نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يشارك في ندوة عن بعد استضافها معهد السياسات الخارجية بجامعة "جونز هوبكنز"

نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يشارك في ندوة عن بعد استضافها معهد السياسات الخارجية بجامعة

الدوحة – المكتب الإعلامي - ٨ مايو

استضاف معهد السياسات الخارجية في جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في ندوة افتراضية عبر تقنية الاتصال المرئي تحت عنوان "حوار مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري: "السياسة الخارجية والدبلوماسية العالمية في منطقة الخليج وخارجها".

وتطرق سعادته، في كلمته، إلى السياسة الخارجية والدبلوماسية العالمية في وقت استثنائي، حيث تؤثر جائحة فيروس كورونا المستجد (Covid-19) على جميع الدول، كبيرها وصغيرها.. وقال إن التنمية البشرية في قطر تعتبر "في صميم سياستنا، الداخلية والخارجية على السواء".. وأبان سعادته أن استراتيجية دولة قطر تقوم على ثلاث ركائز أساسية : توفير الرعاية الصحية، وتخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية، والوفاء بدور قطر الدولي.

وأكد في هذا الصدد أن الحكومة ملتزمة بشدة بتوفير أعلى مستويات الرعاية الطبية للجميع.. وأضاف " على مدى سنوات حققنا استثمارات كبيرة في البنية الأساسية للرعاية الصحية، فضلا عن تعزيز اتباع نهج شامل لصحة جميع المقيمين في بلدنا".

وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الدولة قامت بتنفيذ استجابة قوية في مجال الرعاية الصحية فيما يتعلق بفيروس كورونا المستجد، تتضمن إجراء فحوصات مجانية لفيروس (COVID-19) والرعاية المجانية وتخصيص عدد من المستشفيات المخصصة لذلك.

وأضاف " نحن نتمتع بأحد أكبر معدلات إجراء الاختبارات، وبالتالي اكتشفنا عددًا من الحالات الإيجابية.. لحسن الحظ، وبسبب نظام الرعاية الصحية القوي في بلدنا، فلدينا أدنى معدل وفيات على مستوى العالم".

وحول الأوضاع في الشرق الأوسط، قال سعادته " نتيجة لتخطيط استجابتنا المبكرة للأزمات، والنهج المتكامل للحكومة فإننا في وضع قوي وفي وضع جيد لتجاوز الأزمة"، لكنه أشار إلى أن الأوضاع ليست جميعها متساوية في منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح في هذا الصدد أن "هذا هو السبب في أن نهج قطر للتخفيف من آثار انتشار (Covid-19) لا يعالج السياسات المحلية فحسب، بل يشمل أيضا الدعم الإقليمي والدولي، حيث أصبح انتشار الفيروس مصدر قلق أمني للمنطقة، وبالتالي يجب علينا جميعا أن نتحد لدعم بعضنا البعض".

ولفت سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إلى أن دولة قطر تواصل تقديم الدعم لأكثر من 20 دولة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات متعددة الأطراف.. وقال إن دولة قطر من خلال المنظمات متعددة الأطراف تدعم المبادرات التي تخفف آثار جائحة فيروس كورونا المستجد.

وناشد سعادته المجتمع الدولي بالعمل معًا لمكافحة المرض وإيجاد اللقاحات وإنهاء ضرر هذا الفيروس.. وأضاف "لقد قمنا بتنظيم وحشد الدعم الإنساني الدولي بما في ذلك التبرعات بالمساعدات الطبية والإمدادات للمجتمعات الأكثر تأثراً في الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان وفلسطين وتونس والجزائر وإيران".

وتابع "يتشكل منظورنا للمستقبل من خلال إيماننا بالعمل الجماعي القوي وتحسين التنسيق بيننا للمضي قدما".. وأضاف " كان البعد الإنساني دائماً حاضراً في قلب سياستنا الخارجية لأننا نؤمن بأن المحافظة على كرامة الإنسان وحقوقه تشكل جزءاً من سياسة قطر الخارجية.. إننا نؤمن بأن المساعدات الإنسانية والتنموية التي نقدمها على مستوى العالم تساهم في أمن واستقرار العالم.. وهذا ليس قاصراً على منطقة بعينها أو ديانة ولكنها لجميع الإنسانية، ونمد أيادينا لجميع أصدقائنا".

وأكد أنه "لن يكون من الممكن مواجهة تداعيات الوباء دون تعاون وتنسيق على أعلى مستوى وأكثرها شمولا قدر الإمكان".

وقال سعادته "نحن في قطر ما زلنا نؤمن بقوة الحوار والدبلوماسية.. ونعتقد أن الأزمات المختلفة التي نواجهها في منطقة الخليج وخارجها، بما في ذلك هذه الجائحة، دليل على الحاجة الملحة لاتفاقية أمنية إقليمية توفر الاستقرار الأساسي للشرق الأوسط".. وأضاف "بدلاً من تطبيق الإقصاء أو التضييق، لدينا فرصة أكبر لتحقيق الأمن على المدى الطويل من خلال التعاون والحوار المباشرين الخاضعين للمساءلة ضمن إطار أمني إقليمي".

ورأى أنه "إذا انضمت كل دولة في الشرق الأوسط بحسن نية ورغبة في الالتزام بشفافية، فيمكننا إنشاء إطار منظم، مع آليات ملزمة وحل النزاعات، حيث ستخضع جميع الدول للمساءلة عن تحقيق السلام والحفاظ على الأمن".

وأوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أنه "في وجود هذه المبادئ التأسيسية والملزمة والتي تخضع للمساءلة، فإنه يمكن للدول الإقليمية الحوار حول المهددات الحقيقية والتي تكون مشابهة لتلك التي نواجهها اليوم بشكل جماعي".

وإجابة على سؤال حول العلاقات الأمريكية القطرية، أوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن التعاون بين البلدين لم يتأثر بشيء منذ بداية الأزمة خاصة التعاون العسكري، حيث تستضيف دولة قطر مركز القيادة في قاعدة العديد.. وأضاف " ما زلنا نواصل جهودنا حول القضايا الإقليمية، مثل أفغانستان والمحادثات التي توجت بالتوقيع علي الاتفاق الذي تم في الدوحة بين /طالبان/ والولايات المتحدة، وسوف نواصل الوساطة بين الأطراف الأفغانية، والولايات المتحدة و/طالبان/".

ولفت سعادته إلى تعاون دولة قطر مع الولايات المتحدة من أجل إجلاء المواطنين الأمريكيين خاصة عبر الخطوط القطرية.. مؤكدا "لم نقم بذلك مع الولايات المتحدة فقط، فقد تعاونا مع دول أخرى لنفس الغرض، وقمنا بإمداد العون للولايات التي تأثرت، مثل نيويورك، كاليفورنيا، ونؤمن بأن العلاقات بين قطر والولايات المتحدة قوية وهنالك تحالفات استراتيجية بين البلدين".

وفيما يتعلق بالوضع في أفغانستان، قال " نحن نعلم أن طريق السلام دائمًا كان طريقًا صعبًا وليس سهلاً على الإطلاق.. لذلك التزمت دولة قطر منذ البداية وعملت على تماسك العملية التفاوضية، وعملت على تخطي العقبات التي واجهتها، وأن تعمل على جمع الأطراف حول طاولة المفاوضات، والسعي إلى الوصول للهدف الأساسي وهو الاتفاق بين الأطراف، وكنا دوما نسعى إلى تحقيق توافق حول القضية الأساسية وهي إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان".

وإجابةً على سؤال حول رؤية دولة قطر للمنطقة خاصةً في دعم قطر للشباب، قال سعادته " نرى أن الشباب مصدر مهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لذلك نسعى لدعم الشباب في المنطقة خاصةُ في مجال التمكين الاقتصادي لخلق الوظائف والفرص للشباب في منطقتنا.. وكمثال على ذلك لدينا مبادرة "صلتك" التي ساهمت في توظيف أكثر من مليون من الشباب العربي في مختلف المشاريع.. وهناك دعم أيضاً للبرامج الفرعية التي أقمناها مثل صندوق قطر تونس للصداقة وصندوق دارفور بعد اتفاقية سلام الدوحة والتي تركز، إلى جانب المبادرات الأخرى، بصفة أساسية على تطوير وخلق الفرص للأجيال الشابة لإقامة مشاريعهم الخاصة التي تخلق بيئة إنتاجية لهم.. نحن نقدم لهم التمويل لمراحل التأسيس الأولى والدعم الفني في المراحل اللاحقة.. هناك أيضا مبادرة أخرى نعمل على تنفيذها لصالح الاتحاد الإفريقي في قضية الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا وقضية المهاجرين خاصة في ليبيا.".

وأضاف سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية " اتفقنا مع الاتحاد الإفريقي على إنشاء صندوق للإعادة للمواطنين واللاجئين إلى دولهم وتوفير فرص عمل لهم عن طريق تمويل بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مدنهم، لذلك فإن التركيز الرئيسي ينصب على توفير فرص عمل للشباب وتوفير فرص اقتصادية لدولهم.. وهذا هو نهجنا في السياسة الخارجية وسنظل نتابعه وذلك لإعطاء الشباب في مناطق الصراعات أملاً في الحياة."

وحول الأزمة الخليجية، أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على إدراك المجتمع الدولي اليوم وجميع الدول أن الأزمة مبنية على أكاذيب وجرائم ضد دولة قطر والشعب القطري، وقال "أدرك المجتمع الدولي أن هذه الأكاذيب والاتهامات لم يتم إثبات أي منها، مع ذلك لم يكن هناك أي مساءلة لذلك تستمر هذه السلسلة من الأكاذيب".. وأضاف "كان سمو الأمير "حفظه الله" منذ بداية هذه الأزمة واضحا جدا وحاسما جدا في موقفه وهو ألا نتعامل معهم بنفس الطريقة التي يتعاملون بها معنا.. علينا أن نتعامل معهم حسب ما تمليه علينا أخلاقياتنا وقيمنا وبموجب مسئولياتنا تجاه المجتمع الدولي.. لذلك لم نتعامل بالمثل مع أي إجراءات اتخذوها ضدنا عندما حاصرونا وقاطعونا ومنعوا الامدادات الغذائية والدوائية وأغلقوا المجالات الجوية."

