سعادة وزير الخارجية يؤكد عمق العلاقات بين قطر وإيطاليا

news image
نابولي/المكتب الإعلامي/ 15 نوفمبر 2014/ أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية عمق الشراكة بين دولة قطر وإيطاليا، مشددا على أن الدولتين أقامتا علاقات ثنائية شاملة وناجحة ومثمرة خلال العقود الماضية. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية في أكاديمية إيرونوتيكا (الأكاديمية الجوية الإيطالية). وقال سعادة الدكتور العطية في كلمته "إن أكاديمية القوات الجوية الإيطالية منذ تأسيسها في عام 1923 ظلت تدرب أجيالا متعاقبة من أفضل الجنود وتزودهم بالمهارات والمعارف والقدرات التي تمكنهم من أداء مهامهم المستقبلية على أكمل وجه"... مضيفا " عندما أنظر إليكم أشعر بالثقة في مستقبل إيطاليا وأيضا بالإحساس بقرب تحقيق المزيد من فرص السلام والأمن في العالم للجميع، وأرى أمامي رجالا ونساء يتسمون بالذكاء ومستعدين لتقديم أرواحهم فداء لقضية كبرى بكل شجاعة وإيمان". ولفت سعادته إلى أنه يتذكر أيضا تجربته الشخصية في القوات الجوية التي كانت بلا شك واحدة من أكثر التجارب إلهاما وثراء في حياته المهنية والخاصة. وقال "لذا لا أملك إلا أن أتخيل ما تتمتعون به من شجاعة بانضمامكم إلى هذا الصرح العتيد، ولكن مع بداية عام جديد هنا في بوتسولي آمل أيضا أن تستشعروا جسامة الدور المنوط بكم. وأنا أستحضر دائما المسؤوليات الجسام التي سوف تجدونها أمامكم ، مسؤوليات الجندي الحديث.. في وقت يعج بالكثير من التحديات والاضطرابات والشكوك. أنا أدرك أنه بعد هذه الفعالية سوف نجتمع لنتذكر ضحايا حادثة جيميليانو دي فيناروتا المأساوية". وتابع "مشاعرنا مع أسر هؤلاء الطيارين المخلصين وللمؤسسة الشجاعة التي ينتمون إليها. وهي المؤسسة التي أنتجت طيارين متميزين مثل فاوستو تشيكوني الذي رحل أيضا وهو في ريعان شبابه"، مشيرا إلى أنه بينما نكرم هؤلاء الأبطال اليوم دعونا أيضا نحتفل بالخدمات الجليلة التي قدمتها القوات الجوية الإيطالية التي أخلص لها هؤلاء الرجال. وأوضح سعادته قائلا " بحكم أني طيار مقاتل سابق أشعر برباط قوي معكم هنا، وبالطبع مع الذين رحلوا وهم يؤدون واجبهم"، معربا عن اعتقاده ان القوات المسلحة التي تتحمل العبء الأكبر في أوقات الحرب والاضطراب تستحق منا الشكر والاحترام والتقدير، لافتا إلى ان هذا ينطبق بصفة خاصة على القطاع الذي تمثلونه من القوات المسلحة والذي درب أفضل الرجال والنساء الذين عرفتهم . فدور وأهمية القوات الجوية لا يمكن ببساطة إغفاله. وقال سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية " إن الشراكة القائمة بين جمهورية إيطاليا ودولة قطر ليست فقط تاريخية .. بل أيضا عميقة ومتينة ، فقد أقامتا علاقات ثنائية شاملة وناجحة ومثمرة خلال العقود الماضية".. مشيرا إلى أن هذه الشراكة تشمل عدة مجالات هامة وجميعها يتطور ويتوسع. وذكر سعادته أن حجم التبادل التجاري بين البلدين نما بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، الأمر الذي جعل إيطاليا واحدة من أكبر خمس دول في العالم تزود قطر بالسلع والخدمات، لافتا إلى أن مشروعات البنية التحتية الكبرى مثل: مترو الدوحة وميناء الدوحة الجديد وتوفير المعدات الصناعية لهذه المشروعات ساهمت كثيرا في رفع حجم الواردات من بلدكم إلى مستويات قياسية. كما أوضح أنه بنفس القدر وصلت صادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى