رئيس مجلس الوزراء: تحديات أمنية تواجه العالم بتبعاتها الإنسانية وقطر تساهم بدور حيوي في تعزيز السلم والأمن العالميين

news image

الدوحة في 20 مايو

أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن تصاعد التوترات الجيوسياسية بين مختلف القوى في أنحاء العالم، وصولا إلى عودة خطر انتشار الأسلحة النووية، والحروب الجديدة بأسلحتها غير التقليدية، كلها تحديات تتجاوز في آثارها الكارثية الحدود الوطنية والإقليمية، بل وتتجاوز ميادين المعارك إلى الفضاءات الإلكترونية.

ونبه معاليه، إلى أنه مع ظهور مراكز نفوذ متعددة ومتنافسة، فإن الصراعات الجديدة والحروب غير التقليدية بين القوى العظمى تعرض النظام الدولي لخطر حقيقي، مستشهدا في ذلك على سبيل المثال لا الحصر بالحرب في أوكرانيا، التي هزت أسواق الطاقة العالمية، وتسببت في تراجع الأمن الغذائي على نطاق واسع، وبأزمة الدولة المركزية في إفريقيا والتي تتداعى آثارها في السودان ومحيطها، وكذلك الاستقطابات السياسية في الأمريكتين، والتصعيد بين الولايات المتحدة والصين، مع تداعياته على سلاسل التوريد العالمية والتجارة الدولية.

جاء ذلك في الكلمة التي افتتح بها معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اليوم، بفندق شيراتون الدوحة أعمال النسخة السادسة من منتدى الأمن العالمي، تحت شعار "المنافسة الاستراتيجية: التعقيدات الناتجة عن الاعتماد المتبادل".

وأوضح معاليه، أن المشاركين سيبحثون في لقائهم المتجدد بالمنتدى التحديات الأمنية التي تواجه العالم، وينظرون في تفاصيل الواقع الأمني العالمي بموضوعية، وما فيه من مخاطر وسبل تحييدها، وما فيه من فرص يمكن للجميع اغتنامها.

وأضاف " في عالمنا الذي شهد تحولات كبيرة في السنوات القليلة الماضية، نرى الأزمات والصراعات تتوالى وتهدد بشكل غير مسبوق الأمن والسلم العالميين، فمن الحروب والصراعات العسكرية، والهجمات السيبرانية وتوسع أعمال التجسس والقرصنة الرقمية، إلى الكوارث البيئية والأزمات الإنسانية، وموجات الهجرة الجماعية".

ولفت معاليه في سياق ذي صلة، إلى أن المنطقة تواجه العديد من المخاوف الأمنية، مع اتساع نطاق الصراعات الإقليمية - الأهلية والبينية، ما جعلها تعيش اليوم في ظل تصعيد مستمر ومتصاعد يهدد أمنها والعالم.

ونوه معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إلى أن الحرب التي تدور رحاها في قطاع غزة، حصدت وما زالت تحصد آلاف الأرواح، فيما يتفاقم كل يوم حجم المأساة الإنسانية هناك، ما يستلزم تكثيف الجهود الدولية سواء تلك المعنية بإنهاء الصراع أو الجهود الإنسانية لضمان وصول المساعدات.

وأضاف معاليه، قائلا " لقد أثبت لنا التاريخ بأن كلفة أي احتلال وتبعاته يكونان دائما أكبر من أي مردود متوقع للمحتل"، مشيرا إلى أن "سياسات الاحتلال والتهجير القسري والعقاب الجماعي لم تثمر يوما نهاية لأي صراع، بل كانت وقودا لاستمرار العنف واتساع رقعته".

كما نبه معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في كلمته إلى أن أي صراع يشتد تتفاقم معه التبعات الإنسانية المتراكمة، وعلى رأسها موجات اللاجئين، والهجرة غير الشرعية التي يقودها الفقر الناتج عن فشل الدولة، وانهيار الهياكل السياسية، والتطرف الذي تعززه حالة اليأس وفقدان الأمل في مستقبل أفضل، مشيرا إلى أن لأي كارثة إنسانية تأثيرها على سلاسل التوريد العالمية، كما حدث نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.

وقال إن "ذلك هو ما نشهده حاليا في البحر الأحمر نتيجة للحرب على الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة".

ومضى معاليه إلى القول "بالفعل، نشهد اليوم تمدد هذه الحرب نحو مناطق أخرى في الإقليم، حيث تمددت المواجهات حتى وصلت إلى البحر الأحمر، وشملت مواجهات مباشرة بين إيران وإسرائيل، مع تصاعد خطر المواجهات على الحدود الجنوبية في لبنان، ناهيك عن ما يخلفه هذا التصعيد الخطير من تعزيز لسردية التطرف التي تنخر في كيانات الكثير من دول المنطقة".

