سعادة وزير الخارجية: دولة قطر حريصة على العمل من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة

واشنطن/المكتب الإعلامي/ 30 سبتمبر 2014/ أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية أن دولة قطر بلد طموح يزخر بالشباب، توّاق إلى التنمية والتقدم، تحيط به في الوقت نفسه النزاعات والمصالح الخارجية، حريص على العمل من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة. جاء ذلك خلال كلمة له بكلية /وودرو ويلسون/ للشؤون العامة والدولية بجامعة "برنستون" في ولاية نيوجيرسي الأمريكية. وقال سعادته " إنه عندما أنشئت كلية وودرو ويلسون في عام 1930، يمكن القول إن العالم كان يشهد أحداثا مماثلة لتلك التي نشهدها اليوم من اقتصاد عالمي مثقل بالديون وعالم طبعتْه بقوةٍ فظائع الحرب، ومع ذلك، ظل عاجزا عن وقف أشكال جديدة من الشر ... حكام مستبدون وأعداء للإنسانية يروعون النساء ويسرقون من الأطفال الأبرياء المستقبل المشرق الذي يستحقون". وأضاف "ها نحن، مرة أخرى، نعيش حالة من عدم الاستقرار الشديد، في زمن تسوده الضبابية، ولكنه أيضا،زمن الفرص الهائلة". ولعل ما يجسد خيرَ تجسيد شعار "ملتقى التحول والفرص" هو بلدي - دولة قطر. فهو بلد كان، في العام الذي أنشئت فيه هذه المدرسة، بعيدا كل البعد عما هو عليه اليوم". ولفت إلى أنه في مطلع القرن العشرين، كانت قطر بلدا يمتلك موارد طبيعية هائلة، بيد أنه كان يفتقر إلى القدرة على استغلالها ، حيث كان مكونا من مجموعة صغيرة من القرى يعتمد معظمها على تربية اللؤلؤ والماشية وصيد الأسماك، موضحا انه بانهيار تجارة اللؤلؤ في أواخر عشرينيات القرن الماضي، والكساد الكبير الذي رافقه في الثلاثينيات، أدى تعطُّل الإمدادات الغذائية لقطر إلى موجات هجرة واسعة إلى جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية. وأشار سعادة وزير الخارجية إلى أن اكتشاف النفط شكّل نقطة تحول في تاريخ قطر، حيث أدت عائدات الصادرات إلى تحويل اقتصادنا ومجتمعنا، موضحا أنه خلال وقت وجيز، تحولت قطر إلى وجهة رئيسية للعديد من الشركات والمستثمرين الأجانب، ولاسيما من الولايات المتحدة. وقال سعادة الدكتور العطية " إن هذا التطورُ قد وضع قطر على مسار سريع للتنمية والتحديث، كما جعلت سريعا من قطر رؤيةُ أميرنا وسعيُه الشجاع إلى أداء دور ريادي في تقنيات الغاز الطبيعي المسيَّل، بلدا قياديا في السوق العالمية. وقد انبثق من هذه العملية العديد من العلاقات الاستراتيجية". ولفت إلى اضطلاع شركات الولايات المتحدة، بصفتها شريكة رئيسية لدولة قطر في صناعة النفط والغاز، بدور رئيسي في تطويرها، قائلا " إن شركتي إكسون موبيل وشيفرون هما مثالان من العديد من الأمثلة على ذلك .. وها هي قطر اليوم تتصدر تصدير الغاز الطبيعي المسيل في العالم وتختزن ثالث أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم ، لقد قطعنا بالفعل شوطا طويلا منذ زمن غوصنا بحثا عن اللؤلؤ". ونوه سعادة وزير الخارجية بأن الرخاء الاقتصادي والنمو المتسارع ترافق مع الحاجة إلى إعداد الشباب للتعامل على نحو أفضل مع عالم متغير وأكثر تنافسيةً، حيث أوضح بالقول "ومرة أخرى، اتجهنا نحو أصدقائنا الأمريكيين وعملنا معاً على إنشاء نواة تعليمية ريادية في مدينة الدوحة"، لافتا في هذا الصدد إلى أن "المدينة التعليمية" توفر اليوم مجموعة متنوعة من أعرق البرامج الأكاديمية - التي تتراوح بين الهندسة والقانون والطب وحتى التصميم الشكلي ويستفيد من خدماتها طلاب من 85 بلدا مختلفا، وهي تشكل تجسيدا متكاملا لسعي بلدنا إلى إنشاء اقتصاد قائم على المعرفة من أجل المستقبل. وأكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية أنه على غرار التعليم، تشكل الرياضة مجالا رئيسيا آخر في رؤيتنا الوطنية – فكلاهما ينطويان على قدرة تحويلية عظيمة".. مضيفا " إنه في منطقة عانت الكثير من الألم والطغيان، يمكن للرياضة في الواقع أن تكون حافزا على التغيير الإيجابي. ولهذا السبب، إلى جانب أسباب أخرى، عملنا جاهدين على إحضار بطولة الفيفا لكأس العالم في كرة القدم لعام 2022 إلى الشرق الأوسط". وتابع " قد تسمعون أصواتا تعتبر أنه ينبغي لقطر ألا تستضيف هذا الحدث نظرا إلى التحديات المناخية ، وذلك رغم التقدم والتقنيات التي أثبتت جدواها والتي استثمر فيها البلد على مدى العقد الماضي، التي سمحت بتحقيق هذا الحلم .. هذه الأصوات المشككة، أيها السيدات والسادة، ما هي إلا انعكاس لعدم قدرة بعض الأطراف، بكل ببساطة، على استيعاب فكرة أن بلدا مسلما عربيا سيستضيف هذا الحدث. ولكن الأكيد هو أن عالمية كرة القدم أمر يمكننا أن نتفق عليه جميعا". وأشار سعادة وزير الخارجية إلى الشراكة التجارية بين أمريكا وقطر، لافتا إلى أن البلدين وقعا الاتفاق الإطاري للتجارة والاستثمار في عام 2004 الذي عزز التجارة الثنائية إلى حد كبير، موضحا أن الولايات المتحدة اليوم هي أكبر مستثمر أجنبي في قطر وأكبر مصدَر لوارداتها. وشدد على أن العلاقات التجارية بين قطر والولايات المتحدة لا تزال قوية، وهي موجودة لتحافظ على نمو مستمر، مضيفا " إن ما يزيد على 120 شركة أمريكية تعمل في البلد، وبلغت صادرات الولايات المتحدة إلى قطر 3.8 بلايين دولار في عام 2013 – وهو مبلغ يناهز ضعفي المبلغ المسجل في العام السابق". وتطرق سعادة وزير الخارجية إلى الدور الأمريكي في ظل الحالة الراهنة في تلك المنطقة من العالم بالغة الخطورة، مضيفا ان دولة قطر، شأنها شأن عدد من البلدان العربية الأخرى، تؤمن إيمانا قويا بالدور المحقِّق للاستقرار الذي يمكن أن تضطلع به الولايات المتحدة في المنطقة لذا من الطبيعي أن يتعاون وينسق بلدانا بين بعضهما البعض بشكل وثيق في المسائل العسكرية والأمنية. وفي هذا الإطار أشار سعادته إلى توقيع البلدين في يوليو الماضي اتفاق معدات عسكرية بقيمة 11 بليون دولار، مما يرسّخ بشكل إضافي شراكتنا الاستراتيجية. وقال سعادة الدكتور العطية " إن مجالات الطاقة والتعليم والتجارة والأمن تمثل جزءا من الصِلات التي تربط بلدينا، ولكن ما بين أمريكا وقطر هو أكثر من مجرد تاريخ من التعاون فهما تتلاقيان بتشاطرهما