رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: الأطراف الرئيسية تدرك ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

news image

نيويورك – 29 أكتوبر 2025

أعرب معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عن اعتقاده "أن الجميع كان يتابع خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، التحديات في غزة والانتهاكات التي حدثت لاتفاق وقف إطلاق النار، وربما لأن ما حدث أمس كان حدثًا كبيرًا لفت أنظار وسائل الإعلام بهذا الشكل، لكن هذا في الواقع أمر كان متوقعًا خلال فترة وقف إطلاق النار، وهو أمر شهدناه أيضًا في تجاربنا السابقة مع اتفاقات وقف إطلاق النار".

وتابع معاليه في جلسة حول دور دولة قطر الإقليمي والدولي وجهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على قطاع غزة، نظمها مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، "لقد كنا منخرطين بشكل مكثّف جدًا مع كلا الطرفين لضمان استمرار وقف إطلاق النار، وكان الانخراط الأمريكي بطبيعة الحال عنصرًا أساسيًا في ذلك. وأعتقد أن ما حدث أمس يُعدّ انتهاكًا، وكنا نتوقع أن يكون هناك رد فعل عليه. ولكن، ولحسن الحظ، أرى أن الأطراف الرئيسية جميعها تدرك ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار والالتزام بالاتفاق."

وأكد معاليه أن ما حدث بالأمس في غزة " كان أمراً مخيباً للآمال ومحبطاً للغاية بالنسبة لنا. وكنا نحاول احتواءه، وحشدنا جهودنا فوراً بعد ذلك، وبالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، وقد رأينا أن الولايات المتحدة ملتزمة أيضاً بالاتفاق".

وشدد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على ضرورة " أن نضمن أن الفلسطينيين يعيشون في أمان، وكذلك الإسرائيليون، وهذا هو الهدف الأساسي من عملية نزع السلاح وإنهاء العمل المسلح، وخلق أفق سياسي للشعب الفلسطيني، وتأسيس كيان فلسطيني واحد يكون الجهة الوحيدة المخوّلة بحمل السلاح."

وأكد معاليه أهمية معالجة القضية الجوهرية وأسباب الصراع نفسه، لافتا في هذا السياق إلى أنه "يجب أن نُوجد أفقًا سياسيًا وبيئة سياسية مناسبة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، تُمكّنهما من الوصول إلى تفاهم واتفاق على التعايش. هذا ما نسعى إليه، نحن نبحث عن حل الدولتين الذي يضع حدًا لمعاناة الطرفين".

وبشأن الهجوم الإسرائيلي الغادر على دولة قطر قال معاليه إن "هذا الهجوم كان صادمًا. ولم يكن صادمًا بالنسبة لنا في قطر فقط، بل كان صادمًا للعالم بأسره. إذا نظرتم إلى مكان وكيفية وقوع الهجوم، ستجدون أنه تم في حي سكني معروف، حيث تقع المفاوضات عادة، كما تحيط بالمكان مدارس وسفارات ومبان أخرى. والأثر النفسي الذي أحدثه هذا الهجوم على الشعب القطري كان كبيرًا جدًا. ومع ذلك، ما زلنا نحمل مسؤولية كدولة لحماية مواطنينا وضمان وجود ضمانات أمنية كافية لهم. وبالطبع، علينا أيضًا التأكد من أن دور قطر سيستمر في إضافة قيمة لإنهاء النزاع ولن يتأثر. إذا نظرتم إلى نمط سياساتنا خلال السنوات العشر الماضية، سترون أننا دائمًا نسلك الطريق الرفيع ونسعى دائمًا إلى الدبلوماسية على أي خيار آخر."

وتابع معاليه "لقد استخدمنا جميع القنوات القانونية والدبلوماسية لضمان عدم تكرار هذا الهجوم وحماية قطر وشعبها، ومن ثم استأنفنا المفاوضات. والأمر الذي لا يعرفه الكثيرون هو أنه في اليوم التالي للهجوم، عندما كان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، يتحدث مع فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأشار فخامته إلى أن هذا قد يمثل فرصة لوضع حد للحرب في غزة، كان سموه متفائلًا جدًا بهذا الاحتمال. وعلى الرغم من كل التواصل مع الجانب الإسرائيلي في ذلك الوقت، ظللنا منخرطين مع الولايات المتحدة لضمان التوصل إلى حل".

وقال معاليه إننا " نُقدّر بعمق ونثمّن العلاقة التي تربط دولة قطر بالولايات المتحدة. وما سمعناه من الرئيس، ونائب الرئيس، ووزير الخارجية كان واضحًا جدًا، لقد أكدوا أنه لم يكن لديهم أي علم مسبق بالهجوم. ونحن نحترم ما قالوه، وندرك أن هذا القرار تم اتخاذه من قبل الإسرائيليين وحدهم. لكن فكرة أن يتم استهداف وساطة قائمة في حد ذاتها تُشعر بالخيانة. ففي يوم الهجوم نفسه، كانت هناك مفاوضات بين كولومبيا وأطراف أخرى تجري على بعد مئات الأمتار فقط من الموقع، كما كانت هناك مفاوضات بين رواندا والكونغو الديمقراطية أيضًا".

