سفير دولة قطر لدى تركيا: لا نقبل بتقويض سيادتنا ولا أي وصاية أو إملاءات

سفير دولة قطر لدى تركيا: لا نقبل بتقويض سيادتنا ولا أي وصاية أو إملاءات

أنقرة – المكتب الإعلامي - 10 يونيو

أكد سعادة السيد سالم مبارك آل شافي سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية، أن أي مبادرة لحل الأزمة الخليجية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن دولة قطر لا يمكن أن تقبل بتقويض سيادتها ولا أي وصاية أو إملاءات.

وقال سعادته في حوار مع وكالة أنباء /الأناضول/ التركية، إن "أبواب قطر دوماً مفتوحة أمام أي بادرة صلح حقيقية ترفع الحصار أولاً، وتحترم سيادة الدولة، وتمتنع عن التدخل في شؤونها الداخلية، وتحترم القانون الدولي ومبدأ المساواة بين الدول".. مشيرا إلى أن دولة قطر "لطالما أكدت، في جميع المناسبات، على أن وحدة دول الخليج محورية في مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة".

وأضاف أن قطر "تواجدت في كل المؤتمرات والمحافل الإقليمية والعالمية مشددة على أهمية الدور الدبلوماسي والحوار في الحد من النزاعات وتقريب وجهات النظر".

واعتبر سعادة السفير آل شافي أن "المنطقة الآن بحاجة إلى التماسك والتعاون أكثر من أي وقت مضى، وما حدث أثّر بشكل مباشر على حياة المواطنين ومزق الروابط الاجتماعية للعديد من الأسر، وحرمهم من ممارسة الشعائر الدينية".. مبينا أن قطر واجهت "حملة ممنهجة" لتهميشها ووصمها بالإرهاب وعزلها، لكن الدبلوماسية القطرية الهادئة الحازمة الواثقة تغلبت على هذه الأفعال المشينة الصغيرة.

وأوضح أنه "لاشك أن فرض الحصار في شهر رمضان كان له وقع مباغت، خاصة أنه جاء ممن كنا نعتبرهم جيراناً لنا، إلا أن ذلك كان نتاج محاولات أخرى سبقته، وكانت تلك المحاولات بمثابة إرهاصات وإشارات لما سيحدث فيما بعد".

وأشار إلى أن ما حدث سبقته محاولة غزو دولة قطر عام 1996، ثم أزمة عام 2014 عندما سحبت نفس الدول سفراءها من الدوحة.

وقال: "ما سبق كان مؤشرات دفعت قطر للتأهب والعمل على تنويع اقتصادها واستثماراتها لمواجهة أي تحرك مقبل، وكنا على بينة من أنهم لا يضمرون لنا الخير، وأن الأمر لن يطول قبل أن يقوموا بخطوة جديدة، وقد أعلنت دول الحصار آنذاك عن بعض الدول الداعمة لها في موقفها، لكن سرعان ما تراجعت تلك الدول باكتشاف زيف الادعاءات والنوايا المبيتة وراءها".

وأكد سعادة السفير آل شافي أنه لا يمكن إسكات صوت الحق وطمس الحقائق.. مشيرا إلى أن "العالم بأكمله يعلم اليوم من هي الدول التي تمول الإرهاب وتدعمه، وتستثمر فيه سواءً في ليبيا أو اليمن أو سوريا أو الصومال أو في غيرها، ناهيك عن محاولات التأليب التي يقومون بها والقرصنة".

وتابع: "لكن دبلوماسية المبادئ القطرية تغلبت على دبلوماسية الفتن والإرهاب وشراء الذمم، واستمرت دولة قطر في ممارسة ما تؤمن به ومواصلة الانحياز للشعوب وعدم التآمر عليها، والاستثمار في التنمية والنهضة وإحلال السلام".

واستشهد سعادته باختيار دولة قطر من قبل الأمم المتحدة لتأسيس مكتب على أرضها لمكافحة الإرهاب، ما يؤكد موقف الدوحة المناهض للإرهاب ونفي ما تدعيه دول الحصار.. كما استشهد أيضا باتفاق السلام التاريخي الذي تم توقيعه في الدوحة بين /طالبان/ الأفغانية والولايات المتحدة الأمريكية، في فبراير الماضي، بعد جهود حثيثة من قطر لإنهاء هذا الصراع الذي استمر عقودا وأنهك أفغانستان ومزقها وحال دون أي تنمية حقيقية، رغم المحاولات اليائسة لبعض دول الحصار لإفشال هذا الاتفاق وعرقلته.

كما أكد سعادة السيد سالم مبارك آل شافي سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية، أنه حتى في أزمة جائحة كورونا (كوفيد - 19)، ورغم أنها محاصرة، إلا أن دولة قطر أثبتت وجودها دائما في طليعة الجهود الإنسانية والتطوعية.