التطلُّع نفسه نحو المستقبل ، بالإضافة إلى ان القيم المشتركة والمقارَبات المتبعة في مسائل الشؤون الدولية عديدة بالفعل. وتناول سعادة وزير الخارجية عددا من هذه القيم، حيث أشار سعادته إلى أن بلدينا يؤمنان بالسلام، وهما ملتزمان بتعزيزه في كل مكان ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، بطبيعة الحال، هو علاقة العمل الوثيقة القائمة بين سعادة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وسعادة الدكتور العطية طوال فترة النزاع الأخير في غزة. وأضاف " إنه كان من دواعي سروري أن أدعم جهوده في الشرق الأوسط، كما أن قطر ما برحت تعمل على تعزيز السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدى عقود عدة، فقد اضطلعت الدبلوماسية القطرية بدور هام أثناء وبعد التوقيع على اتفاقات أوسلو عام 1993. ونحن لا نزال ملتزمين بعملية السلام بشكل كامل، ولاسيما بمبادرة السلام العربية". وأكد أن فلسطين في حقيقة الأمر هي آخر بند مدرج في جدول أعمال الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار، مشددا على أنه آن الأوان لإسرائيل أن تدرك أن أمن شعبها لن يتحقق إلا عن طريق السلام وإنهاء الاحتلال، مضيفا إنه ومع ذلك، فإن دعمنا غير المشروط للقضية الفلسطينية في مواجهة العدوان، لم يغفل مطلقا ضرورة الحوار. ودور الوساطة الحيوي الذي قامت به قطر خلال الحرب الأخيرة في غزة هو دليل على ذلك. وذكر سعادته اننا نؤمن بأن السلام والأمن الدوليين لا يمكن أن يتحققا إلا عن طريق الحوار القائم على أساس مبادئ المساواة والامتثال للقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان. وتابع سعادة الدكتور العطية "لقد كانت فلسطين وما زالت قضيتنا الأولى، والقضية الأولى للشعوب العربية بأسرها، إلا أن العديد من الأماكن الأخرى في جميع أنحاء العالم شهدت على التزام قطر القديم العهد بالسلام. ولعل هذا الجمع من الطلبة اللامعين في مجال العلاقات الدولية يعلم عن دورنا في التوسط لإبرام اتفاق سلام في لبنان في عام 2008. أو الدور البالغ الأهمية الذي قامت به الدبلوماسية القطرية في تسوية النزاع الحدودي بين إريتريا وجيبوتي في عام 2010. أو أيضا مساهمتنا في دارفور، التي تُوجت بوثيقة الدوحة للسلام في عام 2011. ". وأكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية أن قطر لن تدّخر جهدا من أجل إيجاد حلول سلمية وتجنُّب سفك الدماء، وأنه تحقيقاً لتلك الغاية سيواصل بلدنا الاستماع إلى جميع الأطراف، ويعطي دائما كلا منهم فرصة لإسماع صوتهم وليحظوا بالاحترام، قائلا في هذا الصدد " قد نكون متطرفين بعض الشيء في تعطشنا للحوار، إلا أن هذا أمر لا نخجل به. فهذا هو ما نسميه الباب المفتوح من أجل السلام". ولفت إلى أن هذه السياسة التي تركِّز على تسوية النزاعات على المستوى "السياسي" غالبا ما تأخذ بعدا "إنسانيا" أكبر في شكل التزام قوي بإنقاذ الأرواح - حتى على المستوى الفردي. وأوضح أن "هذا ما يفسر العمل الصامت ولكن الفعال الذي تقوم به قطر من أجل الإفراج عن العديد من