المؤتمر الصحفي المشترك لمعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية مع سعادة وزير خارجية مملكة إسبانيا على هامش الحوار الاستراتيجي القطري الإسباني الأول

 

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

 

 

في البداية أود ان اشكر زميلي معالي السيد خوسيه مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الاوروبي والتعاون، وحكومة مملكة إسبانيا الصديقة على كرم الضيافة وحسن الاستقبال. وأود أن أعرب عن سعادتي بتواجدي هنا في مدريد اليوم لافتتاح الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين دوله قطر ومملكة إسبانيا.

 

 معالي الوزير، طبعاً تمثل الشراكة القطرية الإسبانية نموذجاً ناجحاً للتحالفات الثنائية والإقليمية حين ترسخت هذه الشركة بفضل الروابط الوطيدة بين بلدينا وشعبينا الصديقين ورؤيتنا الموحدة في كافة المجالات.

 

 لقد مثلت الزيارة الهامة لسيدي حضره صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله إلى مدريد في عام ٢٠٢٢ محطة تاريخية في مسيرة العلاقات الثنائية، والتي نتج عنها الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، ونتج عنها انطلاق أعمال الحوار الاستراتيجي وهو تحت عنوان الشراكة تجاه السلام والازدهار.

 

 نتطلع من خلال هذا الحوار إلى العمل على تعميق التعاون في مجالات عدة من ضمنها: الدبلوماسية الإقليمية والدولية، والدفاع، والأمن، والطاقة، والتجارة والاستثمار، إلى جانب التعليم والرياضة والعمل على فتح آفاق جديدة للتعاون في الثقافة والسياحة والعلوم والابتكار.

 

معالي الوزير، تعتبر إسبانيا شريكاً مهماً لدولة قطر وإحدى
أهم وجهات الاستثمارات القطرية التي تغطي مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، بما فيها الطاقة والاستثمار العقاري وأسواق المال والمجال الرياضي. وقد أثمرت مساعينا المشتركة لتعزيز هذه الشراكة في نمو حجم التبادل التجاري في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع بنسبة نمو تراكمية تبلغ نحو 22% سنوياً في الفترة من 2020 إلى 2023، والفضل يعود بشكل كبير إلى ملف الطاقة حيث تعد دوله قطر من أكبر موردي الغاز الطبيعي لإسبانيا. طبعاً نطمح إلى الارتقاء بهذا الحجم بشكل إيجابي وإلى أيضاً التأكيد على أن يكون موزع بشكل في قطاعات مختلفة.

 

أيضاً نجحت بيئة الاستثمارات الناجحة الجاذبة في قطر في استقطاب الاستثمارات الإسبانية للسوق القطري عبر دخول العديد من الشركات الإسبانية إلى السوق القطرية. بلغ عددها 220 شركه في عام 2023 والتي ساهمت بشكل ايجابي في جهود دوله قطر والأجندة التنموية لدوله قطر وخطط التنويع الاقتصادي في كافة القطاعات التي تتماشى مع رؤية قطر 2030، ونحن نتطلع لدخول المزيد من الاستثمارات والشركات الإسبانية للسوق القطرية وأيضاً شراكات قطرية اسبانية في إسبانيا، الذي نهنئكم على هذا التطور الذي شهدته إسبانيا خصوصاً في الخمس سنوات الأخيرة.

 

على المستوى الثقافي دوله قطر وإسبانيا تعمل على عده مبادرات لتعميق الشراكة الثقافية بين البلدين والتي من شأنها أن توطن الصداقة ما بين الشعبين الصديقين. وفي هذا السياق، يسرنا الاعلان على أن دولة قطر تعمل على عدد من المبادرات الثقافية في مملكة إسبانيا ومنها إنشاء كرسي لتعليم اللغة العربية والحضارة الأندلسية بجامعة غرناطة، بالإضافة إلى توفير منح دراسية لتعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها في جامعه قطر.

وكما تعلمون معاليكم بأن الشراكة العميقة بين قطر ومملكة إسبانيا ليست مقتصره على التعاون الثنائي بل تمتد لتشمل التنسيق الدبلوماسي في مختلف الملفات الدولية. وقد أصبحت شراكتنا أكثر أهمية من أي وقت مضى في ضوء المخاطر التي تحيط بنا والتي تهدد الأمن والسلم العالميين، حيث نرى أن في منطقه الشرق الاوسط مرور أكثر من ثمانية أشهر على الحرب في غزه واستمرار استهداف المدنيين واستخدام سلاح التجويع والتهجير القصري والقصف العشوائي وفي القارة الأوروبية استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على المدنيين هناك وعلى أمن الغذاء والطاقة عالمياً.

