نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: سياستنا تعتمد على تحالفات قوية تجلت في الوساطة بأفغانستان

news image

لندن - المكتب الإعلامي - 17 فبراير

 شارك سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في جلسة نقاشية في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) حول "دور قطر الإقليمي والدولي".

وناقشت الجلسة التي أدارها الدكتور روبن نيبليت، المدير والمدير التنفيذي لتشاتام هاوس، الخطوات التي اتخذتها دولة قطر لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، والجهود الدبلوماسية لدولة قطر في إدارة الأزمة الأفغانية، وتأثير العملية الانتقالية في أفغانستان على دولة قطر والشرق الأوسط، ودور دولة قطر في تخفيف آثار نقص الطاقة في العالم.

وأكد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن السياسة الخارجية لدولة قطر تعتمد على تحالفات قوية على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، مشيراً إلى أن  أهمية هذا النهج تتجلى في جهود الوساطة التي تبذلها دولة قطر في أفغانستان، وعمليات الإجلاء الأكبر حجماً، وتنسيق المساعدة الإنسانية الحيوية للشعب الأفغاني.

وبخصوص موضوع الطاقة، أضاف سعادته، أن دولة قطر "تعمل عن كثب مع شركاء عالميين لتطوير حلول طويلة الأجل لتلبية احتياجات الطاقة في العالم، فمن المستحيل تحقيق أمن الطاقة العالمي من جانب واحد. هذه المشكلة تتطلب تعاوناً مستمراً وواسع النطاق".

كما أكد سعادته أن دولة قطر تتمتع بموقع فريد لتشجيع الحل السلمي للنزاعات من خلال الحوار والدبلوماسية، لافتاً إلى أن المادة السابعة من دستور دولة قطر تشير إلى أن السياسية الخارجية تقوم على مبدأ تعزيز السلم والأمن الدوليين من خلال تشجيع حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، والتعاون مع جميع الدول التي تسعى إلى السلام، مضيفاً أننا نقوم بهذه المهمة من خلال الوساطة والمساعدات الإنسانية والإنمائية، وجهود مكافحة الإرهاب.

وتابع: "كان هدفنا دائماً هو ضمان مستقبل أفضل للجميع، ونعمل بجد لتعبئة جهودنا ومواردنا لتحقيق هذه الغاية. لن تكون هذه الجهود مثمرة دون تعاون ودعم مستمر من شركائنا في جميع أنحاء العالم". كما شدد سعادته على أن الأحداث العالمية الأخيرة أبرزت أهمية التعاون الدولي في شتى المجالات.

واعتبر أن "عام 2022 سيكون عاماً لحل المشكلات المشتركة، كما سيكون عاماً لتوحيد الناس واحتضان شغفنا المشترك بدلاً من مخاوفنا. إنه وقت مميز حقا بالنسبة لنا في قطر، حيث إننا نقترب من نهائيات كأس العالم 2022، والذي يعكس الجهود المشتركة لدولة قطر والفيفا والشركاء الدوليين على مدى السنوات الـ 12 الماضية، والذي يمنحنا امتياز استضافة أول بطولة لكأس العالم في الشرق الأوسط والعالم العربي".

وأكد سعادته أن العلاقات بين دولة قطر والولايات المتحدة قوية للغاية منذ فترة طويلة، مضيفاً أن الدولتين تحتفلان هذا العام بمرور 50 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بينهما، مشدداً على أن التقدم الذي أحرزته دولة قطر مع مختلف الإدارات في الولايات المتحدة كان دائماً في اتجاه إيجابي.

وتابع: "ما فعلناه معاً لم يكن فقط التعاون في مجال الدفاع، ولكن أيضاً في مختلف المجالات المهمة مثل التعاون الاقتصادي والتعليمي وفي مجال الطاقة، إلى جانب الشراكة المتميزة مع الولايات المتحدة في الملف الأفغاني. لقد استضفنا محادثات بين الولايات المتحدة وطالبان منذ سنوات حتى تم التوصل إلى الاتفاق، ثم استضفنا الحوار الأفغاني جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دعم جهود الإجلاء، ودعم جهود التحالف الدولي ضد داعش".

