كلمة سعادة الدكتور خالد فهد الخاطر مدير إدارة السياسات والتخطيط بوزارة الخارجية بدولة قطر في حوار حول "التواجد الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في الخليج العربي" والذي ينظمه "مشروع الأمن الأمريكي"
المكتب الإعلامي -27 مايو
كلمة سعادة الدكتور خالد فهد الخاطر
مدير إدارة السياسات والتخطيط بوزارة الخارجية – قطر
في حوار حول "التواجد الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكيةفي الخليج العربي" والذي ينظمه "مشروع الأمن الأمريكي" بتاريخ ٢٦/٥/٢٠٢١.
تحياتي الحارة للجميع، شكراً جزيلاً على هذا التقديمالكريم، كما أتقدم بالشكر للقائمين على مشروع الأمن الأمريكي (ASP) على تنظيم هذه الفعالية.
كما أن إطلاق تقريركم المهم عن التواجد الأمريكي في الخليج يستحق الثناء لتوقيته ومحتواه.
في الواقع، مسألة الوجود الاستراتيجي الأمريكي في الخليج وفي أماكن أخرى في الشرق الأوسط هي مسألة تستفز الكثير من وجهات النظر.
ونظراً لضيق الوقت سأركز كلمتي على ٣ نقاط:
النقطة الأولى، تتحدث عن جدل الارتباط وفك الارتباط:
أعتقد أنه يمكننا أن نتفق، أن هنالك تصور مشترك بأن منطقة الخليج لا تزال هي قلب الشرق الأوسط.
فدول الخليج ليست مهمة فقط في قطاع الطاقة ولكنها تلعب دورًا محورياً في تشكيل قرارات الاستثمار في جميع أنحاء العالم فضلاً عن مساهمتها في الحفاظ على أمن المنطقة.
لقد كانت لدول الخليج تأثيرا متزايد على ديناميكية الشرق الأوسط الواسعة، في بعض الأحيان كان هذا من حيث المساعدات الإنسانية والإنمائية، وفي أوقات أخرى بسبب عوامل أمنية.
ولكن هناك تحديات أخلت بالأمن مما أضعف الوحدة الإقليمية وأدت إلى أزمات وصراعات أمنية.
بالنسبة لمعظم الخبراء، فإن منطق الأمن القومي يعني أن العلاقات الأمريكية الخليجية قد تشهد فترات تمدد يليه انحسار لكن ولكن في كل الأحوال فإن أمريكا لن تنفصل تمامًا عن المنطقة.
وبالرغم ما قيل عن تقليص الدور الأمريكي فإننا نشاهد في كيف اهتمت إدارة الرئيس بايدن مبكراً بأمن الخليج كأولوية في جدول أعمالها.
ويشمل ذلك عودة إيران إلى امتثالها وإعادة التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي لعام 2015.
فمنذ تصاعد التوترات العام الماضي بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج، ساهمت دولة قطر بالدفع نحو خفض التصعيد بغية لتحقيق الاستقرار.
ولولا الحفاظ على نطاق معين من التوتر لتفاقمت الأمور وتأثرت الموارد الاستراتيجية العالمية الحيوية، وخاصة البحرية منها، بشكل خطير.
ونظراً أن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) تحتاج إلى كل الدعم، فإن قطر تدعم الجهود الإقليمية المبذولة للشروع في تدابير بناء الثقة واستعادة الحوار وإعادة بناء الثقة بين إيران ودول الخليج العربي.
بيد أن، هناك قضايا خليجية موازية بما في ذلك تعزيز وحدة مجلس التعاون الخليجي وقضايا أخرى مثل اليمن والعراق، وكذلك سوريا وليبيا والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لنأخذ على سبيل المثال، الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالأخير كمثال للدور الفعال الذي تقوم به دولة مثل قطر في الحفاظ على الاستقرار وتقديم مساعدات إنسانية وتنموية لتحقيق الأمن والاستقرار.
الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة لفتت انتباه العالم إلى الحقيقة المرة؛ وهي أن إسرائيل منذ أكثر من ١٤ عامًا تفرض حصاراً بريًا وجويًا وبحريًا على سكان غزة البالغ عددهم مليونا نسمة.
