساقا للوفاء بمسؤوليته عن حماية المدنيين.

وأكد أن حماية السكان من الجرائم الفظيعة تستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وإلى أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين لذلك فإن المجتمع الدولي أمامه مسؤولية كبيرة لتنفيذ التزاماته بموجب القانون الدولي، وأن على مجلس الأمن بحكم ولايته بموجب الميثاق مسؤولية خاصة لمنع الجرائم الفظيعة وينبغي الاضطلاع بهذه المسؤولية من خلال الامتناع عن استخدام حق النقض "فيتو" في الحالات التي تنطوي على جرائم فظيعة.

وأوضح أن هذا ما تضمنته مبادرة مجموعة المساءلة والاتساق والشفافية بشأن مدونة السلوك حول الإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن ضد الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتي تحظى الآن بدعم عدد كبير من الدول الأعضاء، وكذلك المبادرة الرامية إلى تقييد استخدام الفيتو في مواجهة الفظائع الجماعية.

وأشاد الأمين العام لوزارة الخارجية بالتزام دول الخليج العربية بأحكام القانون الدولي وجهودها المستمرة لوضع حد للانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك سياستها بالعمل والتعاون مع الشركاء في المجموعة الدولية لتعزيز السلم والأمن الدوليين بما يتوافق مع مبدأ المسؤولية عن الحماية.

وأضاف أنه من هذا المنطلق فإنها ساندت جميع الجهود الدولية لحماية المدنيين في الدول التي تواجه نزاعات مسلحة في المنطقة، وقدمت كل أشكال الدعم والإغاثة للتخفيف من معاناة المدنيين وحمايتهم.

وأشار سعادته إلى أنه في هذا الإطار واستجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي الرئيس الشرعي لليمن والتزاما باحترام القانون الدولي، لم تتوان الدول الخليجية عن مساعدة الأشقاء في اليمن وحمايتهم من الانتهاكات التي يتعرضون لها من مليشيا الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وذلك عملا بأحكام الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على دور التنظيمات الإقليمية في حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما سعت الدول الخليجية إلى تقديم كل ما من شأنه التخفيف من الأزمة الإنسانية التي ألمت بالمدنيين في اليمن الشقيق.

وشدد سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي على أن السبيل الوحيد لمنع وقوع الفظائع والجرائم ضد الإنسانية هو معالجة الأسباب الجذرية للأزمات وتعزيز الحوار وإصلاح القطاع الأمني وآليات المصالحة وتحقيق العدالة الانتقالية وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة ودمج الأقليات في العملية السياسية وتوحيد الآليات الدولية لمعالجة الانتهاكات التي تتعرض لها الأقليات، إضافة إلى تعزيز آليات الرصد والإنذار المبكر.

وأكد سعادته أن تفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية يسهم في تحقيق الاستقرار والأمن لا سيما في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة، وذلك من خلال منع الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي يمكن أن تكون مؤشرا لحدوث جرائم خطيرة بحق المدنيين، كما يسهم في تفعيل هذا المبدأ في الحد من ظواهر النزوح واللجوء الجماعي للمدنيين الفارين من الجرائم الوحشية التي ترتكب في مناطق النزاع.

ولفت سعادته إلى أن الأزمة السورية قاربت من دخول عامها السابع ولا يمكننا كدول أعضاء في الأمم المتحدة الوقوف مكتوفي الأيدي أمام قتل وتشريد وتهجير الشعب السوري في ظل تقاعس مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته واستمرار استخدام حق النقض الفيتو بدون قيود.

وأكد أنه آن الأوان لتفعيل الآليات التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة ومنها دور الجمعية العامة في حفظ السلم والأمن الدوليين وتعزيز دور التنظيمات الإقليمية ودون الإقليمية الأخرى لتحقيق الأهداف التي تنشدها الأمم المتحدة.

وفي ختام كلمته عبر سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية عن تقديره للدور الذي يقوم به المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية، وخاصة في تنظيم هذه الورشة، متمنيا لأعمالها النجاح.

من جانبه، أوضح الدكتور سايمون آدمز المدير التنفيذي للمركز العالمي للمسؤولية عن الحماية أن دولة قطر كانت من أولى الدول التي انضمت إلى الشبكة العالمية للمسؤولية عن الحماية، مؤكدا على دور مجموعات السلام الإقليمية والدولية في منع الجرائم الفظيعة والانتهاكات الجسيمة في مختلف مناطق العالم.

وفرَّق سايمون بين التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة واتخاذ التدابير اللازمة للاستجابة لوقف الانتهاكات الجسيمة فيها، مشيرا إلى دور مجلس الأمن الدولي في مكافحة هذه الجرائم على المستوى المؤسسي ومن خلال تفويضات مجموعات السلام الإقليمية والدولية.

وشدد على أن مسؤولية حماية الشعوب من المجازر والفظائع الإنسانية، يجب أن تكون مبدأ عالميا تنضم إليه كل الدول، لأنها جميعا مسؤولة عن الفظائع المنتشرة في عالمنا اليوم.