 

نحن في دوله قطر نؤمن بأن التوصل إلى وقف فوري وعاجل ومستدام لإطلاق النار هو السبيل الوحيد لتخفيض التصعيد في كافة الجبهات وأن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لإنهاء جميع هذه النزاعات والحروب. وفي هذا الصدد شاركت دولة قطر في قمة السلام في اوكرانيا التي انعقدت في جمهورية سويسرا الفدرالية الاسبوع الماضي وجددنا دعوتنا لجميع الاطراف بالامتثال لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي واللجوء إلى الحل السلمي استناداً الى الالتزام بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية.

 

ونحو تحقيق هذه الغاية عملت دولة قطر من خلال وساطتها على لم شمل الاطفال الأوكرانيين مع ذويهم بالتنسيق مع كل من روسيا وأوكرانيا وحرصت منذ بداية النزاع إلى المساهمة في دعم الجهود الدولية لمعالجة التداعيات الإنسانية المتفاقمة عن النزاع والسعي لضمان حماية المدنيين من آثاره.

 

إلى جانب ذلك طبعاً تستمر جهود دولة قطر بالتعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين لإنهاء الحرب في قطاع غزه ومنع توسع دائرة العنف. وقد قامت دوله قطر حتى الآن بإجلاء أكثر من 2000 من الجرحى والمرضى ومرافقيهم وأرسلت 115 طائرة محملة بالمواد الغذائية والطبية والإغاثية ومستلزمات الإيواء.

 

كما نعمل على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتقوم دولة قطر حالياً بدراسة ردود جميع الأطراف والتنسيق مع شركائنا المعنيين حيال الخطوات القادمة. ومع أن جهودنا المستمرة لم تفضي حتى اليوم إلى النتائج المرجوة، فإننا نعول على استعداد شركائنا الإقليميين والدوليين لممارسة كافة أشكال الضغط اللازم لفرض وقف إطلاق النار والشروع فوراً في عملية سياسية شاملة تؤدي إلى حل شامل وعادل ومستدام للقضية الفلسطينية.

 

وفي هذا السياق نرحب بالجهود الدبلوماسية والسياسية التي تبذلها إسبانيا لإنهاء الحرب في غزه إذ أن موقفكم الأخلاقي معاليكم واضح في قراركم بالانضمام إلى الدعوة القضائية المقدمة من جنوب افريقيا أمام محكمه العدل الدولية، حيث تعتبر إسبانيا أول دولة أوروبية تظهر مثل هذه الخطوة إلى جانب جهودكم الدبلوماسية للاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 67 والتي تعد خطوة مهمة وتاريخية لدعم حل الدولتين وتحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار في المنطقة، ناهيكم على دعمكم المستمر للجهود الإنسانية والإغاثية في قطاع غزه وفي الاراضي الفلسطينية .

 

لقد قدمت مملكة إسبانيا نموذجاً أخلاقياً شجاعاً وصادقاً تعبر عن قدرتها على الدفاع عن القانون الدولي وسيادة القانون في العلاقات الدولية، وأيضاً أرسلت رسالة في وقت حرج جداً من تاريخ العالم بأن ازدواجية المعايير يجب ألا تطبق من قبل الدول وأنه يجب أن تكون سيادة القانون تجري على الجميع، ومعاليكم لولا جهودكم والخطوات التي قمتم بها لما رأينا تحرك دولي في هذا الاتجاه ونتمنى أن باقي الدول تسلك هذا المسار حيث أننا جميعاً نعتمد على احترام القانون الدولي للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

 

معاليكم المنطقتين سواء كان في أوروبا أو في الشرق الاوسط هناك صعوبات أمنية وسياسية وإنسانية، وعملنا المشترك والتنسيق المستمر بين البلدين هو السبيل الأمثل لتجنب تبعات هذه الصراعات ونحن دائماً على أتم الاستعداد لدعم الجهود الإسبانية في القضايا المختلفة.

 

نثمن معاليكم التعاون في كافة المجالات بين البلدين وإننا نتطلع أن يكون هذا الحوار الاستراتيجي محطة أخرى في الالتقاء والارتقاء بعلاقاتنا الثنائية بين البلدين.

 

أكرر شكري لكم معاليكم وعلى حسن ضيافتكم واستقبالكم، شكراً.