كلمة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أمام مجلس حلف شمال الأطلسي "الناتو"
سعادة الأمين العام ينس ستولتنبرغ،
السيدات والسادة،
إنه من عظيم دواعي سروري أن أكون معكم اليوم لأتبادل معكم وجهات النظر حول القضايا الهامة في منطقتي وحولها.
تدرك دولة قطر أهمية العمل الجماعي متعدد الأطراف في تحقيق السلم والأمن الدوليين. وفي هذا الصدد تقدِّر دور حلف الناتو ومبادرة إسطنبول للتعاون في تحقيق هذا الهدف، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن المشتركة وتقوية الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار العالمي وإعادة التعمير في المناطق التي تعاني من الصراعات.
تتسم العلاقة بين قطر وحلف الناتو بأهمية بالغة، وقد كان اجتماعنا شاهدا على رغبتنا القوية في تعزيز هذه العلاقة.
مع حلول الذكرى السنوية الخامسة عشرة لإطلاق مبادرة اسطنبول للتعاون أود أن أؤكد على الأهمية القصوى التي توليها دولة قطر لشراكتنا مع الناتو..
عمِل كل من الناتو وقطر معا على تطوير حوارنا السياسي المعتاد وتقوية تعاوننا الفعلي بمختلف الطرق. نحن في قطر نركز تعاوننا في مجالات العمل المشترك والتدريب والتعليم والدفاع السيبراني وأمن الطاقة والتخطيط لمواجهة الطوارئ المدنية وإدارة الأزمات ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
منذ انضمامها إلى مبادرة اسطنبول للتعاون، لم تدَّخر دولة قطر أي جهد لتعزيز الأمن المشترك من خلال إطار عملنا للتشاور وتبادل الآراء والتعاون في مجالات ترتيبات الدفاع والجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب.
استنادًا إلى إيماننا الراسخ بضرورة التعاون لتحقيق الأمن والسلام المستدامين على الصعيدين الإقليمي والدولي، صادقت دولة قطر على برنامج الشراكة الفردية لحلف الناتو، والذي يعد إطارًا شاملاً للتعاون والعمل المشترك.
في العام الماضي، وقعنا اتفاقية حول أمن المعلومات واتفاقية حول زيادة التعاون العسكري والأمني، تٌسمح لقوات الناتو وأفرادها بدخول قطر وعبورها، واستخدام قاعدة العديد الجوية.
السيدات والسادة،
أنا واثق من القول إن العلاقة الاستراتيجية بين دولة قطر وحلف الناتو انعكست بشكل إيجابي على السلام والأمن في منطقة الخليج والشرق الأوسط والعالم.
وفي إطار الشراكة النشطة لدولة قطر في دعم وتعزيز مجالات التعاون بين مبادرة اسطنبول للتعاون وحلف الناتو، ودعم عمليات الناتو، ساهمت دولة قطر في عملية الناتو بشأن "الحماية الموحدة" وبعثة "الدعم الحازم" لحلف الناتو في أفغانستان والتي تعمل جنباً إلى جنب في ليبيا وقبالة ساحل الصومال.
السيدات والسادة،
إن دولة قطر مصممة على أن تكون قوة خير في العالم وأن تلعب دورا نشطا في نشر السلام.
كما تمنح دولة قطر أولوية للدبلوماسية الوقائية والوساطة على المستويين الإقليمي والدولي لحل النزاعات عبر الوسائل السلمية وأن تحقق السلام الذي نتمناه جميعا.
وقد أظهرت الأحداث الجيوسياسية الأخيرة أن مواجهة التهديدات الخطيرة والأزمات في عالمنا يتطلب جهود جماعية وتعاون دولي واقليمي وثنائي.
السيدات والسادة،
أود أن أسلط الضوء على تحديين جماعيين رئيسيين للسلام والأمن نواجههما اليوم.
