كلمة سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال احتفال إبرام اتفاق إحلال السلام في افغانستان

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب السعادة،،،

السيدات والسادة،،،

الحضور الكرام،،،


يسرني في البداية أن أرحب بكم جميعًا في دولة قطر متمنيًا لكم طيب الإقامة.

بدءًا وقبل كل شيء نحمد الله تعالى الذي وفقنا وهدانا للتوصل إلى اتفاق يعتبر الخطوة الأولى لطريق السلام الشامل والمستدام والذي يجب أن يجمع فيه كافة أطياف ومناطق ومكونات المجتمع الأفغاني رجالاً ونساءً لبناء مستقبل الأجيال القادمة في هذا البلد العريق.

لقد بادرت دولة قطر باستضافة مؤتمر الحوار الأفغاني - الأفغاني خلال السنة الماضية والذي وضع اللبنات الأولى لحوار مجتمعي أوسع وأشمل بين الفرقاء في المعادلة الأفغانية، ونتطلع إلى استكمال هذه العملية لتتويج هذا الاتفاق بالسلام الشامل والمستدام في المستقبل القريب بإذن الله.

إن دولة قطر كانت - وما تزال - على يقين من عدم جدوى أي حل عسكري للأزمة الأفغانية، وتنفيذًا للتوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، فقد واصلت دولة قطر جهودها الحثيثة ومساعيها الحميدة ووساطتها الجادة من أجل تحقيق السلام في أفغانستان والتقريب بين وجهات نظر الأطراف المعنية في الصراع للتوصل إلى حل سياسي يضمن تحقيق السلام والاستقرار والازدهار للشعب الأفغاني.

 

إننا جميعًا ندرك أن الشعب الأفغاني يواجه ظروفًا خطيرة ويتحمل ما يفوق طاقته في التعامل مع الأخطار والتهديدات الناشئة عن الحرب بكل تبعاتها السلبية، ونُثمن هنا موقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية و   طالبان خلال مراحل الحوار والمفاوضات التي استضافتها الدوحة، وحرصهما على الشفافية، واقتناعهما الراسخ بمواجهة التحديات المتشابكة والمتنوعة لتحقيق السلام المنشود ورغبتهما الصادقة في إنهاء الخلاف بينهما، وقد تابعنا بتفاؤل كيف أدى وقف عمليات العنف في أفغانستان ابتداءً من يوم السبت الماضي إلى المحافظة على أرواح بريئة ستكون دون أدنى شك سندًا للسلام المستدام والإعمار المنشود.

أصحاب السعادة،،

لقد ركّزت دولة قطر على الوساطة كأداة رئيسية لتحقيق السلام وحل النزاعات بالسبل السلمية، مما أتاح لها حل العديد من النزاعات في المنطقة بفضل مصداقيتها وشفافيتها ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف.

إن ما يُسعد دولة قطر - قيادةً وحكومةً وشعبًا - أن يُوقع على أرضها اتفاق السلام بين الولايات المتحدة الأمريكية و   طالبان الذي مر بمراحل طويلة من المفاوضات الشاقة حتى كُلل بالنجاح.

إن تحقيق السلام المنشود من هذا الاتفاق وبناء علاقات ناجحة ومثمرة بين الجانبين يتطلب إدراكًا متبادلًا من كل طرف لشواغل الطرف الآخر ورغبة صادقة في تحقيق المصلحة للجميع، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال خلق ظروف مواتية لتنفيذ هذا الاتفاق وصولًا إلى التسوية النهائية بين الجانبين.

إن اجتماعنا اليوم يشكل رسالة دعم للشعب الأفغاني من أجل اجتياز هذه المرحلة الصعبة، ورسالة شكر إلى الولايات المتحدة الأمريكية و طالبان والحكومة الأفغانية وكافة الدول التي دعمت الحوار والمفاوضات بين الجانبين، ونتطلع أن يكون هذا الاتفاق نقطة تحول مهمة على طريق الاستقرار والازدهار للشعب الأفغاني وتحقيق أهدافه في الأمن والتنمية والرخاء.

أصحاب السعادة،،

انطلاقًا من إيمان دولة قطر الراسخ بأن استدامة السلام مسؤولية مشتركة للأسرة الدولية فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى بذل كافة الجهود لمواجهة أية تحديات تواجه السلام المنشود في أفغانستان ونؤكد على أن دولة قطر لن تألوا جهدًا في مواصلة مشاركتها الفاعلة مع كافة الجهود الدولية والإقليمية في هذا الشأن.

وإنني أدعو اليوم الدول التي لا زالت تشهد نزاعات للانفتاح على المبادرات الهادفة إلى إرساء دعائم السلام من خلال الحوار البنّاء الذي يحقق للشعوب طموحاتها وتطلعاتها في الأمن والاستقرار والعيش الكريم، وما أحوجنا إلى ذلك السلام في مناطق كثيرة من العالم وما أحوجنا إلى لغة حوار رصينة وصريحة تعالج مشاغل اليوم وتفتح الطريق أمام مستقبل أفضل تستحقه الشعوب.

وختامًا فإن دولة قطر تعتز باجتماعكم اليوم في الدوحة التي جعلتم منها دارًا مفتوحة للحوار أمام الجميع، وتفخر بأنها استطاعت أن تذلل العقبات التي واجهت إبرام اتفاق السلام الذي نحتفي به اليوم.

ولا يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى جميع القائمين على التنظيم والإعداد المتميز لإنجاح عملية الحوار والمفاوضات وإبرام اتفاق السلام.

أكرر الترحيب بكم في الدوحة وأشكركم على حسن الاستماع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.