مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية تلقي محاضرة في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية

مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية تلقي محاضرة في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية

الدوحة - المكتب الإعلامي - 21 أكتوبر

استضاف معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية، اليوم، سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، في ندوة "اس ار ناثان 2020" والتي تقام سنويا وتستضيف نخبة من الأكاديميين والخبراء والمتخصصين والدبلوماسيين.

وقدمت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر محاضرة بعنوان /الدول الصغيرة في عصر متنازع عليه: منظور قطري/، عقدت عبر تقنية الاتصال المرئي، وتناولت العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وما يواجه الدول الصغيرة في عالم متعدد الأقطاب، ومدى قدرة تلك الدول على الازدهار والتقدم عبر قضايا التنمية والعولمة والأمن والتعددية مع الحفاظ على الاستقلال والهوية في مواجهة المهددات الخارجية.

وتطرقت مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية خلال المحاضرة، إلى الأدوات الفاعلة التي تمتلكها الدولة الصغيرة لتتمكن من شق طريقها وتحديد موقفها، ومدى استفادة تلك الدولة من التاريخ لخلق مستقبل مزدهر، والمجالات التي يمكن لتلك الدولة أن تتعاون فيها، والآليات الكفيلة بتحقيق ذلك، مستدلة بالدور الحيوي والمهم الذي لعبته الخطوط القطرية خلال جائحة كورونا (كوفيد-19)، والتي لاقت تقديرا وإشادة من مختلف الدول حول العالم.

كما تناولت الخاطر قدرة دولة قطر على مواجهة التحديات، مدللة على ذلك بالتقدم والازدهار الذي حققته قطر بالرغم من الحصار الجائر المفروض عليها والمستمر منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، مؤكدة على الدور الرائد الذي تلعبه دولة قطر على الساحة الدولية سواء في المجالات السياسية أو الاقتصادية، كونها أحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، فضلا عن الدور الفاعل الذي تلعبه في الوساطة في النزاعات الإقليمية والدولية.

وفي بداية محاضرتها، أوضحت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أن العالم دخل حقبة جديدة من التغييرات الهيكلية، وذلك بانتقاله من ثنائية القطب إلى التعددية القطبية، لافتة إلى دور التكنولوجيا في التحول إلى عالم أكثر ترابطا من أي وقت مضى، وتابعت "رغم ذلك نجد الكثير من الانقسام بطريقة غير مسبوقة، وهذا الانقسام يقودنا إلى حالة من الفوضى"، مشيرة إلى التحول النموذجي في الخطاب والنهج المتمحور حول حقوق الإنسان في السياسات العالمية، والانتقال إلى التركيز على مكافحة الإرهاب.. موضحة أن ذلك لا يعني أن التطرف العنيف والإرهاب ليس تحديا يواجه المجتمع الدولي ككل، إلا أنه يعد تشويها للمفاهيم المتعلقة بالنهج الذي يعالج قضايا حقوق الإنسان.

وبينت سعادة السيدة لولوة الخاطر أن التحديات التي تواجه الدولة الصغيرة مختلفة، بالرغم من وجود قواسم مشتركة، مشيرة إلى أن تغير المناخ والكوارث الطبيعية تشكل مصدر قلق مشترك لكافة دول العالم.

وتطرقت الخاطر إلى تجربة دولة قطر في مواجهة الحصار الجائر المفروض عليها، وكيف نجحت الدوحة في التعامل معه منذ يونيو 2017، مدللة على ذلك بالنجاحات الملحوظة في الاعتماد على الذات وإفشال كافة المخططات التي استهدفت دولة قطر وتجاوز الصعوبات التي خلفها الحصار.

وأشارت سعادة السيدة لولوة الخاطر إلى النجاحات التي حققتها قطر بجدارة في التعامل مع تداعيات الحصار، لافتة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لقطر قد ازداد في عام 2017 بعد فرض الحصار عليها وهو في ازدياد مستمر.