أولا: استمرارية الصراعات في الشرق الأوسط:
الحل: الحوار والدبلوماسية والتعاون
مثل رؤية الناتو، قطر ملتزمة بالحل السلمي للنزاعات. واستنادا على المبادئ الراسخة للسياسة الخارجية القطرية ورغبتها في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والمجتمع الدولي فإننا نستمر في التأكيد على أهمية حل النزاعات عبر الوسائل السلمية.
إن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط هما حجر الزاوية للسلام والاستقرار العالمي. وإن دولة قطر لتؤكد مجدداً دعمها المستمر لكافة الجهود الدولية والإقليمية لضمان نجاح الحلول السياسية للأزمات في سوريا وليبيا واليمن طبقا لقرارات المجتمع الدولي كما دعت جميع أطراف الصراع في تلك الدول للوصول الى توافق وطني لإيقاف إراقة الدماء وتحقيق الطموحات المشروعة للشعب.
وكما شاركت دولة قطر في مهمة "الدعم الحازم" للناتو في أفغانستان فإننا أيضا نشارك في الجهود الدبلوماسية لتسهيل واستضافة وساطة بين طلبان والولايات المتحدة. أننا نشهد تقدم غير مسبوق في محادثات السلام التي تمثل فيها قطر الميسر الرئيسي. أننا نستضيف في الوقت الحالي جولات محادثات ناجحة.
أن نموذج أفغانستان هو مثال آخر الأن لكيفية إنهاء كل نزاع في طاولة التفاوض. أن جميع الأطراف تلاحظ اليوم أنه يجب عليها الاشتراك بصورة جماعية في مباحثات بناءة ذات معنى.
ثانيا: التهديد المتنامي للهجمات الإلكترونية:
الحل: تعاونوا لبناء دفاعات قوية ومرنة
إن العالم اقتنع الأن أن المخاطر التي تشكلّها جرائم الأمن الإلكتروني تشكّل تهديدا للأمن والسلم العالمي. فقد أصبحت القرصنة الإلكترونية وسيلة لخلق الأزمات وتدمير العلاقات بين الدول لتحقيق أهداف خاصة دون الأخذ في الاعتبار للمسؤولية القانونية والسياسية لتلك الجرائم.
في هذا السياق، أود أن أشير إلى أن الأزمة الخليجية الحالية والحصار غير القانوني المفروض على دولة قطر، منذ ما يقرب من عامين، كانا نتيجة لجرائم إليكترونية وتجسس رقمي. لقد تعرضت دولة قطر بسلسلة من الهجمات الإلكترونية على الهيئات الحكومية والمسؤولين وقامتا باتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضد دولة قطر في انتهاك صارخ للقانون الدولي. ولكن هذا الحصار لم يعق التزام دولة قطر بالتعاون في إطار مبادرة اسطنبول للتعاون. في الحقيقة، إن دولة قطر مهتمة بالاستفادة من قدرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مجال الدفاع الإلكتروني وخبرته في هذا المجال.
وبما أننا قد قمنا بمناقشة عدة طرق للتعاون في اجتماعنا المغلق مع الأمين العام في وقت مبكر بعد ظهر هذا اليوم، فإننا نتطلع إلى التعاون في برامج إضافية من شأنها أن تعزز التعاون بين دولة قطر وحلف شمال الأطلسي في المستقبل. إن دولة قطر لن تدخر جهداً من أجل الاستمرار في المشاركة النشطة مع الناتو على مستوى الشراكة الفردية أو من خلال مبادرة اسطنبول للتعاون من أجل السلام والأمن الدوليين، وذلك من خلال القيام بتنفيذ برامج لتعزيز التعاون والتنسيق بين دولة قطر وحلف الناتو.
إنني أتطلع إلى سماع آراءكم اليوم حول كيفية استمرار دولة قطر في تقديم الدعم لحلف الناتو والمنطقة، خاصةً وأنها تتعلق بموقعنا الاستراتيجي وقدراتنا المتقدمة.