المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية يؤكد مراجعة دولة قطر لسياساتها باستمرار

المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية يؤكد مراجعة دولة قطر لسياساتها باستمرار

لندن – المكتب الإعلامي - 30 يونيو

أكد الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أن دولة قطر تراجع سياساتها باستمرار عندما يتعلق الأمر بكيفية تأثيرها في العالم، وكيفية الحفاظ على أمنها القومي.

وقال الدكتور الأنصاري، خلال جلسة رئيسية بمؤتمر " لندن – القرن الثاني" الذي نظمه المعهد الملكي للشؤون الدولية /تشاتام هاوس/ في لندن، إن دولة قطر قامت بمراجعة الأحداث الإقليمية والدولية في سياساتها من حولها؛ ما أنتج شعارا جديدا للسياسة الخارجية القطرية هو "شريك دولي موثوق به"، وهو شعار يعتمد فلسفيا على نظرة دولة قطر إلى العالم والتغييرات التي تحدث فيه اليوم.

وتطرق مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، خلال المؤتمر الذي أقيم تحت عنوان: "وجهات نظر حول مستقبل النظام العالمي"، إلى ثلاثة سيناريوهات للتحولات في السياسة العالمية، قائلا في هذا الخصوص "إن العالم يمر حاليا بمسارات تؤثر فيما يمكن للقوى الصغيرة والمتوسطة في العالم، مثل قطر، أن تفعله على الساحة الدولية اليوم".

وأضاف "أعتقد أننا نمر بثلاثة مسارات، الأول هو حقيقة أن جميع القوى الكبرى والوسيطة والقوى المتنافسة حول العالم ستتحرر من قيود النظام الدولي، وسوف نفقد خصائص النظام العالمي الجديد الذي ساد العالم منذ نهاية الحرب الباردة"، لافتا إلى أن "الأمر سينتهي بنا إلى تدمير العناصر المحددة لهذا النظام السائد اليوم، وسيصبح عالما فوضويا تسوده المنافسة واتجاهات محلية نحو المصلحة المباشرة لا تفهم أو تتفهم الحاجة الدولية والوضع الدولي".

وبشأن المسار الثاني، أوضح الدكتور الأنصاري أن فكرة "الحتمية الليبرالية" ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، لافتا إلى أنه "لكي يتم قبول بلد ما واحترامه في المجتمع الدولي حاليا، فإنه يطالب بأن يكون لديه مسار نحو الديمقراطية الليبرالية بغض النظر عن المكان الذي سيكون فيه على هذا المسار".

وتابع الدكتور الأنصاري "أعتقد أن هذا سيتغير إذا مررنا بتوافق جديد في الآراء حول ماهية النظام العالمي والقيم السائدة في العالم اليوم، وهل ستظل الديمقراطية الليبرالية محركا أساسيا لهذا النظام، أم أنه سيكون نظاما عالميا أكثر شمولا من شأنه أن يقبل بعض النماذج المختلفة للتطور السياسي على أمل الحفاظ على عناصر النظام العالمي؟"، مضيفا أن "المسار الثالث هو التعامل على أساس كل حالة على حدة، حيث سيكون العالم في وضع مشابه لما كان عليه قبل الحرب الباردة عندما لم يكن هناك نظام عالمي حقيقي، وكنا نعمل على أساس محاولة حل النزاعات والحروب بالوكالة في جميع أنحاء العالم، ولقد رأينا ما ينتجه هذا الوضع".

ولفت إلى أنه بغض النظر الآن عما إذا كان أحد هذه المسارات سيتحقق أم أنه مزيج من واحد أو اثنين أو من الثلاثة معا، فإن التحدي الأكبر سيكون للدول الصغيرة، التي ستبحث عن كيفية نجاتها في هذه المياه المضطربة.

وفي هذا الصدد، أشار الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، خلال الجلسة، إلى دراسة صدرت للتو تتحدث عن أن 27 دولة ديمقراطية تواجه تحديات في النظام السياسي ما يعني أن هناك مشهدا متغيرا، لا ينحصر فيه النزاع وعدم الاستقرار في العالم النامي فحسب، بل يتسلل حتى إلى الديمقراطيات الليبرالية التاريخية، وبالتالي فإن الدول الأصغر مثل قطر ستكون المتضرر الأكبر من التحرك بسرعة نحو إلغاء القيود والضوابط التنظيمية للنظام العالمي.

وأعرب الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري، في مداخلته، عن اعتقاده بأن الثقة في النظام الدولي ضعيفة، وأن الثقة بين الدول تتآكل، معتبرا أن ذلك يمثل أحد الأسباب الرئيسية للأحداث التي نشهدها في جميع أنحاء العالم، ومضيفا "لم تفقد الثقة في النظام الدولي كمفهوم فحسب، بل في آليات النظام الدولي والهياكل الأمنية الإقليمية والعالمية".

ورداً على سؤال عن كيفية الحفاظ على الديمقراطية أو حمايتها والنهوض بها من سياق محلي عادل، لفت الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري، إلى إيمان دولة قطر بأهمية المشاركة الشعبية، حيث عملت لجعل النظام السياسي أكثر تشاركية، مشيرا إلى أن قطر أجرت مؤخرا انتخابات تشريعية لأول مرة في تاريخ البلاد.

وقال "نعتقد أيضًا أنه يجب علينا أن نكون واقعيين بشأن تطبيق نماذج الحكم الديمقراطي في جميع أنحاء العالم.. فالديمقراطية ليست الحل لكل مشكلة وليست الحل في كل مكان.. الحكم الرشيد والمشاركة الشعبية ليست مرادفات للديمقراطية، إنها أجزاء منها ودليل على ديمقراطية متنامية".

وذكر أن أحد الأخطاء في العالم هو القول إن الديمقراطية على الطريقة الغربية هي الحل لكل مشكلة، معتبرا أن "الثقة في هذه النماذج تآكلت كثيرًا الآن، وجعلتنا نختار الثقة كعنصر أساسي في سياستنا الخارجية، وقد أثبتنا ذلك من خلال الثقة في قطاع الأعمال، والثقة في مساعينا الاقتصادية في الخارج، والثقة في أن نكون الوسيط والفاعل السياسي".

وأوضح مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أن "الإجراء الثاني هو أننا نؤمن ببلداننا، وأعتقد أننا المستفيدون الرئيسيون من النظام الدولي، وبالتالي علينا دفع دولنا والجنوب العالمي والقوى الوسطى والصغيرة حول العالم، نحو الدخول في ترتيبات أمنية إقليمية ودولية".

وعن سبب استخدام دولة قطر لكلمة "شريك" في شعارها للسياسة الخارجية، بيّن الدكتور الأنصاري أنه منذ فترة طويلة كانت الكثير من الدول تعمل بمفردها عندما يتعلق الأمر بالمبادرات الدولية الإيجابية والسلبية، وأن التفرد في السياسة الخارجية أصبح هو القاعدة في السنوات الخمس عشرة الماضية، مؤكداً أن هذا يُعد أمراً خطيراً للغاية وأن الطريقة الوحيدة للتغلب عليه هي بناء الشراكات.

وشدد على أنه "يجب أن تتعامل الشراكات مع الشكل الذي سيبدو عليه العالم في المستقبل.. من المسلم به الآن أننا جميعًا أكاديميين ومثقفين نقول إننا نتحرك نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب.. ولكن لكيلا يكون التحرك نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب من خلال الحروب والكوارث، علينا العمل على بناء شراكات على نطاق أصغر، بين الدول الصغيرة"، معربا عن اعتقاده بأنه لا يزال هناك أمل في القيام بذلك في بلد مثل قطر "فنحن نؤمن بهذا بقوة، ونعتقد أن لدينا فرصة على الأقل لتقليل آثار ذلك التغيير في النظام العالمي".

وردا على سؤال آخر بشأن نهج دولة قطر في التعامل مع الشراكات كوسيلة لتحقيق السلام والأمن في المنطقة، قال الدكتور الأنصاري "أعتقد أن هذا أحد الخيارات القليلة جدًا التي لدينا الآن، وأن فترة ما بعد الحرب كانت سوقًا حرة شديدة القيود، وهذا يعني أنه كان هناك نظام دولي يعمل بشكل فعلي حول حقيقة أن لكل دولة سيادتها؛ ولها صوت في الأمم المتحدة، ولكن هذا يتم تنظيمه بشكل كبير من قبل سلطات مجلس الأمن الدولي، وفيما بعد، من قبل الولايات المتحدة ".

وفي رده على سؤال بشأن تطورات الوضع في أوكرانيا، قال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، "بصراحة من وجهة نظر قطرية، نحن حريصون جدًا على أن نكون واضحين في هذا الشأن بإدانة أي احتلال لأي دولة في أي مكان آخر، لاسيما احتلال دولة فلسطين.. ونحن ننظر للجميع بنفس المنظور سواء في أوروبا أو لما يحدث في الشرق الأوسط".