ومضى سعادته قائلاً: أعتقد أن هناك الكثير من القضايا الاستراتيجية التي نعمل بشأنها مع الولايات المتحدة بشكل وثيق للغاية. كما تعمل قطر في بيئة من التحالفات الدولية والثنائية والمتعددة الأطراف، وتعتبر الولايات المتحدة أقوى حليف وأهم شريك لدولة قطر في كثير من المجالات. وبخصوص الزيارة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، بين سعادته أنها كانت مثمرة، وأن هناك مجموعة واسعة من القضايا التي تمت مناقشتها بشكل إيجابي ومثمر، كالملف الأفغاني، والمحادثات النووية الإيرانية، والقضية الفلسطينية، و الطاقة. كما أكد سعادته أن البلدين يعملان معاً بشكل وثيق، وأن تصنيف قطر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج الناتو هو انعكاس لهذه الشراكة المتميزة.

 وشدد سعادته على أن علاقات دولة قطر مع الولايات المتحدة ظلت واضحة جدًا لفترة طويلة ، مشيراً إلى أن العلاقات الثنائية بنيت من خلال المؤسسات في مختلف الفترات. وعليه، فإن العلاقة القطرية الأمريكية دائماً في اتجاه إيجابي، وعلاقتنا المؤسسية أقوى من أي وقت مضى".

وعند سؤاله عن موضوع فقر الطاقة الذي تواجهها أوروبا، بين سعادته أن ما تشهده الساحة ليس نتيجة مباشرة للأحداث الجارية، مشيراً إلى أنه في الفترة الماضية لم يكن هناك تفكيراستراتيجي لتأمين واستدامة إمدادات الطاقة مع سياسات متوازنة تهتم بالبيئة أيضاً.

وأضاف: " الآن، مع التحديات الحالية، تعد قطر بالطبع أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة، كما أعتقد أن ما يجب أن تدور حوله المناقشات هو كيفية التعامل مع هذه القضية بشكل جماعي وبالتعاون مع البلدان والشركاء التجاريين. لقد كنا ننتج في السنوات القليلة الماضية بأقصى طاقتنا ونأمل في زيادة الإنتاج في العامين المقبلين، ونحن في نقاش مستمر مع دول وشركاء مختلفين للتأكد من خطط ضمان استدامة التوريد".

وبشأن التحول إلى الطاقة المتجددة، أعرب سعادته عن اعتقاده أن "هذه رحلة يجب على الجميع القيام بها، بما في ذلك قطر ومنتجو الوقود الأحفوري، ولكن أيضاً نحتاج إلى النظر إليها على أنها جهد مشترك، وهي رحلة بدأت العديد من البلدان الآن في إدراكها، كما أن أخذ السياسات البيئية في الاعتبار أمر مهم ، ويؤدي إلى خطة انتقال أكثر واقعية".

 وشدد على أن دولة قطر ظلت مصدراً موثوقاً للطاقة، منوهاً إلى أننا "نحاول أن نجعل العالم أكثر نظافةً وأماناً، وهذا ما أظهره الغاز الطبيعي المسال. قطر لها دور رائد في احتجاز الكربون وفي تقليل الميثان، ومشاريع الطاقة المتجددة، مبيناً أن دولة قطر ستفتتح أول مشروع للطاقة الشمسية لإنتاج جزء من حاجتها للطاقة".

وبين سعادته أهمية إجراء حوار شامل مع الجيران في المنطقة، مضيفاً: "نحن نتفهم مخاوفهم، ولكن أيضاً لا نقبل التدخل في الشؤون الداخلية للدول المختلفة، لا سيما أنه غير مقبول كمبدأ عام من قبل الأمم المتحدة".  