وأشار معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إلى أنه وسط هذه الصورة القاتمة للوضع الإقليمي والعالمي، بذلت دولة قطر كامل جهدها للمساهمة بدور حيوي في تعزيز السلم والأمن العالميين، عبر جهود الوساطة وفض النزاعات وإنعاش الاقتصاد العالمي وإعادة بناء ما دمرته الحروب والأوبئة.

وشدد معاليه، على أنه في هذا العالم الذي تعصف به الأزمات بات العمل المشترك مطلوبا الآن أكثر من أي وقت مضى، موضحا في هذا الخصوص أن سياسة دولة قطر الخارجية تستند إلى مبدأ التعاون في مواجهة التحديات المشتركة.

وقال معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في هذا الصدد " ففي عالم تعصف به الأزمات، بات العمل المشترك مطلوبا الآن أكثر من أي وقت مضى، وفي هذا الإطار، تستند سياستنا الخارجية إلى مبدأ التعاون في مواجهة التحديات المشتركة، ويعتبر تعزيز التعاون الدولي والعمل متعدد الأطراف جزءا لا يتجزأ من سياستنا الخارجية".

وتابع معاليه قائلا:" كما امتدت جهود دولة قطر التنموية والإنسانية لأشد الدول حاجة من خلال تقديم المساعدات لبناء القدرة على الصمود وتعزيز قدرات الدول المؤسسية في مختلف القطاعات".

ونوه معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، إلى أنه في سبيل تعزيز السلم والأمن العالميين، أصبحت جهود الوساطة وفض النزاعات إحدى الركائز الأساسية لسياسة دولة قطر الخارجية، مؤكدا أنه بفضل هذا النهج، استطاعت دولة قطر أن تتوصل إلى عدة هدن واتفاقيات من شأنها التخفيف من حدة النزاعات والتوصل لحلول سلمية لها.

وتابع معاليه قائلا :" لم تقتصر هذه الجهود على منطقتنا فحسب، بل امتدت لتشمل الوساطة بين روسيا وأوكرانيا للم شمل الأطفال المتأثرين بالحرب مع ذويهم، وبين فنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية، وغير ذلك من الوساطات التي تجري حاليا، وفي ذات الوقت الذي نستمر فيه في جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس"، مشددا على "التزام دولة قطر بالعمل على منع انهيار السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وتوظيف الدبلوماسية لحل النزاعات بالوسائل السلمية ليس مجرد التزام سياسي، بل هو التزام أخلاقي، ينبع من مسؤوليتنا الجماعية تجاه النهوض بالشعوب الأكثر ضعفا ونشر الأمن والاستقرار العالميين".

وقال معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية :إن من المهم أن نلتقي في هذا المنتدى وغيره من فضاءات الحوار لنبحث عن حلول خلاقة لمشاكل عالمنا"، لافتا إلى " أن الأهم هو أن نتوافق على حلول أخلاقية، تعكس إنسانيتنا وإيماننا بالمبادئ التي توافقنا عليها في المجتمع الدولي، حلول تطبق المبادئ نفسها علينا جميعا دون تمييز، في ظل إيمان بأن الإنسان هو الإنسان، وأن رفع المعاناة عنه لا يجب أن تكون رهينة لاعتبارات سياسية أو أن تحدد الأولويات فيها عبر النظر في عرق من يعاني أو انتماءاته الوطنية".

وتابع معاليه قائلا "محبط ومؤلم كم الأزمات والتحديات التي تعصف بنا - ومعظمها من صنع أيدينا - ولكننا في قطر تعلمنا أن الفجر يشرق من صدر الظلام.. وكلنا ثقة بقدرة شعوبنا على تخطي التحديات التي تواجهنا، ونؤمن بأن النوايا الحسنة والضمائر الحية والإرادة الإنسانية هي من سينتصر في معركة الحياة".

كما رحب معاليه بالمشاركين في النسخة السادسة من منتدى الأمن العالمي، متمنيا لهم نقاشات مثمرة خلال أيام انعقاده.

وكان معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، قد تقدم في مستهل كلمته بالتعازي للشعب الإيراني بوفاة فخامة الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية، والوفد المرافق لهما، إثر الحادث الذي تعرضوا له يوم أمس الأحد، سائلا الله تعالى لهم المغفرة.