تشاثام هاوس
الأزمة الخليجية: قطر تستجيب
مساء الخير أيها السيدات والسادة،
يشرفني أن أكون معكم اليوم، وأود أن أشكر الدكتور روبن نيبلت –مدير تشاثام هاوس على هذه الدعوة وعلى هذه المقدمة الكريمة.
انني متأكد من أن معظمكم يتابع آخر التطورات في المنطقة وتعلمون أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين فرضوا حصاراَ سياسياً واقتصاديا واجتماعيا على بلدي. بعض أفراد الجمهور الذين يتابعون وسائل الإعلام العربية سوف يلاحظون السرد المزدوج الذي يستخدمه دول الحصار حيث توجد قصة للجماهير في الغرب وأخرى لشعوبهم، ويأتي السرد المخصص للشعوب من فشلهم في تبرير إجراءاتهم الظالمة ضد دولة مجاورة في شهر رمضان المبارك، وكما تعلمون لقد أصبح الآن التعاطف مع قطر جريمة في بعض هذه الدول وهذا مؤشر على مدى عدم رضى الشعوب عن هذا التصعيد.
قبل أن أتطرق إلى خلفية الأزمة الخليجية الحالية اسمحوا لي أن أناقش معكم سياسة قطر الخارجية. كما أنني مستعد للإجابة على أي أسئلة قد تكون لديكم.
ما يميز قطر في المنطقة ليس ثروتها أو مواردها الطبيعية أو مبانيها العالية، إنما ما يميز قطر هو أن التنمية في صميم سياستها الداخلية والخارجية.
قطر تتمتع اليوم بوضع اقتصادي متميز وأعلى مستوى من الشفافية والأهم من ذلك أعلى مستوى من الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. تحتل قطر المرتبة الأولى في العالم من حيث أكثر الحكومات كفاءة وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، وعلى الصعيد الإقليمي تحتل قطر المرتبة الأولى في مكافحة الفساد الإداري واعتماد الإجراءات القضائية لحماية سيادة القانون، وتحتل أيضا المرتبة الأولى من حيث الإمكانيات البشرية. ينبع هذا التطور من مبادئ الحوكمة الرشيدة حيث تحتل قطر المرتبة الأولى في العالم من حيث الثقة في صنع القرارات السياسية والثانية في مستوى كفاءة النظام التشريعي.
وقد كانت المرأة القطرية شريكة في هذا التطور بمشاركتها في القوى العاملة ووصول فرص التعليم إلى مستويات غير مسبوقة. اليوم تحتضن قطر أعلى نسبة من النساء العاملات في دول مجلس التعاون الخليجي وتفوق النساء عدد الرجال في التعليم الجامعي.
وأيضا شاهدنا هذا التطور من خلال حرية العبادة في قطر، حيث تبرع الأمير السابق بمبالغ لبناء أكبر كنيسة في دول مجلس التعاون الخليجي. قامت قطر لأكثر من عشرين عاما بتطوير الحوار بين الأديان، حيث كانت الدوحة بمثابة منصة حوار للقادة الدينيين والفصائل السياسية، وواصلت قطر بتشجيع وجهات النظر السياسية المختلفة للمشاركة في مناقشات بناءة في الدوحة وتوفير منصة غير موجودة في المنطقة.
وسائل الإعلام التي تستضيفها قطر حولت العالم العربي بالكامل حيث بثت قناة الجزيرة المواضيع الاجتماعية والثقافية والحركات السياسية سواء كانوا م يساريين أو ليبراليين أو إسلاميين الذين خنقوا في المنطقة. كانت هناك حاجة كبيرة إلى وجود وسائل إعلام غير حزبية وحرة تتناول مخاوف المواطنين العرب، ولا شك أن رغبة قطر في استضافة مؤسسات مثل قناة الجزيرة حببت الجمهور العربي بالدولة. استقبل الشعب العربي بسياسات الإعلام في قطر بحرارة وكذلك الولايات المتحدة وأوروبا، وفي الوقت ذاته تسببت هذه السياسات في استياء القوى التي كانت في السابق قادرة على التحكم في تدفق المعلومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، واشتد حدة هذا الاستياء بعد الثورات الشعبية المعروفة باسم الربيع العربي في عام 2011، وتفاجأت الأنظمة العربية بحجم الاحتجاجات الشعبية واختارت تجنب المسألة وإلقاء اللوم على وسائل الإعلام.
