المؤتمر الصحفي المشترك لمعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على هامش النسخة الثانية من الحوار الاستراتيجي القطري البريطاني
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في البداية أود أن أرحب بصديقي السيد/ ديفيد لامي وزير خارجية المملكة المتحدة الصديقة في الدوحة وذلك لعقد أعمال الحوار الاستراتيجي الثاني القطري البريطاني.
سعادتكم، منذ انعقاد الحوار الاستراتيجي الأول، شهدت الشراكة القطرية البريطانية تحركات مكثفة لتعميق التعاون على مختلف المستويات، ومثلت زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد (حفظه الله) إلى لندن في ديسمبر الماضي محطة تاريخية في مسيرة العلاقات بين بلدينا الصديقين، والتي أكدنا خلالها على التزامنا بتعميق الشراكة الثنائية التاريخية المتينة بين البلدين.
يمثل إنطلاق أعمال الحوار الاستراتيجي الثاني اليوم والذي يحمل عنوان "شركاء نحو المستقبل" محطة أخرى في الدفع بتلك الشراكة بين دولة قطر والمملكة المتحدة، كما يؤكد عزمنا المستمر على مواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والدفاع والأمن، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
كما تعقد تحت مظلة حوارنا الاستراتيجي اليوم 8 مجموعات عمل مشتركة تعمل على وضع الخطوات العملية نحو تحقيق التطلعات المشتركة بين البلدين.
ويسعدنا أن نشهد إطلاق مجموعة عمل في مجال التكنولوجيا والعلوم والابتكار، ومجموعة عمل في مجال الصحة، ومالها من دلالة حول الآفاق المتاحة للدفع بالتعاون الحالي بين دولة قطر والمملكة المتحدة في مجالات التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي والفرص المستقبلية، بما في ذلك دورها في دعم تطبيقات الرعاية الصحية والبيانات الصحية.
إن المستقبل المزدهر هو شعار نقف خلفه جميعاً. وبكل تأكيد، دولة قطر والمملكة المتحدة بشراكة اقتصادية وتجارية واستثمارية حيوية ومزدهرة تعتبر معلم نفخر به في شراكتنا الاستراتيجية.
تستثمر دولة قطر أكثر من 40 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني، مما يُسهم في خلق فرص عمل، وتحقيق النمو والازدهار في المملكة المتحدة، كما يحقق العوائد للصندوق السيادي القطري لضمان مستقبل الأجيال القادمة في دولة قطر. وتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.6 مليار جنيه إسترليني في عام 2024م.
وتواصل دولة قطر لعب دور محوري بين كبار المستثمرين العالميين في المملكة المتحدة، كوننا الشريك الأول للشركات البريطانية الرائدة. ونعتبر المملكة المتحدة أحد أهم شركائنا الاستثماريين، بسجل حافل من النجاحات في المجالات الاستثمارية الرئيسية.
كما تساهم استثماراتنا في دعم نمو الاقتصاد البريطاني ومشاريعه، وزيادة فرص العمل والابتكار والتنمية الاقتصادية في بلدينا الصديقين، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والاستدامة وسبل التكيف مع التغير المناخي والتطور الرقمي.
سعادة الوزير، هذه الشراكة هي علامة قوية على الالتزام المشترك بخلق الرخاء والمستقبل المشرق لشعبينا الصديقين.
على الرغم من المسافات التي تفصلنا، إلا أن هناك حقيقةً شيئًا مميزًا في العلاقة بين شعبينا الصديقين.
سواءً تعلق الأمر بآلاف الطلاب القطريين الذين استفادوا من التعليم في المدارس والكليات والجامعات البريطانية، أو بعشرات الآلاف من البريطانيين في قطر الذين يعملون معنا لتحقيق أهدافنا وطموحنا الوطنية، فإن الود والحيوية هما جوهر هذه العلاقة.
وقد أكدت جهودنا المشتركة لتوسيع هذا التعاون خاصة في مجالات التعليم والثقافة والتراث والرياضة والصحة والبحث والابتكار، بما في ذلك علم الجينوم، بالإضافة إلى تقاليدنا الراسخة في الشراكات الثقافية.
معالي الوزير، أصحبت شراكتنا أكثر أهمية من أي وقت مضى في ضوء المخاطر الكبرى والتصعيد المستمر والمتصاعد الذي يهدد الأمن الدولي. وتعزيزاً لهذه الشراكة وفي إطار حوارنا الاستراتيجي اليوم، نعلن عن توقيع خطاب للنوايا للتعاون في مجال السلام والمصالحة وتسوية النزاعات والتي من شأنها أن تعزز من التعاون على المستوى التقني لتطوير القدرات في هذه المجال، ودعماً لجهودنا الدولية في إحلال السلام.
كما عقدنا مجموعة عمل التنمية الأولى، وذلك للبناء على الجهود المشتركة في التحديات الإنسانية والصحة العالمية وخلق مبادرات مشتركة للتنمية وذلك في ضوء مضاعفة مبادرة التمويل المشترك للتعاون الإنمائي إلى 100 مليون دولار.
وسنعمل على استكشاف برامج مشتركة في المناطق ذات الأولوية، تشمل على سبيل المثال لا الحصر: قطاع غزة، والسودان، وسوريا، واليمن، والصومال، وبنغلاديش.
الا أن المخاطر اليوم أعلى من أي وقت مضى. فإن التصعيد والعدوان والحصار الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة، واستمرار تسييس المساعدات الإنسانية واستهداف العاملين في المجال الانساني واستخدام الجوع كأداة للعقاب الجماعي، يضع منطقتنا بأكملها على حافة الهاوية
إن هذا يمثل تحدياً لإنسانيتنا، وتركه دون محاسبة هو دعوة مفتوحة لمن تسول له نفسه اتباع هذه الأساليب اللاإنسانية في فرض إرادة سياسية على أي شعب يبحث عن حريته.
وهنا نؤكد أننا سنظل ملتزمين بالعمل على تهدئة الأوضاع، ومطالبة إسرائيل بالكف عن منع دخول المساعدات الإنسانية، ونعمل بلا كلل لدعم جميع الجهود الرامية إلى حل الخلافات عبر الحوار والتفاوض.
واليوم، معاليكم، نرى تطورات إيجابية في سوريا متمثلة في إعادة بناء دولة دمرتها الحرب، وفرص للسلام تدعمها المفاوضات بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية بوساطة عمانية، ناهيك عن التفاوض حول السلام في أوكرانيا وغيرها من الجهود الدولية الرامية لتحقيق حلم الإنسانية بسلام عادل ودائم لشعوبنا.
وسنظل ملتزمين بدعم هذه الجهود ونحن نرى أزمات أخرى تتفاقم فيها التداعيات الإنسانية وعلى رأسها السودان واليمن الشقيقين.
إن هدفنا هو تحقيق رؤيتنا المشتركة تجاه السلام والازدهار لشعبينا وتعزيزاً لشراكتنا المستقبلية نحو المستقبل.
وأود أن أشكركم وأشكر فرق العمل على كافة الجهود المبذولة لإنجاح هذا الحوار الاستراتيجي الثاني، ونتطلع لمراجعة هذه المستجدات خلال الحوار الاستراتيجي القادم بإذن الله.
شكرًا لكم معالي الوزير.