الرهائن على مر السنين، وشمل ذلك، من جملة أمور تحرير الراهبات السوريات مؤخرا و 45 فردا فيجيا من أفراد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وبطبيعة الحال، مواطنكم بيتر ثيوكورتس"، مؤكدا أن هذا الدور الهام والمعقد الذي كان في بعض الأحيان عرضة للانتقاد، ينبغي ألا يكون موضع تشكيك .. وألا يُعتبر أمرا مسلَّما به. كما تعرض سعادة وزير الخارجية إلى المجالات الأخرى للتقارب القوي بين قطر والولايات المتحدة، حيث أشار إلى التفاني الواضح في خدمة مَن هم أقل حظوةً منا، منوها إلى أن قطر وأمريكا تتشاطران التزاما قديم العهد بتقديم المساعدة الإنسانية والمعونة الأجنبية، قائلا " إنه ما برح تعاوننا في هذا المجال، سواء بصورة مباشرة عن طريق وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية أو داخل المنظمات المتعددة الأطراف، وثيقا وقائما على الثقة المتبادلة ، وهي علاقة تشتد أواصرها أيضا خلال الأوقات العصيبة". وأشار إلى أنه خلال أغسطس 2005، لم تنتظر قطر لحظة واحدة لعرض تقديم المساعدة إلى ضحايا الإعصار كاترينا الذي ضرب ساحل خليج الولايات المتحدة، حيث أوضح أنه في غضون بضعة أسابيع فقط من وقوع الكارثة، قدم صندوق قطر للإعصار كاترينا الدعم لمبادرات حيوية لتحقيق التعافي في ولايتي لويزيانا ومسيسيبي ، بالإضافة إلى مشاريع بلغت قيمتها الإجمالية 100 مليون دولار، شملت تقديمَ الإغاثة في حالات الطوارئ والرعاية الصحية والتعليم والإسكان وحتى دور العبادة. وأضاف " إنه خلال السنوات الخمس الماضية، قدمت قطر معونة إنسانية بقيمةٍ اكثر من 2.2 بليون دولار، بالإضافة إلى معونة مقدمة إلى المنظمات غير الحكومية بلغت نحو 390 مليون دولار".. لافتا إلى أن المساعدة الإنمائية التي نقدمها إلى أكثر من 100 بلد، ركزت بوجه خاص على مناطق النزاع وعلى حالات ما بعد الأزمات مثل هايتي واليابان. وفيما يتعلق بقضية الإرهاب، أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية ان المجموعات الارهابية في سوريا لم تقو شوكتهم إلا في مستنقع العنف الذي أوجدَه النظام، حيث أشار إلى أن دولة قطر حذرت منذ البداية من أن التقاعس عن معالجة المشكلة من جذورها لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع بقوة. واليوم، يقف المجتمع الدولي مفتقرا إلى رؤية واضحة أو إلى خريطة طريق فورية للخروج من هذه الأزمة. وقال سعادته " إن الشعب السوري ما زال واقعا بين سِندان استبداد النظام ومطرقة إرهاب الجماعات المتطرفة. وحقيقة الأمر هي أنه لا يمكن دحر الإرهاب إلا في بيئته الاجتماعية ... وذلك عن طريق إعطاء الشعبين العراقي والسوري بديلا مستقرا يكفل ويحمي حقوقهما وكرامتهما وحريتهما". من جهة أخرى ، تحدث سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية عن تطلعات دولة قطر ، قائلا " قد تبدو قطر، للوهلة الأولى، حالة يستعصي فهمها بالكامل .. لاسيما في سياق الهجوم الإعلامي المتواصل الذي تفبركه أقلام مأجورة وحفنة من جماعات الضغط"، مضيفا أن قطر، بتطلعاتها القوية إلى النمو والانخراط