كلمة معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أمام الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة المشتركة العربية - الإسلامية الطارئة لبحث الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر

بسم الله الرحمن الرحيم

 أصحاب المعالي والسعادة السيدات والسادة

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 يسرني في البداية أن أرحب بكم في بلدكم الثاني قطر وأن  اعبر عن خالص الشكر والتقدير لمشاركتكم في هذه القمة العربية الإسلامية الطارئة التي تنعقد إثر العدوان الإسرائيلي الغادر الذي استهدف أراضينا في وضح النهار يوم الثلاثاء الماضي الموافق التاسع من سبتمبر الجاري  في عمل يعبر عن غطرسة وتهور لانتهاك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ووسيط في عملية السلام ما يشكل تصعيداً خطيراً يهدد السلم والأمن والاستقرار الإقليمي ويقوض كل وأي جهود للتهدئة في منطقة الشرق الأوسط.

    إن تمادي إسرائيل في انتهاك القانون الدولي والقيم الإنسانية والأعراف الدبلوماسية تجلى في الهجوم الهمجي الذي وقع في وضح النهار في مدينة الدوحة في منطقة سكنية تضم مساكن ومدارس ورياض للأطفال وبعثات دبلوماسية وأدى إلى استشهاد أحد عناصر أجهزة الأمن وسقوط ضحايا مدنيين ولا يمكن توصيف هذا الاعتداء إلا بأنه إرهاب دولة وهو نهج تتبعه الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة ويضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويستهدف أمن المنطقة بأسرها في تحد سافر للشرعية الدولية.

 أصحاب المعالي والسعادة

 إن العدوان الإسرائيلي المتهور والغادر ارتكب أثناء استضافة دولة قطر لمفاوضات رسمية وعلنية وبعلم الجانب الإسرائيلي نفسه وبهدف وقف اطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والرهائن وبدلاً من أن تقدر إسرائيل جهود دولة قطر وتحافظ على التقدم الذي شهدته المفاوضات قامت بالقصف الجوي لمقر سكني وجد فيه أعضاء الفريق التفاوضي لحركة حماس ما يؤكد لكم أن ما جرى لم يكن مجرد استهداف لموقع بل اعتداء على مبدأ الوساطة ذاته وعلى كل ما تمثله الدبلوماسية بدلا عن الحرب والدمار وبالتالي فإن هذا العدوان لن يؤدي إلا إلى إجهاض محاولات التهدئة ويؤكد نوايا الحكومة الإسرائيلية برفض المسارات السلمية لإنهاء القضية الفلسطينية والاستمرار في تحدي الإرادة الدولية وميثاق الأمم المتحدة وهو ما يتضح من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتكررة بشأن ضم الأراضي الفلسطينية وأوهام إسرائيل الكبرى. ولعلكم تؤيدونني إذا قلت أن ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذا النهج هو صمت، بل بالأحرى عجز المجتمع الدولي عن محاسبته وعدم وجود عواقب لأي جريمة ترتكبها.

 الحضور الكريم

 إن دولة قطر لن تتهاون مع أي اختراق لسيادتها أو تهديد لأمنها الوطني فالسيادة القطرية مسألة لا يمكن التجاوز عنها أو التجاوز فيها وإننا سنواجه أي تهديد لنا بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي وفي هذا الصدد فإننا نقدر تضامن الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول الصديقة من المجتمع الدولي التي أدانت هذا الهجوم الإسرائيلي الهمجي وأبدت  دعمها التام لنا وما سنقوم به من إجراءات قانونية ومشروعة للحفاظ على سيادة بلادنا.

إن الاعتداء على سيادة دولة قطر يعد خرقاً صريحا للمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة وخاصة الفقرة الرابعة التي تحظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي الدول واستقلالها السياسي وهو كذلك خرق للعرف الدبلوماسي والمعايير الأخلاقية والإنسانية ولا يمكن أن يعد حادثاً عابراً إنما هو سابقة خطيرة ينبغي مواجهتها بكل قوة وحزم  والحق أقول أن تصرف حكومة الاحتلال الإسرائيلي متجرد من الإنسانية لا يمكن تفسيره إلا كرسالة مفتوحة مضمونها أن ليس لدى إسرائيل أي خطوط حمراء تضبط سلوكها وأنها ماضية في زعزعة استقرار أي دولة في العالم وتقويض أي جهود دبلوماسية تتعارض مع أجندتها أو تكشف هشاشة موقفها وبالتالي يجب علينا عدم السكوت والتهاون أمام هذا العدوان البربري واتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة على مختلف الأصعدة لمنع المزيد من التمادي الذي ان تركناه لن يقف عند أحد وسنجد أنفسنا لا محالة أمام سلسلة لن تنتهي من الدم والخراب ولن يكون أحد بمنأى عن أذاها ومخاطرها.

 الحضور الكريم

لقد حان الوقت لتوقف المجتمع الدولي عن الكيل بالمعايير المزدوجة ومعاقبة إسرائيل على جميع الجرائم التي ارتكبتها ويجب أن تعلم إسرائيل أن حرب الإبادة المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق التي تستهدف نزعه من أرضه وتهجيره قصراً من وطنه لن تفلح مهما رددت من مزاعم لتبريرها وأن تلك المحاولات باتت معلومة ومرفوضة من المجتمع الدولي ويكشف ذلك رفض الاحتلال الإسرائيلي لمقترح لوقف اطلاق النار في غزة وتعمده توسيع دائرة الحرب معرضة شعوب المنطقة كلها بما فيها شعبه لوضع بالغ الخطورة ونجدد ما نشير إليه دائماً لأن هذه المنطقة لن تنعم بالأمن والسلام والاستقرار ولن تشعر شعوبها بالعدالة من دون حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 .

وأننا في دولة قطر نؤكد على أن الوساطة في حل النزاعات بالطرق السلمية ليست التزاماً قانونياً نص عليه الدستور الدائم للدولة فحسب ولكنها التزاماً إنسانياً وأخلاقياً وعقيدةً راسخة في سياستنا وأن السلام العادل والشامل والدائم خياراً استراتيجيا لا غنى عنه ومن هذا المنطلق نؤكد على أن الممارسات الإسرائيلية الغوغائية والهمجية لن تثنينا عن مواصلة كل الجهود المخلصة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة لوقف هذه الحرب الظالمة.

 ختاما لا يخفى عليكم أننا توجهنا يوم الخميس الماضي إلى مجلس الأمن في جلسة طارئة لإدانة العدوان الإسرائيلي على سيادة دولة قطر ونثمن هنا الإجماع الدولي على إدانة إسرائيل والتضامن مع دولة قطر ودعم سيادتها وسلامة أراضيها ودعم دورها الأساسي في الوساطة ونجدد ترحيبنا بالبيان الصادر عن مجلس الأمن بهذا الشهر واليوم علينا اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف غطرسة إسرائيل واستمرار ارتكابها جرائم ضد الإنسانية تحت غطاء ازدواجية المعايير من المجتمع الدولي.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته