بسم الله الرحمن الرحيم
معالي السيد محمود علي يوسف، وزير خارجية جمهورية جيبوتي
رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة،
أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الخارجية ورؤساء الوفود،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،
الأخوة الحضور،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يأتي اجتماعنا اليوم والقضية الفلسطينية، قضية الأمة العربية والإسلامية المركزية تواجه تطوراً خطيراً بتوقيع الرئيس الأمريكي قراراً يعترف فيه بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، في خطوة تمثل تصعيداً خطيراً، واستفزازاً كبيراً لمشاعر الملايين من المسلمين والمسيحيين حول العالم، وانتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق والأعراف الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تقرر الإجراءات وتقرر بطلان وإلغاء جميع الإجراءات والتدابير الإسرائيلية التي استهدفت تغيير الوضع القانوني للقدس.
إن اتخاذ الولايات المتحدة هذه الخطوة المنحازة بشكل صارخ للاحتلال الإسرائيل والمجحفة بالحقوق الفلسطينية الثابتة التاريخية والمشروعة، خلقت واقعاً يُحتم علينا الوقوف بصلابة أمام تداعياته الخطيرة، وأن نقف معاً صفاً واحداً لدعم صمود الشعب الفلسطيني الشقيق، ومع الأصدقاء في المجتمع الدولي لاتخاذ ما يلزم من خطوات من خلال جميع الوسائل التي يكفلها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة للتعامل مع هذا القرار ومواجهته، والدفاع عن القدس بمكانتها التاريخية والدينية، وبوضعها القانوني الذي تكفله مبادئ القانون الدولي، وتؤكد عليه قرارات الشرعية الدولية.
أًصحاب المعالي والسعادة ،،،
لقد وضع القرار الأمريكي علاقات الولايات المتحدة بالأمة العربية والإسلامية على المحك، وعكس عدم الإدراك لتأثيره وتداعياته الخطيرة، التي نحذر منها والتي تَزيد الوضع في الشرق الأوسط تعقيداً بما يُمثله من تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة، بل وعلى الأمن والسلم الدوليين، وبما سيؤدي إليه من نسف للجهود والمساعي الدولية الرامية لتحقيق التسوية السلمية المنشودة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والمتعثرة بسبب تاريخ طويل من التعنت الإسرائيلي وخرقها للالتزامات والتعهدات ومحاولاتها فرض سياسة الأمر الواقع.
أًصحاب المعالي والسعادة ،،،
إن إنكار الحقائق لا ينفي وجودها ومن هذا المنطلق فإن عروبة القدس راسخة منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وستظل أكبر وأعرق من أن يُغير قرار هويتها التاريخية والدينية، ومكانتها في وجدان العرب والمسلمين، فلقد رأينا مظاهر الغضب العالمي التي اجتاحت الشعوب في الأيام الماضية فنحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية ليس أمام الشعب الفلسطيني فحسب وإنما أمام الشعوب العربية والإسلامية ويخطئ تقدير من يظن أن الشعوب العربية والإسلامية ستقف مكتوفة الأيدي إزاء مثل هذا التطوير المستفز الذي يُكرس لدولة الاحتلال، ويمس الهوية التاريخية لمدينة القدس بطابعها العربي والإسلامي.
إن دولة قطر إذ تعرب عن إدانتها واستنكارها الشديدين لهذا القرار، وتؤكد على رفضها التام له، تجدد التأكيد على موقفها الثابت والدائم في دعم القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني الشقيق، المستند إلى قرارات الشرعية الدولية و(مبادرة السلام العربية) وحل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتدعو دولة قطر المجتمع الدولي مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته المنوطة به في تطبيق قرارات الشرعية الدولية، والحفاظ على الوضع القانوني والسياسي للقدس، وتجنيب المنطقة مخاطر الصراعات، كما تدعو الإدارة الأمريكية لمراجعة قرارها والعدول عنه، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر مدينة القدس الشرقية جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1976.
أصحاب المعالي والسمو والسعادة ،،،
إننا في ظل هذه الظروف الدقيقة والتحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية وفي القلب منها قضية القدس ندعو الجامعة العربية وكافة الدول الأعضاء إلى وضع خطة عمل جماعية، واتخاذ كافة الخطوات التي تعكس المسؤولية التي يجب أن نتحملها جميعاً لمواجهة هذه التحديات.
وإرسال وفود تحت مظلة الجامعة العربية إلى المحافل الدولية المختلفة للاستفادة من الحالة الدولية الرافضة للقرار وحشد المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم منه.
كما يجب تقديم الدعم المطلوب للأشقاء الفلسطينيين في أي حراك قانوني ودبلوماسي من شأنه التصدي لهذا القرار وعدم التقليل من شأن هذا القرار غير المشروع الذي قد يكون حجر الأساس لقرارات أخرى من شأنها تهديد كيان الأمة العربية والإسلامية وعدم الحفاظ على كرامتها.
وختاماً فإن الحفاظ على القدس وعروبتها يتطلب منا القيام بواجبنا أمام شعوبنا وأمام التاريخ للدفاع عنها وحمايتها من التهويد وإلى الشعب الفلسطيني الشقيق نقول نحن معكم وبجانبكم نساند صمودكم للحصول على كافة الحقوق الثابتة والمشروعة وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
أدعو الله عز وجل أن يوفقنا إلى الخير وأن يجعلنا ممن يقولون فيفعلون وممن يفعلون فيخلصون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،