وإلى إسماع صوتها .. هذه الدولة التي تنتهج منظورا مختلفا في التعاطي مع القضايا السياسية وحل النزاعات.. تشكل، من نواحٍ عدة، تشبيهاً مثيرا للاهتمام للشرق الأوسط ومستقبله ... فهي بلد طموح يزخر بالشباب، توّاق إلى التنمية والتقدم، تحيط به في الوقت نفسه النزاعات والمصالح الخارجية. وأشار إلى أنه في بلد كأمريكا، يمكن للمرء أن يعود إلى ركائز المؤسسين أو إلى الدستور الأمريكي من أجل فهم الروح التي يسترشد بها بلدكم على نحو أفضل، لكن في قطر قال سعادته " فركائزنا ومستقبلنا يكفلهما تقليد عريق قوامه شخصيات بارزة وقيادة حكيمة. إنه تراث نَحَتناه من الخبرة والتعاطف والاعتدال والاستنارة. اليوم، هذا التراث الغني مجسَّد بشخص أميرنا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.. فهو قائد شعبنا ... ومهندس رؤيتنا الوطنية ... وضامن تماسكنا. وفي ظل رؤيته وتحت قيادته، تتابع قطر مسيرتها نحو تحقيق مزيد من الرخاء والرفاه الاجتماعي. ورغم التنمية السريعة التي يمر بها بلدنا، تظل وجهة مسيرتنا هي السلام والاستقرار والاستدامة". ونوه إلى أن من النتائج المباشرة لمسيرة بلدنا الفريدة، هو أن دولة قطر لا يمكنها إلا أن تنتهج سياسة خارجية فخورة ومستقلة، بمعزل عن أي تأثير خارجي، لافتا إلى أنها لا تتبع "عقلية الكتل" السائدة في الشرق الأوسط أيا تكن الأطراف التي تختار الانضمام إلى معسكر أو آخر، بشكل مباشر أو غير مباشر. وأكد سعادته بالقول "فمبادئنا وقيمنا هي على مر الزمن، نتوارثها من جيل إلى آخر. قطر هي من تصنع قراراتها وهي من تشقّ دربها" فكما قال أميرنا: " نحن لا نعيش على هامش الحياة،ونحن لا نمشي على غير هدىً . نحن شعب صاحب رؤية." وشدد على أن الدبلوماسية القطرية لا ترسمها وسائط الإعلام، أو مراكز الفكر المتحيزة، أو أي شخص آخر، مضيفا أن دبلوماسيتنا مستقلة وترتكز على مبادئ راسخة. وقد تكون قطر موضع العديد من الهجمات، لأنها ترفض أن تتبع سيناريو محددا مسبقا أو أن تُرغم على أداء دور معين – سواء كان ذلك على الصعيد الإقليمي أو الدولي. ولفت سعادة وزير الخارجية إلى أن قد تكون قطر مصدر إزعاج للأطراف المهتمة بالحفاظ على الوضع الراهن، لأنها لا تندرج تلقائيا ضمن مجموعة أيديولوجية واحدة، أو لا تستجيب تلقائيا لاعتبارات اصطفاف عفا عليها الزمن، موضحا أنه غالبا ما يكون الانتقاد هو الثمن الذي يتعين دفعه لقاء اتخاذ موقف ثابت واتّباع مبادئ يؤمن بها أصحابها. ولكن لسوء حظ الجهات المناوئة لنا، إن استقلال السياسة الخارجية لقطر هي، ببساطة، أمر غير قابل للتفاوض. وقال سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية "في نهاية المطاف، لقد اتخذت قطر ببساطة موقفا مختلفا في أعقاب الربيع العربي، بدعمها الشعوب والحكومات التي تمخضت عنها هذه الثورات. لقد اختارت قطر مواكبة ومساعدة العمليات الديمقراطية التي كانت تظهر في العالم العربي، والتي ركزت على تحسين حياة الناس اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. ثمة أطراف أخرى نظرت إلى الأمر بشكل مختلف، ونحن