ولفت إلى إرسال الدوحة شحنات طبية وإنسانية إلى أكثر من عشرين دولة، كما قامت ناقلتها الوطنية بنقل 1.8 مليون راكب إلى أوطانهم في الوقت الذي توقفت فيه معظم شركات الطيران في العالم عن العمل.

وقال سعادته إن "الحصار الجائر فشل في تحقيق النتائج المرجوة منه، إلا أنه نال بشكل كبير من مصداقية مجلس التعاون الخليجي".. مضيفا "رغم ذلك، مازلنا ملتزمين بالمجلس الذي تم تفريغه من مضمونه، ولابد من إعادة تفعيله ليعمل على رأب الصدع بين دول الخليج".

وتابع: "نحن بحاجة إلى ضمانات بأن تكون كل القواعد والضوابط ملزمة لجميع الأطراف في المجلس دون انتقائية".. معربا عن أمله في أن يستعيد المجلس دوره الحقيقي، وأن يكون نواة تعاون وتكامل تلبي تطلعات جميع الدول الأعضاء.

من جهة أخرى، أوضح سعادة السفير آل شافي أن العلاقات الثنائية بين دولة قطر والجمهورية التركية كانت على الدوام جيدة وكانت هناك العديد من المحطات التي مهدت لوصولها إلى هذا المستوى المتميز.. وأشار إلى تلك المحطات قائلا إنها بدأت "عام 2014 حين تأسست اللجنة الاستراتيجية العليا في البلدين على مستوى القادة، مروراً بمحاولة الانقلاب الفاشل في تركيا عام 2016، ووقوف دولة قطر إلى جانب الشرعية ودعمها، ووصولا إلى الحصار الجائر لقطر عام 2017".

واعتبر أن الموقف التركي في 5 يونيو 2017 كان نتاجاً لما سبق، فتركيا نأت بنفسها عن التكتلات الخبيثة واختارت الانتصار لمبادئها والوقوف إلى جانب الحق والمظلوم، وهو خيار شجاع ينسجم مع مواقفها وسياساتها.. وعبّر سعادته عن تقدير قطر لهذا الموقف وتثمينها له.

وأوضح أن الأزمات التي شهدها البلدان، ووقوف كل منهما إلى جانب الآخر قادت إلى تعزيز قوة العلاقات ومتانتها، وانعكس ذلك على شعبي البلدين، فكان التقارب على مستوى القادة والشعب، ولم تغير تركيا موقفها في الوقوف إلى جانب دولة قطر ضد الحصار الجائر رغم مرور ثلاث سنوات، ورغم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها في سبيل ذلك.

وقال سعادته: "قطر من جانبها لم تتردد في دعم تركيا ومساندتها إبان جميع الأزمات التي مرت بها، سواء خلال محاولة الانقلاب الفاشلة أو من خلال الدعم الاقتصادي أثناء أزمة الليرة التركية عام 2018، أو من خلال رفع سقف اتفاقية تبادل العملات مؤخرا".

ورأى سعادة السفير أن عوامل مجتمعة، بالإضافة إلى التناغم الكبير في السياسات، أدت إلى وصول العلاقات الثنائية إلى مرحلة متقدمة من التميّز والتألق، و"نعمل على الوصول بها إلى أبعد من ذلك، وهناك تنسيق وثيق بين الجانبين في مختلف الملفات والأصعدة والمنصات الدولية، كما أن هناك الكثير من المصالح والاستثمارات المتبادلة بين الطرفين، وتعد تركيا من الوجهات السياحية الأولى والمفضلة للمواطنين القطريين".

وأكد سعادة السفير آل شافي أن "استعدادات دولة قطر لاستضافة مونديال 2022 لكرة القدم جارية، وقطعنا شوطاً كبيراً بالفعل، ويجري العمل حالياً لاستكمال المراحل النهائية من الملاعب المتبقية بحسب المعايير المقررة من الاتحاد الدولي".

وأشار إلى أن قطر تسعى لتقديم ملاعب صديقة للبيئة تتمتع بأفضل المواصفات والمقاييس، وسيكون مونديال 2022 في متناول الجميع من الناحية المادية، "ولن يعوقنا استمرار الحصار عن مواصلة استعداداتنا لهذا الاستحقاق الهام، خاصة أن فوزنا به كان السبب الرئيسي لفرض الحصار علينا ومقاطعتنا".

وأعرب سعادة السفير عن ثقته في أن "قطر ستنجح في تنظيم أفضل دورة لكأس العالم لكرة القدم، إذ يعلم الجميع أن لها باعا طويلا في استضافة الأحداث الرياضية، وقد أدى نجاحها في تنظيم مثل هذه الأحداث إلى مراكمة العديد من الخبرات والتجارب على كافة المستويات".

وقال: "لا شك أن أهمية هذا الحدث الرياضي قد زادت حالياً باعتباره سيكون أول حدث ترفيهي يجتمع فيه محبو كرة القدم من كل أنحاء العالم بعد تفشي فيروس كورونا وما خلفه من خوف وعزلة".