ولفتت الخاطر إلى أن قطر مساهم كبير في سوق الطاقة العالمي وتحديدا من خلال إمدادات الغاز الطبيعي المسال لجميع أنحاء العالم. وألمحت إلى أن شركة قطر للبترول تشارك في مشاريع عالمية ضخمة منها ما هو موجود في دول الحصار كالمشروع الموجود في مصر وتم تشغيله في عام 2019، علاوة على أنها مستمرة في إمداد الإمارات بالغاز الطبيعي رغم الخلافات، مؤكدة على أن موقف الدوحة ينبع من الموقف الاستراتيجي الذي تتخذه بعدم تسييس الطاقة وإمدادات الغاز ومشاريع الطاقة.

ولفتت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية إلى أن البعض اعتقد أن قطر ستستسلم في غضون أسابيع من الحصار، وهو الأمر الذي لم يحدث، مشيرة إلى أن الخطوات التي اتخذتها قطر كانت متميزة، فقد كانت أول ثلاث خطوات حاسمة اتخذتها قطر هي منع "التدخل العسكري"، و"المرونة السياسية"، "والاتجاه الفوري نحو سلاسل التوريد البديلة". والأهم هو تعزيز الوحدة والتضامن في الجبهة الداخلية لقطر، والمقاربات الواقعية والعقلانية أثبتت أنها أنجع على المدى الطويل.

وأكدت الخاطر على أن قطر نجحت تماما في إدارة هذا الملف، حيث إنه بمجرد معالجة التحديات الفورية، لجأت قطر إلى القانون الدولي لنيل حقوقها وإثبات عدالة موقفها. أما على المدى الطويل، فقد ركزت قطر على تنويع الموارد والعلاقات الثنائية، وتعزيز مجالات هامة وحيوية مثل الأمن الغذائي.

وأشارت سعادتها للدور الحيوي الذي تلعبه دولة قطر في كافة الأزمات ومنها جائحة كورونا، حيث ظلت الخطوط الجوية القطرية تعمل خلال الجائحة في نقل الأفراد والبضائع ونقل المساعدات الإغاثية والطبية والإنسانية للدول الشقيقة والصديقة، وهي بذلك تعتبر أبرز الشركات العالمية التي قدمت تلك الجهود، الأمر الذي كان محل تقدير عالمي.

واستعرضت سعادة السيدة لولوة الخاطر مساعد وزير الخارجية الجهود السياسية والدبلوماسية لدولة قطر والتوسط لحل الخلافات في مختلف مناطق الصراع، مبينة أن تلك الجهود متعددة وواسعة، ومنها الوساطة في اليمن عام 2007 و2008، وكذلك الوساطة بين الأطراف اللبنانية عام 2008، وفي عام 2009 كانت هناك وساطة بين السودان وتشاد. أما في عام 2010 فكانت هناك وساطة بين جيبوتي وإريتريا، وفي العام 2011 كانت الوساطة القطرية بين الحكومة السودانية وبعض المكونات السودانية المعارضة، وفي نفس العام كانت هناك وساطة بين السودان وإريتريا. بينما في العام 2012 توسطت قطر بين فتح وحماس لتهدئة الأجواء الفلسطينية. وفي عام 2015 كانت قطر وسيطا بين قبائل التبو والطوارق الليبية، وبين عامي 2018 إلى 2020 قادت قطر الوساطة بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية التي توجت بتوقيع اتفاقية سلام في الدوحة في فبراير الماضي، بالإضافة للرعاية القطرية لمحادثات السلام الأفغانية الأفغانية.

وأعربت الخاطر عن أملها أن يتوافق كافة الأطراف الأفغانية وأن يتوصلوا إلى اتفاق بينهم في المستقبل القريب، مبينة أن أحد الانتصارات الرئيسية للوساطة القطرية هو إشراك المرأة الأفغانية في الوفود المفاوضة، مؤكدة أن مجرد جلوس طالبان خلال المفاوضات مع وفود أفغانية تضم بين أعضائها، اعضاء نساء ويعد ذلك في حد ذاته انتصارا كبيرا".

ولفتت إلى أن هناك احتراما كبيرا للمرأة الأفغانية من جميع الأطراف خلال المحادثات.. وأضافت أن القضية الأفغانية سوف تحل بين الأطراف الأفغانية نفسها بدون تدخلات، حيث يتم تسهيل كافة سبل التفاوض.