إيطاليا إلى مستويات غير مسبوقة وساهمت في تقوية شراكتنا الاستراتيجية في مجال الطاقة، مضيفا أنه لابد من الإشارة إلى روفيجو المنصة الأدرياتيكية التي تعتبر أول منشأة بحرية في العالم وتجسد متانة العلاقات القائمة بين قطر وإيطاليا. وأكد تطلعه الى استمرار التعاون التجاري بين قطر وإيطاليا مع التخطيط لتنفيذ مشروعات كبرى في قطاع البناء والبنية التحتية استعدادا لاستضافة نهائيات كأس العلم لكرة القدم في قطر عام 2022. وأشار سعادة وزير الخارجية إلى امتداد العلاقات الثنائية في مجال التعليم والعلوم والتكنولوجيا حيث تشمل مجالات التعاون الوثيق في هذا القطاع دراسات البيئة والصحة والأبحاث في مجال التكنولوجيا الحيوية والاتصالات ووسائل الإعلام وعلوم الطيران والتعليم بصفة عامة، موضحا أنه خلال الأسبوع الماضي فقط استضافت قطر مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) الذي شارك فيه بنشاط ملحوظ العديد من المختصين في التعليم ورواد الأعمال والمبدعين الإيطاليين. كما ذكر سعادته أن التعاون المتميز في المجال الثقافي جعل العلاقات الثنائية أكثر ثراء حيث أكد في هذا الصدد أنه خلال العشر سنوات الماضية ساهمت العديد من الفعاليات التي أقيمت في الدوحة في عرض التقاليد الثقافية الإيطالية الراقية والغنية، كما ساعدت هذه الاحتفالات كثيرا في إقامة حوار ذي معنى بين شعبينا على أسس متينة من الاحترام والتفاهم المتبادل. وأضاف سعادته " الآن أكثر من أي وقت آخر هو الوقت المناسب لنا للتقارب أكثر مما كنا عليه لأن عالم اليوم قد أصبح أكثر تقلبا وتعقيدا، ويعاني من وجود أيديولوجيات لا تشاركنا نفس التطلعات إلى الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية". وتابع " ولكن لحسن الحظ إن تعاوننا السياسي قد أظهر عبر السنين إلى أي مدى نستطيع أن ننجح في سعينا لتحقيق أهدافنا المشتركة"..مضيفا " سوف يتذكر الجميع هنا علاقات التعاون الوثيق القائمة بين بلدينا في ربيع عام 2011 عندما عملنا معاً لمساعدة الشعب الليبي للتحرر من الدكتاتورية .. وخاصة مع كل العمل والتخطيط الذي تم في الجوار من نابولي .. وكل هذه اللقاءات الهامة التي أعدت للحملة العسكرية". وأكد أنه مازال هناك العديد من التحديات التي تقف في طريقنا ليس في ليبيا وحدها بالطبع ولكن أيضا في أجزاء من إفريقيا وشرق أوروبا وآسيا أيضا في الشرق الأوسط. لهذا ليس هناك وقت أنسب من هذا لتقوية شراكتنا الاستراتيجية في السياسة الخارجية. وقال سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية " إنه في عالم متغير أخذت الحرب شكلا مختلفا. وأصبحت أيضا تتطلب مهارات وخبرات جديدة ويمكن للتطورات الحالية في الشرق الأوسط أن تشهد على ذلك".. لافتا أن بلدينا وكما هو الحال دائما يقفان إلى جانب شعوب المنطقة في مطالبتهم بالحرية والعدالة. وفي بعض الأحيان يحتاج دعم هذه القيم العليا إلى أكثر من الكلمات والسياسات ... يحتاج إلى العمل الموحد والإخلاص إلى أقصى حد. والجنود يفهمون ذلك جيدا. واتمنى أن يفعل الساسة المدنيون نفس الشيء. وأوضح سعادته أنه دائما يتساءل كيف يكون الوضع اليوم لو أن العالم كان قد تصدى لوحشية النظام السوري في عام 2011؟. مؤكدا أن الأمور كانت سوف تظل معقدة ومضطربة ولكن ما كنا سوف نصل إلى المستوى الذي وصلنا إليه من الفوضى الكاملة والكارثة الكبرى. وشدد سعادة الدكتور العطية على أن قطر كانت إلى حد ما وحيدة قبل ثلاث سنوات وهي