نحترم ذلك". وأضاف "إننا، بكل بساطة، نعتقد أن الخلاف البنّاء والاختلاف الصادق في الرأي يحملان معهما قيمة كبيرة. ومع أننا نأسف للانتقاد غير المنصف الموجه إلينا، فنحن نشعر أنه يحق لنا أسوة بغيرنا أن تكون لنا آراؤنا الخاصة بنا، وأن يكون لنا منظورنا الخاص بنا، وأن نتخذ قراراتنا الخاصة بنا". وخاطب سعادة الدكتور العطية الحضور بالقول اسمحوا لي بأن أقول كلمة أخيرة بشأن مفهوم – أعتقد بأنه – "يحرك" كلاً من قطر وأمريكا اليوم ...نظرة معمقة قد تساعد على توضيح بعض أوجه سوء الفهم الحالي أو أوجه الشعور بانعدام الأمن التي يمكن أن تطرأ ... إنه مفهوم "التغيير"، مضيفا " ان برنستون /القديمة/ التي أنشئت مطلع القرن الماضي لا تشبه برنستون اليوم إلا قليلا ، ومن الواضح أن الأمر نفسه ينطبق على المنطقة التي أتيت منها، منطقة الخليج العربي. وقال سعادة وزير الخارجية "إن العالم في سبتمبر 2014 هو في الواقع مختلف تماما عما كان عليه . فهو عالم يتغير بسرعة بشكل مستمر ... وغالبا بوتيرة يصعب فهمها. فخلال العقد الماضي فقط، سجل بلدي ربما أعلى ناتج محلي إجمالي وأعلى معدل للنمو السكاني على الصعيد العالمي، موضحا ان التكيف مع تطورات كهذه ليس بالأمر السهل. ومن نواح عديدة، لا تزال قطر في طور التأقلم مع هذه الديناميات". لكن سعادته اضاف أن الأمر نفسه ينطبق على أمريكا. فهي بلد يقود العولمة ويتأثر بها في الوقت عينه. وأنا أعي تماما ما يمكن أن ينطوي عليه ذلك بالنسبة إلى أمة تفخر بتاريخها العريق ... ففرص العمل تنتقل من قارة إلى أخرى ... والمعلومات تنتقل في أجزاء متناهية الصغر من الثانية .... وتكوين المجتمع آخذ بالتغير ... شركاء استراتيجيون جدد... بُنية جغرافية سياسية جديدة ... وفي الحقيقة، واقع اقتصادي جديد. كل هذه التغيرات تحمل معها فرصا كبيرة ... وبعض المخاوف. وأوضح أن العالم لم يكن كذلك دائما. مضيفا أنه لو قُيض لي أن أتكلم أمام حضور من أقرانكم في عام 1912، عندما كان جون هيبن رئيسا للجامعة، لكنتُ بكل تأكيد أنظر إلى حضور مختلف. فاليوم الجنسيات مختلفة ... والتنوع الاجتماعي أكبر ... والشمول الاقتصادي أكبر. وخلاصة القول، إننا أمام تعبير أدق عن المجتمع الأمريكي، بل تعبير أدق عن عالمنا. إنه تغير نحو الأفضل، ولا أعتقد أن أحدا منا هنا يحتاج إلى إقناعه بذلك. وهنا أيها الأصدقاء والزملاء يكمن تجسيد عظيم آخر للصلة التي تربط بين بلدينا... نافذة أخرى مثيرة نطلّ منها على الغنى المستمر لبلد كلٍ منا، الذي نلتزم به التزاما راسخا. ستظل هذه القيم، عاما بعد عام، تعزز علاقاتنا وتعمِّق صداقتنا. وأكد سعادة الدكتور العطية أنه ليس لديه أدنى شك في أن قطر وأمريكا ستتمكنان من التكيف مع هذا العالم المتغير ومن الاستفادة من ذلك إلى أقصى حد. حضر المحاضرة عدد غفير من الطلبة والطالبات المهتمين بالشرق الاوسط وأعضاء هيئة التدريس، وقد تبادل سعادته اطراف الحديث مع الطلبة و الطالبات واستمع الى اهتماماتهم واسئلتهم حول السياسة الخارجية لدولة قطر والدور الذي تلعب في المنطقة والعالم.