ومضى معاليه قائلاً "إن وقوع هذا الهجوم في قطر، في التاسع من سبتمبر، صدم العالم. أن تتعرض دولة تقوم بكل هذه الوساطات لهجوم، أمر لم يكن يخطر ببال أحد. وأعتقد أن الصدمة نفسها شعر بها الجانب الأمريكي أيضًا، وقد أكد لنا الرئيس شخصيًا أنه لن يسمح بتكرار مثل هذا الأمر، وأنه سيضمن وجود كافة الضمانات الأمنية التي تحتاجها قطر لمواصلة دورها."

وأضاف معاليه " لقد أثّر هذا الهجوم بشكل واضح على الطريقة التي ينظر بها مجلس التعاون الخليجي إلى إسرائيل الآن. فعندما شاهدت دول المجلس هذا الهجوم على إحدى دوله، كان الانطباع واضحًا بأن أي دولة يمكن أن تكون الهدف التالي."

وبشأن جهود دولة قطر المستمرة في الوساطة أوضح معاليه أننا " اكتشفنا أن قدرة قطر على التحرك بهدوء وبعيدًا عن الأضواء تمنحنا ميزة في المساهمة بحل النزاعات وأحيانًا منع وقوعها عبر قنوات دبلوماسية هادئة وغرف مغلقة. وقد أثبتنا نجاحنا في ذلك. لقد أصبحت قطر لاعبًا مسؤولًا في هذا المجال، والوساطة بالنسبة لنا ليست مجرد خيار سياسي، بل هي مبدأ راسخ في دستورنا. ومنذ تأسيس الدولة على يد الشيخ جاسم، الذي كان دائمًا يدعو إلى السلام، ويدعو إلى التواصل والحوار. وهذا هو الإرث الذي نحمله، ونحن سعداء بأننا اليوم نُعرف كوسيط عالمي، ليس فقط في المنطقة، بل إن الثقة التي بنيناها على مدار السنوات من خلال وساطاتنا في المنطقة جعلت وساطتنا تأخذ طابعًا عالميًا. ونرى ذلك يمتد من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا وآسيا، وهذا هو ما نقوم به بشكل أساسي".

وحول أفغانستان قال معاليه "إن هناك معسكر داخل أفغانستان يريد أن يرى البلاد تنفتح على العالم وتقيم علاقات أفضل مع جميع من حولها. وأعتقد أن من سيسود في النهاية هم أولئك الذين يريدون بناء دولة لها علاقة طبيعية مع المجتمع الدولي. وبشكل أساسي، يجب أن تبذل الجهود لتغيير هذا الوضع في أفغانستان من قبل المجتمع الدولي بطريقة تحفيزية بدلاً من طريقة عقابية. نهجنا هو أنه بدلاً من القول: "لأنك تفعل ذلك، سأعاقبك"، يجب أن يكون العكس عندما يتعلق الأمر بأفغانستان، "إذا كنت ستفعل هذا، سأكافئك على ذلك". لذلك أعتقد أن هذه العقلية يجب أن تتغير من قبل المجتمع الدولي. عندها ربما نتمكن من وضع أفغانستان على المسار الصحيح."

وحول العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية قال معاليه "مصلحتنا تكمن في بناء وتعزيز علاقة قوية مع الولايات المتحدة. لدينا شراكة اقتصادية متينة، وشراكة أمنية ودفاعية قوية، وكذلك شراكة وثيقة في مجال الطاقة. هذه الشراكات المتعددة الجوانب تمثل بالنسبة لنا أولوية يجب الحفاظ عليها وحمايتها. كل تركيزنا ينصبّ على كيفية صون العلاقة بين دولة قطر والولايات المتحدة، لأنها دولة مهمة بالنسبة لنا، كما أننا مهمّون لها أيضًا، إذ تستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، وفي قطاع الطاقة كلانا من أكبر المورّدين العالميين للغاز الطبيعي المسال".

وعن دور إيران في مستقبل المنطقة قال معاليه "إن إيران جارتنا، ونتشارك معها أكبر حقل غاز في العالم، ونمتلك الأغلبية فيه. بالنسبة لنا، استقرار إيران أمر أساسي، ليس ترفًا نتطلع إليه، بل ضرورة. من المهم جدًا أن تكون إيران مستقرة. ولتأمين هذا الاستقرار، علينا التفكير بطريقة دبلوماسية، وكيفية الوصول إلى حل عبر الدبلوماسية، مع ضمان أن تظل منطقتنا خالية من الأسلحة النووية، وأن لا يكون هناك سباق نووي، مع منح إيران الحق في تطوير برنامجها النووي السلمي لتوليد الطاقة أو لأي غرض آخر ضمن القانون الدولي."

وتابع معاليه في هذا الصدد "يقلقنا أحيانًا سماع التصريحات التصعيدية الصادرة عن إسرائيل أو إيران، ونحن نسعى للتواصل مع الولايات المتحدة وإيران لضمان عودة المحادثات إلى مسارها الصحيح بين البلدين. فأنا أعتقد أنه بمجرد بدء المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بشكل جاد، يمكننا التوصل إلى اتفاق يكون أفضل للجميع، لنا في المنطقة، ولإيران، وللولايات المتحدة".