كلمة معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بمناسبة افتتاح النسخة الثالثة من منتدى قطر الاقتصادي تحت شعار "قصة جديدة للنمو العالمي"
أصحاب الفخامة والسعادة،
السيدات والسادة،
بسم الله الرحمن الرحيم،
يسعدني أن أرحب بكم جميعاً في النسخة الثالثة من منتدى قطر
الاقتصادي والذي يعد منصة هامة لمناقشة أهم القضايا والتحديات الاقتصادية التي
تواجه عالمنا اليوم، ولبحث سبل معالجتها بروح التعاون والتآزر والابتكار.
نجتمع هنا اليوم والعالم لا يزال يعاني من تبعات الأزمات المتتالية
التي عصفت به... هذه الأزمات التي أثرت بشكل غير مسبوق على الشعوب أجمع الغنية
والفقيرة منها، ليكون النصيب الأكبر من الضرر على الدول النامية، التي كانت ولا
زالت تعاني من آثار الأوبئة والحروب والأزمات الاقتصادية.
وإن دل تأخر التعافي الشامل والمستدام، وبطئه للخروج من هذه
الأزمات، على شيء، فإنه يدل على ضرورة تكريس مبادئ وقيم العدل والمساواة والتعاون
الفعال.
الحضور الكريم،
يمر العالم اليوم بتحول سريع مدفوع بالتقدم التكنولوجي والتغيرات
الجيوسياسية، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية المعقدة، من ارتفاع معدلات التضخم
وانقطاع سلاسل التوريد، وغيرها، مما يستلزم التعامل معها بقدر عال من الحكمة
والابتكار، ويتطلب العمل الجماعي والتحلي بروح المسؤولية المشتركة التعزيز النمو
الاقتصادي المستدام وتحقيق التنمية الشاملة، ليس فقط على مستوى الحكومات، وإنما
أيضاً على مستوى المؤسسات المالية والاقتصادية.
ونأمل من خلال هذا المنتدى الذي ينعقد تحت شعار "قصة جديدة
للنمو العالمي"، أن نساهم في خلق مسارات جديدة من شأنها دعم تطوير الأعمال
التجارية والمناخ الاستثماري، والانتقال بهما إلى آفاق واعدة من النمو والتطوير
وتعزيز التفاهم والتعاون بين الدول والمؤسسات الدولية والشركات الخاصة والمجتمع
المدني، وإيجاد حلول اقتصادية تساهم في التحول المنشود عالمياً.
السيدات والسادة،
على الرغم من أن بعض الدول تنعم بوفرة في الموارد الطبيعية
المختلفة كإمدادات الغاز الطبيعي في دولة قطر، يبقى تحقيق التنوع الاقتصادي عاملاً
بالغ الأهمية في تعزيز الأمن الاقتصادي على المدى البعيد. ونسعى جاهدين في دولة
قطر إلى تحقيق رؤيتنا الوطنية لعام 2030 والتي تُعد أحد أهم ركائزها الانتقال إلى
اقتصاد متنوع ومبتكر.
وفي إطار هذه الجهود، شهدت دولة قطر نمواً وتحولاً اقتصادياً
ملموساً على مدى السنوات الماضية، مع التركيز على تنمية قطاعات متنوعة مثل الطاقة
والتعليم والصناعة والتعدين والأمن الغذائي والمائي والتكنولوجيا والبحث العلمي
والابتكار. وفي هذا الإطار، ستستضيف دولة قطر مؤتمر "قمة الويب" في مارس
2024 ، الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. كما عملنا على توفير بيئة
ملائمة وآمنة للسياحة والاستثمار.
وعلى مستوى التنويع في مجال الطاقة، وكجزء من جهود متنوعة، قمنا
بافتتاح أول محطة للطاقة الشمسية في قطر لتنويع إمدادات الطاقة الخاصة بنا، ومن
المقرر أن توفر هذه المحطة نحو %10% من الطاقة المستخدمة في الشبكة الوطنية
للكهرباء في أوقات الذروة. وانطلاقاً من مسؤوليتنا الدولية، حرصنا على ضمان
إمدادات الطاقة واستقرار سوقها العالمي في ظل الأزمات الدولية المختلفة.
وإدراكاً منا للدور الهام الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة في
تحقيق الازدهار، قمنا بإطلاق العديد من المبادرات لدعم تلك الشركات بهدف تعزيز روح
ريادة الأعمال. وفي هذا الإطار، يساهم جهاز قطر للاستثمار في تحقيق الاستقرار
الاقتصادي وسد الثغرات في السوق المحلي، من خلال الاستثمار في الشركات والقطاعات
التي تدعم الصناعات المحلية القطرية وتساهم في نقلها للأسواق العالمية.
كما نسعى لاجتذاب استثمارات عالية الجودة تدعم المجتمع محلياً
ودولياً. وبالتعاون مع شركائنا، نقوم بخلق فرص العمل، وتحسين البنية التحتية،
وتنويع سلاسل التوريد، وبناء المشاريع الناجحة. وكان لاستضافة دولة قطر لبطولة كأس
العالم لكرة القدم دور هام في خلق العديد من فرص العمل والاستثمار وتعزيز الاقتصاد
المحلى لدولة قطر بشكل خاص وللمنطقة بشكل عام، خاصة وأن البطولة أسهمت في إبراز ما
تزخر به هذه المنطقة من إمكانيات بشرية وفرص واعدة لمستقبل أفضل.
الحضور الكريم،
يشكل تغير المناخ وندرة الموارد والتدهور البيئي تحديات كبيرة
تتطلب إجراءات عاجلة، ولا يمكن لدولة أو قطاع بمفرده معالجة هذه القضايا المعقدة
بمعزل عن غيرها. لذا، تقع المسؤولية علينا جميعاً في الوصول إلى حلول تضمن مستقبل
الأجيال القادمة بما يحقق حلم التنمية لدى الشعوب الأكثر احتياجاً لها ويعزز من
قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية.
كما يجب علينا تعزيز النمو الاقتصادي على نحو مستدام، يحقق العدالة
الاجتماعية ويحافظ على البيئة وعلى الموارد الطبيعية. ولا بد من وضع خطط قصيرة
وطويلة الأجل لتحقيق المرونة الاقتصادية بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو
والازدهار.
السيدات والسادة،
إن دعم الاقتصاد والاستثمار والابتكار، بالتوازي مع تعزيز القيم
الإنسانية المشتركة وحفظ السلام هو السبيل لبناء القدرات اللازمة لتجاوز الأزمات
والتغلب على التحديات التي تواجه العالم اليوم، ومن خلال العمل المشترك وتبادل
الخبرات والمعرفة يمكننا بناء اقتصاد عالمي يحقق تطلعاتنا المشتركة.
لنجعل هذا المنتدى منبراً للتحول والتقدم الاقتصادي، نحو عالم أكثر
ازدهاراً وشمولية فالتحديات تولد الفرص، والتعاون يحقق التغيير.
شكراً لكم ومرحباً بكم جميعاً في الدوحة.