وأشارت الخاطر إلى أن الدول الصغيرة يمكن أن تلعب دورا في الحد من التصعيد وإزالة الاستقطاب ونزع فتيل التوترات.

وتناولت السيدة لولوة الخاطر مساعد وزير الخارجية في ختام محاضرتها مسألة الهوية، مبينة أن هوية الدولة تشمل عدة عناصر منها ما هو حديث ومنها ما هو تقليدي ومنها العالمي، مشيرة إلى أن مسألة الهوية من المسائل الهامة التي يجب أن تتنبه لها كل الدول، لافتة إلى أن هناك العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من التجربة السنغافورية خصوصا فيما يتعلق بتنمية رأس المال البشري.

وردا على سؤال حول طبيعة وحدة الجبهة المجتمعية في دولة قطر والتي أشارت إليها مساعد وزير الخارجية في محاضرتها وحول إذا ما كانت تكونت بشكل طبيعي أم من خلال سياسات محددة، قالت الخاطر إن الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار في عام 2017 مست مواطني ومقيمي دولة قطر بشكل شخصي وأثرت على حياتهم بشكل مباشر ولم يكن مجرد خلاف سياسي أو دبلوماسي مثلما كان الإجراء السابق في عام 2014 وهذا ما جعل الناس يلتفون بشكل تلقائي وطبيعي حول القيادة في دولة قطر وهو الأمر الذي بنت عليه بعد ذلك الحكومة في دولة قطر من خلال إنشاء خطاب يلتف حوله جميع من يعيش على أرض دولة قطر حكومة وشعبا. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك نهاية للحصار تلوح في الأفق أكدت الخاطر أنه يمكن أن يكون، لكن الأمر سيستغرق وقتا، وسيكون الحل تدريجيا.

وتعليقا على سؤال حول الاتفاقيات الأخيرة الموقعة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، أكدت الخاطر أنه لابد من النظر إلى القضية الفلسطينية في عمقها التاريخي وعليه فإن السلام لا يمكن أن يبنى إلا على حل عادل ومستدام، ولا يمكن لأي حل أو سلام أن يقصي الفلسطينيين.

وحول الانتخابات الأمريكية ومدى تأثير الرئيس الأمريكي المقبل على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أوضحت الخاطر أن قطر عملت باستمرار على تقليل الاستقطاب في المنطقة، وستواصل الدفع بهذه الرسالة لجميع الحكومات في الدول الصديقة، كما أكدت أنه من المهم أن يكون لدول الخليج مواقف موحدة ومتسقة تجاه القضايا الخاصة بالأمن الخليجي والعيش المشترك بمعزل عن أية متغيرات تحدث خارج المنطقة.

وفيما يتعلق بمسألة دور الأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد انقسامات وصراعات، أشارت الخاطر إلى نجاح الأمم المتحدة في الحفاظ على مرونة وصمود المجتمعات الضعيفة كتعاملها مع قضية اللاجئين، وما زالت المنظمات الدولية - على كل المشكلات والقصور الموجود فيها - هي أفضل مظلة توافقية بين العديد من البلدان في التخفيف من بعض الكوارث الإنسانية، ودللت على ذلك بمنظمة /الأونروا/ والتي تدعم صمود اللاجئين الفلسطينيين.

وحول الدروس المستفادة من التفاف الشعب في دولة قطر حول حكومته، نبهت الخاطر إلى أن الحفاظ على التواصل الفعال والتفاعلي من قبل الحكومات مع المجتمع والقواعد الشعبية أمر ضروري، موضحة أن وسائل التواصل الاجتماعي تساعد بشكل كبير في هذا الصدد. وأضافت أنه نظرا لسهولة التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، فإن اليقظة والمتابعة أمران حاسمان لتمييز ما هو حقيقي وما هو مزيف.

وشددت الخاطر أخيرا في تعليقها حول نوع المهارات والمجالات التي على الجيل الجديد أخذها بعين الاعتبار، أنه للوصول لأعلى مراحل الازدهار مستقبلا، فإن قطاعات التعليم والطب والطاقة يجب أن تحظى باهتمام خاص وبمهارات وخبرات عالية في دولة قطر.