بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد/ كريستوس ستيليانيدس، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون المساعدات الإنسانية والأزمات
سعادة السيد/ مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ
سعادة السيدة/ إينه إيركسن، وزيرة خارجية النرويج
أصحاب السعادة ،
السيدات والسادة،
يطيب لي في البداية أن أتوجه بخالص الشكر إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لجهودهم ومساعيهم المقدرة لتنظيم واستضافة هذا المؤتمر كما أود أن أشكر كلّ الوفود المشاركة، والتي تؤكدُّ بحضورها تكريسها للسلم والعدالة وحق الشعوب في حياة كريمة وآمنة تتوفر فيها المتطلبات الحياتية والخدمات الأساسية.
إن هذه المشاركة الواسعة تؤكد على اهتمام المجتمع الدولي بالأزمة السورية والتي أدخلت سوريا في دوامة حرب أهلية أدت إلى تدمير البنية التحتية الأساسية وانهيار اقتصادها كلياً واستنزاف مواردها الهائلة بالإضافة إلى تعطيل المتطلبات الأساسية والخدمات الحياتية الضرورية كالمياه الصالحة والصحة والتعليم، وأدت إلى قتل ما يزيد عن نصف مليون سوري، وتشريد حوالي 12 مليون آخرين يبحثون عن مكان آمن في البلدان المجاورة بعيدا عن القصف، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ كافة التدابير من خلال تطبيق أحكام القانون الدولي لوقف القتل والتهجير القسري والتجويع والإرهاب، والاسراع في اتخاذ إجراءات فورية لحماية الشعب السوري من براثن القهر والاستبداد ومن أسلحة الدمار الشامل.
السيدات والسادة،
لقد مرّت أكثر من سبع سنوات على بداية هذه المأساة والتي عجز العالم خلالها عن تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، وأصبحت المسائلة عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين تشكل تحدياً لمصداقية الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وأدوات ووسائل القانون الدولي الخاصة بحماية البشر من الإبادة.
لقد صُدم العالم بأسره مؤخراً باستعمال السلاح الكيماوي في قرية دوما بالغوطةِ الشرقية، ومنذ سنة خلَت في خان شيخون، والذي شاهدنا جميعاً آثاره الشنيعة.
ومن هذا المنبر تدعو دولة قطر المجتمع الدولي وبخاصة مجلس الأمن إلى البناء على تقصي الحقائق ومساءلة مرتكبي هذا الهجوم البشع عن هذه الجرائم الممنهجة والتي تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ وأحكام القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن، والتي نجم عنها استنفار من قبل بعض الدول وتوجيه ضربات محددة لمواقع الأسلحة الكيماوية التي يستخدمها النظام السوري الحالي.
وانطلاقاً من المسؤوليات الإنسانية والأخلاقية والقانونية تؤكد دولة قطر دعمها كافة الجهود الدولية لإنفاذ المساءلة عن جرائم وانتهاكات النظام السوري ضد شعبه اعتمادا على قرار الجمعية العامة رقم 71/248 وإنشاء الآلية الدولية المستقلة للتحقيق التي دعمناها بمليون دولار، ولمحاكمة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا منذ سنة 2011، وندعو المجتمع الدولي إلى ضرورة تفعيل هذا القرار وهذه الآلية بشكل عاجل والتحرك لاتخاذ الإجراءات الجنائية وفقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
لقد تولدّت قناعة لدى المجتمع الدولي أنّ لا أمن ولا سلام ولا وقف للتدمير وإزهاق للأرواح بدون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، وفي هذا السياق تدعم دولة قطر كافة الجهود الصادقة للتوصل إلى حلّ سياسي لهذه الأزمة استنادا لقرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف (1).
أصحاب السعادة ،
السيدات والسادة،
إنّ دولة قطر لم ولن تدخر جهدا للوقوف إلى جانب الأشقاء السوريين وتحمل مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية ولقد تعهدّت دولة قطر في كلّ مناسبة بتقديم مساعدات سخية وأوفت بذلك، حيث زادت مساعدات دولة قطر للشعب السوري عن ملياري دولار، واحتضنت من السوريين عشرات الآلاف وضمنت اندماجهم في المجتمع ومساهمتهم في مسيرة التنمية.
وأشير إلى أنّ دولة قطر من الدول المؤسسة لمجموعة كبار المانحين لسوريا وبذلت جهوداً كبيرة حكومية وأهلية في الدعم والإغاثة وكما استضافت بالدوحة الاجتماعيين العاشر والحادي عشر لمجموعة كبار المانحين، وشاركت في سلسلة اجتماعات المانحين مشاركة فاعلة، وأطلقت العديد من الحملات لدعم اللاجئين السوريين وستستمر على هذا النحو.
كما أشير إلى مشاركة دولة قطر في رئاسة المؤتمر السابق حول سوريا مع كلّ من منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا والنرويج والكويت، بهدف حشد الدعم لموارد الاستجابة الإنسانية وجهود المسار السياسي وإعادة الإعمار والانتقال السياسي حيث تعهدّت دولة قطر آنذاك بتقديم مبلغ 100 مليون دولار وأوفت بذلك وزادت عليه ليصل دعمنا لصالح مؤتمر بروكسل 2017 مبلغ 108 مليون دولار، بينما بلغت مساهمتنا في مؤتمر لندن 2016 مبلغ 101.241 مليون دولار.
وانطلاقاً من التزام دولة قطر تجاه التخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية السورية فإننا أعلنَا صباح اليوم عن تعهد جديد بتقديم مبلغ 100 مليون دولار لعام 2018.
وفي الختام تؤكد دولة قطر أنها لن تدخر وسعاً لتخفيف هذه الكارثة الإنسانية التي طال أمدها والعمل على إنهائها، وأكرر الشكر لجميع الحضور ولبلدانهم وإلى منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات المختلفة لمجهوداتهم الصادقة والبناءة، آملاً أن تكلل جهودنا بالنجاح في إيقاف هذه الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين ومرافقهم الحيوية، وأدعو الجميع لمواصلة الدعم وتقديم المزيد والإيفاء بالوعود.
وشكراً.