وقال " ما زلنا على موقفنا، ونحن مصممون على أن يكون لنا علاقات إيجابية وبناءة مع الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.. نحن نؤمن بمجلس التعاون الخليجي وبوحدته ولكن بشرط واحد وهو احترام سيادة جميع الدول واحترام جميع الدول للقانون الدولي واحترام مبدأ المساواة بين الدول."

وإجابةً للاستفسار حول الحل للأزمة الخليجية، قال سعادته " قطر منفتحة للنقاش ونريد أن نتأكد من أن أي اتفاقيات مستقبلية بين قطر والدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي ستضمن تقدما إلى الأمام لحمايتنا في حالة أي نزاع مستقبلي وألا يعاني أطفالنا وأطفالهم في المستقبل من أي نزاع بيننا وبين الدول الأخرى.. ليس هذا لمصلحتنا نحن فقط بل لمصلحة جميع المنطقة، نعتقد أنه لابد أن يكون هناك اتفاقية تنص بوضوح كامل على مسئوليات كل دولة تجاه الدولة الأخرى".

وإجابةً على السؤال حول ليبيا، أشار سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى الأوضاع في ليبيا، وقال إنها متدهورة.. مشيرا إلى تدخلات كثيرة في الشأن الليبي من قبل عدة دول، أوروبية وعربية، لدعم رجل عسكري يريد حكم البلاد بالقوة.. واستبعد إمكانية وجود حل هناك الا اذا اعترف المجتمع الدولي بأنه لا يمكن أن يتعامل مع هذه الاوضاع في ظل وجود معيارين.. وانتقد سعادته التناقض الدولي في التعامل مع الأزمة الليبية، وأوضح أنه وبعد صمت طويل عن التدخلات الخارجية في ليبيا، ظهرت ردود فعل دولية ضد تدخل تركيا هناك فقط.

وجدد سعادته دعم دولة قطر للحكومة الشرعية في ليبيا، وبمخرجات اتفاق الصخيرات، مؤكداً أن هذا الاتفاق هو السبيل الوحيد لتحقيق انتقال سلس للسلطة في البلاد.

وفي الشأن اليمني، قال إن نتيجة الحرب الدائرة هناك منذ خمس سنوات هي دمار البنية التحتية في اليمن.. وعبر سعادته عن أسفه لانحراف الأوضاع في اليمن عن القضية الرئيسية التي بدأت الحرب من أجلها.. ورأى أن الطريق الوحيد لليمنيين للتقدم إلى الأمام يتمثل في وقف الحرب في المقام الأول ثم جمع اليمنيين ثم وقف التدخل من جميع الدول دون استثناء، وأن يحدد اليمنيون بعد ذلك الطريق الذي يسلكوه لتحقيق السلام.

وحول المساعدات المقدمة إلى فلسطين، قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية "إننا نساعد غزة عبر آلية دولية واضحة وفقاً للأمم المتحدة ووكالاتها العاملة هناك وكل المساعدات تمر من خلالهم.. والولايات المتحدة على علم بتلك المساعدات.. يعاني أهل غزة من الحصار تحت بصر المجتمع الدولي ولذلك نساعدها من منطلق إنساني، ونحن نتوقع من المجتمع الدولي أن ينظر لمعاناة شعب غزة".

وأضاف أن "حركة /حماس/ جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وأن قطر تدعم الشعب الفلسطيني بغض النظر عن مكوناته السياسية، ولدى الدولة صلات متميزة مع السلطة الفلسطينية كما تدعمها وتدعم جهودها.. ونحن في دولة قطر يهمنا دعم الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو غزة".. مشيراً إلى دعم قطر لكل من الضفة والقطاع في جائحة /كورونا/.

ورداً على سؤال حول استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم، قال سعادته إن السياسة قسمت الجميع في المنطقة، وأعرب عن أمله في أن تعمل كرة القدم على إعادة الوحدة بين دول المنطقة، وأضاف أن استضافة قطر للأحداث الكبرى كمنتدى الدوحة جزء من استراتيجية دولة قطر، والتي يمكن من خلالها خلق روابط مع دول العالم.

وختاماً دعا سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أهمية وجود بنية أمنية جديدة في المنطقة تهتم بالقوانين والحقوق، والمسؤوليات.. مؤكداً أن هذا هو السبيل الوحيد للمضي قدماً، وذكر أن المنطقة تمر حاليا بوضع مشابهة للحرب الباردة، وأن الوضع سيزداد صعوبةً إذا لم يكن هناك تعاون بين دول المنطقة.