كما ساهمت الأزمة في تسليط الضوء على مشاكل السياسات الإسرائيلية في القدس الشرقية، ليس فقط من حيث التضييق على حقوق العبادة الدينية للمسيحيين والمسلمين الفلسطينيين، ولكن من خلال ممارساتها غير القانونية المتمثلة في الاستيطان والإخلاء الإجباري، والتي يعتبرها الكثيرون بمثابة تطهير عرقي.
فقطر تسعى من خلال جهودها للوساطة للتوصل إلى حلول تفاوضية، كما أن دعمها المطلق بالاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة هدفه التأكيد بأن دورنا يدعم السلام على أساس العدالة.
وهذا يقودني للنقطة الثانية، وهي أن من خلال توثيق الولايات المتحدة الأمريكية لعلاقاتها مع دولة قطر، فإن ذلك سيساهم في تحقيق الأهداف الإقليمية المشتركة من خلال نهج متوازن يقوم على التوازن والتعاون والاستدامة.
تدرك دولة قطر الغرض الرئيسي من التعاون الأمني والدبلوماسي والوساطة، كونها تشكل أسس راسخةللتعاون.
وعليه، فإنه من المهم ابراز أن العلاقات الاستراتيجية بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية هي أحد أقوى العلاقات في المنطقة، والتي تساهم بشكل فعال في تحقيق الأهداف الدفاعية العالمية كالتصدي لداعش.
إن دعم قطر للدفاع والأمن في قاعدة العديد؛ يعني أنها تعمل كمركز لتحسين المبادرات الدفاعية المتكاملة في المنطقة. فتسهيلات قطر الجوهرية لعمل القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) ومركز قيادة العمليات الجويةالمدمجة (CAOC)؛ تساهم بشكل كبير في ترسيخ الدفاعالأمريكي في الخليج مما يدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلاً عن كونهما جزء من استراتيجية الولايات المتحدة الأمنية تجاه منطقة الإندو- باسيفي التي تتبناهاالولايات المتحدة.
أما النقطة الثالثة، فهي أن التواجد الأمريكي الاستراتيجي لا يمكن فصله عن بلورة سياسات أمريكية سليمة وقوية في المنطقة. وقطر مفيدة جداً في هذا الجانبلأن نهجنا العام في السياسة الخارجية يتطلع إلى المستقبل ويستند إلى فهما أن المنطقة لا يمكن أن تمضي قدمًا دون تبني نهج يقوم على مقاربة أوسع للمنطقة تسعى لتحقيق مستقبلاً مشتركاً ومسؤول، ومثل هذه المقاربةتحتاج أن تتضمن وتوازن المصالح ذات الأولوية في المنطقة. ولا تقتصر هذه المقاربة على المصالح الوطنية بين الدول، ولكنها أيضًا تستوعب متطلبات الحوكمة الرشيدةلتحقيق الاستقرار لدول المنطقة. علاوة على ذلك، فهذه المقاربة لسياساتنا الخارجية تدعم التعاون العالمي من خلال الأمم المتحدة والمنظمات العالمية والإقليمية الأخرى، لتوفير بيئة إيجابية لشعوب المنطقة. لذلك، فهناك حاجة ماسة لمثل هذا النهج متعدد الجوانب والمتوازن، وخصوصا في هذه الفترة والتي تشهد تحولاً إلى مرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية التي تتطلب العمل سوياً نحو مستقبل مشترك ومسؤول للمنطقة.
في الختام، لا شك أن هناك تصاعد ملحوظ ومستدام في العلاقات بين دولة قطر والولايات المتحدة الامريكية، والتي ساهمت بدورها في تعزيز الأولويات الاستراتيجية والدفاعية والأمنية والاقتصادية في منطقة الخليج والشرق الأوسط. حيث أن إطلاق الحوار الاستراتيجي القطري والأمريكي في يناير من عام ٢٠١٨، والحوارات السنويةاللاحقة الأخرى، أسست آلية مهمة لتعزيز هذه العلاقات.
وكل ما سبق يوضح أنه على الرغم من كون قطر واحدة من أصغر الدول في الخليج، إلا أنها تقوم بدورها وتتقاسم الأعباء وتتحمل مسؤوليتها في الحفاظ على ديناميكيات أمنية بناءة في منطقتها، ولذلك يعتمد عليها كشريك موثوق كجزء من الحل للتحديات الناشئة المنطقة.
وشكراً.