كلمة سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال جلسة نقاشية بعنوان "مد جسور التفاهم: خفض التصعيد في الخليج "بمؤتمر ميونخ للأمن
سيداتي وسادتي،
الضيوف الاعزاء
من دواعي سروري أن أتحدث في مؤتمر ميونيخ للأمن مرة أخرى، لكي نتبادل الأفكار.
لقد تحدث حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في هذا المنبر قبل عامين، وسلط الضوء على التحديات الخطيرة التي يتعرض لها الشرق الأوسط، ودعا إلى العمل الجماعي لمواجهتها.
نتفق على أن الشرق الأوسط في حاجة ماسة إلى إبرام اتفاقيات أمنية إقليمية مستدامة لضمان تحقيق الاستقرار طويل الأمد في كافة أرجائه.
تعتبر دولة قطر واحدة من أكثر الدول أمانا في العالم رغم وقوعها جغرافيا في جوار يتسم بالاضطراب.
لكي تنجح منطقة الشرق الأوسط، لابد من اتفاقيات:
· جماعية وملزمة.
· قائمة على مبادئ أمنية متفق عليها ومصاغة وفقا لقواعد معتبرة للحوكمة وحل النزاعات والمساءلة.
· تحترم السيادة والتساوي بين أطرافها.
· تنص على عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
نجد على وجه التحديد أن التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى المبرَّر بأيدولوجيات سياسية واجتماعية ودينية، هو الذي يتسبب في الكثير من الاضطرابات في الشرق الأوسط.
إن مثل هذه التدخلات المتكررة من قِبَل حكام مغامرين تؤدي إلى الكثير من سوء التقدير والنتائج الكارثية.
هنالك محاولات فرض الهيمنة من خلال التدخلات المباشرة وغير المباشرة في وضع المنطقة تتسبب في حالة متواصلة من الاضطراب.
إن المعادلات الصفرية لا تنجح في العمل الدبلوماسي، خاصة في الشرق الأوسط، فبدلا عن فرض أقصى قدر من الضغط أو القمع أو القهر هناك فرص أوسع لتحقيق الأمن على المدى الطويل عن طريق التعاون المباشر والمسؤول والحوار في إطار منظومة إقليمية للأمن.
إن أساس المبادئ الأساسية المتمثلة في الجماعية والإلزام والمحاسبة والاحترام، يمكن للأطرف الإقليمية أن تتفق على قواعد أمنية ثابتة تشمل:
· تكنولوجيا أمنية حديثة مثل أنظمة الإنذار المبكر وإجراءات بناء الثقة وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.
· والتعاون لمكافحة الإرهاب ووقف تمويله ومكافحة غسيل الأموال وتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية مع عدم تسييس تعريف الإرهاب.
· أمن الطيران والأمن البحري لضمان المرور الآمن والحر عبر المنطقة.
· وإقامة منتدى للحوار حول التهديدات الحقيقية والعملية والوشيكة.
سيداتي وسادتي
يجب أن تُبنى أي اعتبارات اقتصادية وسياسية مستقبلية على أسس ثابتة من الأمن. وانه بمجرد أن نحقق الاستقرار في الشرق الأوسط نستطيع أن نبني ما يكفي من الثقة المتبادلة بيننا لتطوير التجارة والتنمية الإقليميتين وأن نستغل موارد الطاقة بصورة إيجابية وبناءة لما فيه مصلحة الجميع.
لقد رأينا رأي العين أن الأمن من الشروط اللازمة لتحقيق الازدهار.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تحقيق الأمن في كافة منطقة الشرق الأوسط دون إقامة عملية سلام منفصلة وشرعية ومباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ان من شأن مثل تلك العملية أن تحقِّق سلاما شاملا وعادلا ودائما على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
يجب ألا ننسى أننا في عام 2020 وأننا مازلنا نتحدث عن الاحتلال.
ان حل الدولتين هو الأساس الحقيقي الذي يحصل من خلاله الفلسطينيون الذين طال ظلمهم على حقهم في تقرير المصير وفي العودة وفي إقامة دولتهم في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
نحن جميعا نعلم أن هناك نزاعات إقليمية وداخلية عديدة، إلى جانب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، من شأنها أن تعقِّد مثل هذه الاتفاقية الأمنية الإقليمية الجماعية المقترحة من الحرب في اليمن، إلى العقوبات المفروضة على إيران، إلى الكارثة الإنسانية التي يتسبب فيها قادة من مجرمي الحرب، إلى النزاع في ليبيا، إلى الحصار المفروض على قطر.
لكن، إذا تقاربت الدول في الشرق الأوسط من بعضها البعض بحسن نية، مبديةً استعدادها على الإلتزام بشفافية، نستطيع أن نخلق إطارا متينا بآليات ملزِمة ووسائل ناجعة لحل النزاعات، حيث تتحمل كل دولة مسئوليتها عن المساهمة في تحقيق السلام والمحافظة على الأمن.
ندعو جميع الدول في الشرق الوسط إلى أن تقول "لقد طفح الكيل".
وأن تتخذ هذه الخطوة الأولى الحاسمة لتحقيق التنمية والإصلاح والتكامل في المنطقة.
وللدول خارج منطقة الشرق الأوسط نقول: نحتاج لمساعدتكم الدبلوماسية لدفع جميع دول الشرق الأوسط إلى طاولة الحوار، ونحتاج لمساعدتكم في فرض القانون الدولي.
لو أردنا نحن، في المجتمع الدولي، أن نحقق الأمن والاستقرار الدوليين علينا أن نحافظ على النظام الدولي وأن نقويه.
علينا أن نتجاوز مرحلة إدارة الأزمات إلى استخدام أدوات الدبلوماسية الجامعة متعددة الأطراف، بدلا عن ذلك، للوصول إل حلول شاملة وعادلة.
ونستطيع أن نفعل ذلك فقط من خلال آليات ملزِمة وفقا لأحكام القانون الدولي والقرارات الدولية التي تستهدف في النهاية حماية المدنيين.
سيداتي سادتي،
الآن، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى اتفاقية إقليمية أمنية في الشرق الأوسط لفرض المبادئ الأساسية للأمن. هناك أكثر من 42 مليون إنسان في أمس الحاجة إلى المساعدة في منطقتنا، وهناك ملايين آخرون أكثر منهم يعانون من كوارث عامة.
تؤمن قطر بقوة الحوار والالتزام. لقد شهدنا مؤخرا انفرجا في محادثات السلام الخاصة بأفغانستان والتي ظلت الدوحة تستضيفها لسنوات. يعتبر هذا الانفراج خطوة هامة إلى الأمام في مسيرة السلام في أفغانستان وبادرة خير على أن الالتزام بطريق المفاوضات يمكن ان يحقق نتائج إيجابية. بمساعدة المجتمع الدولي، وبالرغم من حدة التوترات الجيوسياسية القائمة، نستطيع معا أن نحقق الاستقرار المنشود في الشرق الأوسط من خلال الحوار والالتزام الجماعيين.