 وبشأن الاستجابة الدولية للأزمات الصحية، نوه سعادته إلى أن دولة قطر  تلعب دوراً مع شركاء مختلفين داخل الأمم المتحدة من أجل التأكد من الاستجابة لجائحة كوفيد- 19، مشدداً  على "أن التعاون الدولي يظل دائماً في صدارة أولويات دولة قطر، حيث وصلت مساعداتنا إلى نحو 50 دولة حتى الآن".

وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن هناك زخماً إيجابياً لتعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أن سنوات الأزمة الخليجية كانت بمثابة فرصة ضائعة لا نريد أن نكررها، وجميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي يتطلعون الآن إلى الأمام لضمان خلق مستقبل أفضل.

وتابع:  نعتقد أنه  قد حان الوقت مرة أخرى ليكون مجلس التعاون الخليجي أكثر نشاطاً، وقد رأينا ذلك يتضح في قضايا مختلفة. وقد كانت إحدى القضايا أفغانستان، حيث كان للمجلس تنسيق وثيق مع مختلف البلدان. في الواقع، قبل يومين، استضفنا اجتماعاً بين طالبان وممثلي مجلس التعاون الخليجي في الدوحة للحديث عن القضية الأفغانية، وخلق فهم أفضل للوضع هناك. لدينا موقف خليجي موحد من هذه القضية.

 وبشأن القضية الفلسطينية، قال سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إن دولة قطر تقوم بدورها في مساعدة الشعب الفلسطيني للتخفيف من معاناته، لكن هذا - كما نسميه - مجرد مسكن للألم وليس حلاً، مشدداً على أنه يجب أن يأتي الإسرائيليون بجدية إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى الهدف النهائي المتمثل في رؤية الحل الذي أقرته الدول العربية من خلال مبادرة السلام.

وبشأن أفغانستان، رأى سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أهمية الاستمرار في التعامل مع طالبان لتصحيح المسار، معتبراً أن "هذه رحلة طويلة ولن يحدث ذلك في يوم واحد. سنكون واقعيين. نحن بحاجة إلى التأكد من أننا نواصل المشاركة معهم، ونواصل التشجيع، ونواصل حثهم على تلك الإصلاحات، ونواصل حثهم على عدم التراجع عن أي من الأشياء التي حققتها أفغانستان في العشرين عامًا الماضية، وحثهم على الانخراط في عملية مصالحة حقيقية".

وتابع: لا يمكن لقطر الذهاب إلى أفغانستان لتجديد أو إعادة رسملة اقتصادها، أو إعادة الأنظمة التي سيتم تشغيلها من تلقاء نفسها. هذا يتطلب جهداً جماعياً من قبل المجتمع الدولي ومن قبل شركائنا الدوليين، كما إننا نقوم بتشاور وثيق للغاية مع مختلف الشركاء من أجل توفير مخطط للمضي قدماً في أفغانستان لمعالجة الملف الإنساني، وقضايا الاقتصاد والهجرة ومكافحة الإرهاب.

وأكد أن هناك اتصالاً وثيقاً لدولة قطر مع إيران والولايات المتحدة والأطراف الأخرى بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، مشيراً إلى أننا "نحاول أن نفهم كيف يمكننا المساعدة في سد الفجوة، لأن الاتفاقية والمفاوضات تجري بين بلدان تبعد آلاف الأميال عن إيران، ونحن نعيش بجوار إيران. لذلك، من مصلحتنا أن يكون هناك اتفاق، ومن مصلحتنا الوصول إلى تفاهم مع إيران، ومن ثم يكون هناك أيضاً تفاهم إقليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، ولذا فإننا نشجع جميع الأطراف على أن تكون بناءة وإيجابية مع المبادرات، ونأمل أن نحصل على نتيجة إيجابية في المستقبل القريب. دورنا تشجيع الطرفين على الانخراط بشكل إيجابي".