ولفت إلى أن هناك 65 مليون شخصا يعانون من النزوح القسري من سوريا والعراق وجنوب السودان وغيرها، وأن ما ضاعف العدد في السنوات الماضية (رغم تراجع النزاعات بين الدول منذ العام 2007) هو زيادة النزاعات داخل الدولة الواحدة بالموازاة مع ظهور جماعات مسلحة، مثل تنظيم "داعش" مما جعل النظام العالمي يتقهقر كثيرا.

وأوضح أنه للتعاطي مع هذه التحديات، يجب على المجتمع الدولي حماية حقوق الإنسان ودعم العدالة الدولية وإعادة اللحمة في المجتمع ومعالجة الانقسام الواضح في مجلس الأمن حول المسائل المتعلقة بالقرارات التي تم إصدارها لحماية الشعوب من المجازر والفظائع، مضيفا أن مجلس الأمن الدولي شهد أكبر فشل دبلوماسي له في التعاطي مع الأزمة السورية، بسبب عجزه عن حماية المدنيين أو حماية القانون الدولي الإنساني من الانتهاك هناك.

وخلص سايمون إلى أنه لا بد من جسر الهوة بين الأفكار والمفاهيم وما يحدث على الأرض إضافة إلى تعزيز التعاون والتفاعل بين دول مجلس التعاون أكثر من أي وقت مضى لاحتواء ما يحيط بالمنطقة من أزمات ولمواجهة الجرائم ضد الإنسانية التي تشهدها المنطقة والتي أدت إلى تقويض الشرعية الدولية ومصداقية الأمم المتحدة مع تفعيل مبدأ محاسبة المسئولين عن ارتكاب المجاوز الإنسانية والفظائع في سوريا وغيرها من دول العالم.

من ناحية أخرى، أشاد السيد أداما دينج، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، بدور قطر في دعم جهود المجتمع الدولي لمنع ارتكاب الفظائع الجماعية، مشيرا إلى أن دولة قطر تضطلع بدور عالمي لتنفيذ أجندة مسؤولية الحماية من خلال تقديمها مساهمات ومساعدات في العديد من بقاع العالم كان آخرها في جامبيا مما ساهم في تعزيز الأمن والاستقرار بها كما أن قطر داعم مهم للأمم المتحدة في الجهود المعنية بوقف جرائم العنف والإبادة الجماعية.

وأكد دينج أن مكافحة التطرف ومنع ارتكاب الجرائم الجماعية يتطلب تقييم الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعزز ارتكاب العنف وتؤدي للجرائم ضد الإنسانية إضافة إلى العمل على جميع المستويات، لاسيما الاهتمام بالشباب ومن يؤثر عليهم من رجال الدين والقادة، لمنع ومكافحة التطرف بالفكر، وكذلك تحويل الأفكار إلى خطط وأعمال على الأرض لمساعدة الشباب على رسم مستقبلهم مع التشديد على مبدأ المحاسبة كونها الركن الأساسي لبناء المستقبل خاصة وأن غياب المحاسبة يؤدي لنتائج كارثية على المستويات كافة. 

يذكر أن الورشة (التي تهدف إلى زيادة الوعي والتنسيق في المواقف الخليجية وعلى المستويين الوطني والإقليمي) تناقش في جلساتها آليات "تطبيق المسؤولية عن الحماية في سوريا" وتحديد الخطوات اللازمة لمعالجة التحديات التي تواجه هذا التطبيق وإيجاد وسائل لإنهاء الأعمال الوحشية وكيف يستطيع مجلس التعاون الخليجي وقف العدائيات وتحقيق الانتقال السياسي هناك.

وتناقش جلسة أخرى "المسؤولية عن الحماية ومكافحة التطرف العنيف" كيف تزيد دول المجلس تعاونها في مكافحة التطرف العنيف وما الخطوات التي تتخذها الدول الأعضاء لمساعدة دول العالم على تحمل مسؤولياتها عن الحماية بمنع التطرف العنيف والتحريض على ارتكاب الأعمال الوحشية.

وفي جلسة "المحاسبة كأداة لمنع الأعمال الوحشية" يناقش المشاركون في الورشة سبل منع الإفلات من العقاب وضمان إنصاف جميع ضحايا الأعمال الوحشية في المنطقة بما في ذلك مناقشة المبادرات التي اقترحت مؤخرا حول الأمم المتحدة وإنصاف ضحايا داعش في العراق.

وخلال اليوم الثاني يناقش المشاركون "المساعدات الإنسانية والمسؤولية عن الحماية" من خلال الدور الكبير الذي يلعبه مجلس التعاون الخليجي في تقديم المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها للضحايا من المدنيين في سوريا والعراق واليمن والأراضي الفلسطينية المحتلة وكذلك تستكشف الجلسة العلاقة التبادلية بين المسؤولية عن الحماية والعون الإنساني وحماية اللاجئين وإعادة بناء المجتمعات المتصدعة.

أما جلسة "مجلس التعاون الخليجي ومستقبل المسؤولية عن الحماية" فتستكشف القضايا الرئيسية التي ظهرت في الورشة وكيف يمكن تطبيقها بصورة إيجابية من قبل دول مجلس التعاون الخليجي على الأزمات الحالية في سوريا والعراق واليمن وليبيا والأراضي الفلسطينية المحتلة وأماكن أخرى.