تحاول أن تحذر المجتمع الدولي من خطورة انهيار سوريا، وتابع " في ذلك الوقت كانت بلدي تفعل كل ما في وسعها لحشد الدعم للمعارضة الشرعية في حربها ضد النظام . ولكن بكل أسف مر الوقت وتعمقت المأساة وخرج مارد العنف". ولفت سعادته إلى أن الإرهاب يزدهر وينمو في ظروف الفوضى والحرمان. وبالرغم من أنه يتغذى على الكراهية والأيديولوجيات المقيتة فإنه ينتعش أيضا في أوضاع وظروف اجتماعية معينة. وقال سعادة الدكتور العطية "اسمحوا لي أن أقتبس من كلمات أميرنا والقائد العام لقواتنا المسلحة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عن هذا الموضوع بالذات: "لقد أثبتت الأحداث دون أدنى شك أن الإرهاب لا يمكن هزيمته إلا في بيئته الاجتماعية. فإذا وقفت المجتمعات معنا في حربنا ضد الإرهاب فإننا عندها نحتاج أن نكون عادلين مع الشعوب وألا نجبرهم على الاختيار ما بين الإرهاب والطغيان أو بين الإرهاب والتهميش الطائفي". وأوضح العطية أن المجتمع الدولي قد تخلى عن الشعب السوري، وفي الماضي تخلى عن الشعب العراقي ليعيش الشعبان في دوامة الفوضى والتفكك.. وقال "وعندما فعل المجتمع الدولي ذلك أمسكنا نحن عن الشعب، ونطلب منهم الآن أن يهزموا الإرهابيين دون أن نفعل أمام ما يرتكبه النظام شيئا ".. معربا عن خشيته أن يتذكر التاريخ طويلا المأساة الكبيرة والتداعيات الإنسانية المؤلمة الناجمة عن التقاعس عن التصدي للنظام السوري في بداية الصراع. وأضاف " إنه في جوهر التقاعس هناك بالتأكيد العوائق التشريعية وتأثير الرأي العام، ولكن هناك أيضا كما أرى عجز عام عن فهم الأوضاع مثل التي بدأت تتكشف حاليا في دمشق، وقبل ذلك في بغداد، وهي الأوضاع التي لا يمكن تشخيصها بالطريقة الصحيحة وفهمها جيدا إلا من خلال تحليلات القوى الإقليمية الفاعلة والجيران". وأكد سعادة وزير الخارجية أن قطر لم تأل جهدا للتواصل مع حلفائها لتجنب الخطر الناجم عن الانهار السوري، بل ذهبت أكثر من ذلك ودعمت المعارضة المعتدلة بفعالية سياسيا ولوجستيا. وذكر أنه بينما نتطلع إلى المستقبل دعونا أن نتجنب الوقوع في نفس الأخطاء مرة أخرى، وأن نستثمر المزيد من الوقت والموارد في البحث عن حلول سياسية وسلمية للمشاكل الإقليمية. وفي هذا السياق تجد قطر بعلاقاتها وتواصلها مع الجهات التي لا تصل إليها القوى الغربية في موقع مثالي للعمل كمنصة فاعلة لحل النزاعات بالطرق السلمية. وشدد سعادة الدكتور العطية على أن الهدف من سياستنا الخارجية واضح جدا، وهو تشجيع قنوات التواصل الإيجابي من خلال جهود الوسطاء المعتدلين مع مختلف المجموعات التي جرى عزلها فلجأت إلى العنف، مؤكدا أن الشرق الأوسط بتعقيدات تحالفاته وسياساته هو في أمس الحاجة إلى شريك حقيقي يستطيع أن يرعى ويدير حوارا مفتوحا. وأضاف " إن قطر تسعى جاهدة لأن تلعب ذلك الدور. ومهما كان حجم الانتقادات التي تتعرض لها من جراء ذلك فإنها مصممة على الاستمرار في السير في هذا الطريق". وفي هذا المجال الهام، قال سعادته "يستطيع أصدقاؤنا الإيطاليون أن يضيفوا الكثير إلى جهودنا. والواقع أن شعب إيطاليا الذكي والحصيف لديه الكثير الذي يستطيع أن يقدمه في بناء عالم أكثر تسامحا وسلاما.. فبلدكم قدم الكثير بالفعل ومع ذلك نتطلع إلى المزيد من التعاون معه". وقال سعادة وزير الخارجية " لا أستطيع أن أجد طريقة أكثر فعالية لتكريم جنودنا الذين سقطوا أبطالا في المعركة من أن نلتزم التزاما كاملا بالسعي بلا هوادة لتحقيق السلام".