قامت قطر بمناظرات متلفزة للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرف باسم "مناظرات الدوحة" حيث لا يملك أي مسؤول حكومي أو أي هيئة أو محطات بث أي سيطرة على ما يقال في الجلسات أو على من يتم دعوتهم للمشاركة، وقد أنشأت هذه المناظرات محفل للحوار يتحدى الوضع الراهن وكما ذكرت كان هذا الشيء غير مسبوق في المنطقة.
اليوم قطر إحدى أكثر الشعوب تعليما في المنطقة ولديها أعلى معدل للناتج المحلي الإجمالي للفرد في العالم واقتصادها مزدهر ومتنوع وتتمتع بمجموعة من أفضل المؤسسات التعليمية في الشرق الأوسط وبالطبع كأس العالم التي تتطلع إليه في عام 2022. على عكس العديد من الدول في الشرق الأوسط لم تبنى قطر في ظل الظلم والخوف والرقابة ومن خلال ذلك واصلنا رسم مسارنا واتخاذ وجهة نظر مستقلة حول الأحداث العالمية والإقليمية، وعلى المستوى الإقليمي توسطت قطر في ما يقارب عشرة حالات إقليمية ودولية في أقل من 8 سنوات من عام 2008 إلى عام 2016. لقد بذلنا جهودا دبلوماسية وسياسية على الصعيد الإقليمي والدولي في الوساطة بين الفصائل والكيانات والدول بموافقة الأطراف المعنية ودون التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وقمنا بذلك بهدف تحقيق التقارب في وجهات النظر والعثور على حلول مستدامة للصراع والاختلافات.
اسمحوا لي أن ألخص لكم بإيجاز بعض الأحداث الأخيرة. تعرضت قطر في بداية شهر أبريل لحملة تشويه مدبره بعناية وغير مسبوقة تهدف إلى تشويه سياساتنا ومواقفنا بشأن القضايا الهامة التي تؤثر على منطقتنا، وجاءت ذروة تلك الحملة في 24 من مايو عندما تم اختراق الموقع الإلكتروني الخاص بوكالة أنبائنا وتم نشر اقتباسات زائفة منسوبة إلى أميرنا عبر الانترنت، كما تم إرسال بعض الاقتباسات المزيفة باسمي على موقع "تويتر".
بمجرد ترتيب التفاصيل الفنية أرسلنا رسائل عاجلة إلى جميع المؤسسات الإخبارية في المنطقة لتنبيههم عن البيانات الكاذبة المنشورة على موقعنا، ومعظمهم أصدروا تصريحات على الفور وأخبروا قرائهم ومشاهديهم بأن التصريحات الملفقة عبارة عن أخبار كاذبة وأكاذيب، بخلاف الإعلام في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر الذين واصلوا تقديم الأخبار المزورة كحقائق.
ان وسائل الإعلام القطرية قطعت في تلك الدول قبل ساعتين من نشر الأخبار المفبركة، وعلاوة على ذلك لم يكن المسؤولون من البلدان المحاصرة ينتقدون سياسة قطر، وهو أمر لطالما رحبنا به، ولكنهم كانوا يدعون إلى تغيير النظام في قطر وإلى الانقلاب والتحريض على الكراهية والعنف.
على الرغم من الإعلان عن الاختراق استخدمته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كذريعة لشن حصار جائر وبلا مبرر ضد دولة قطر في الخامس من يونيو، ولثلاثة أسابيع من يوم الخامس من يونيو ونحن نطالبهم بتوضيح المسألة وتحديد مطالبهم ولكن جيراننا قرروا وضع العربة قبل الحصان ويقلبوا الأولويات، ولكن بعد الضغط الدولي والأمريكي قاموا في 23 من يونيو بتقديمنا قائمة تضم 13 طلبا وقالوا يجب الوفاء بهم بحلول 3 يوليو، وبدا لنا على الفور أن مطالبهم لم تمثل شكاوى معقولة وقابلة للتنفيذ ضد دولة قطر كما كان يأمل وزير خارجية الولايات المتحدة، وقال وزير خارجية المملكة المتحدة أن مطالبهم لم تكن مقاسة وواقعية كما ينبغي.
بدلا من أن تكون مطالبهم قابلة للتنفيذ طلب من قطر الحد من حرية التعبير وتسليم الأفراد المعرضين لخطر التعذيب والحد من قدراتها الدفاعية والانسجام مع القانون الدولي وتصدير سياستها الخارجية إلى الرياض وأبو ظبي وتوقيع شيكا على بياض للدول المحاصرة لدفع مبلغ غير محدود من المال تم وصفه بالتعويض، ولم تتضمن مطالبهم إغلاق قناة الجزيرة فحسب بل تضمنت إغلاق وسائل إخبارية أخرى مقرها في المملكة المتحدة والتي تمثل الصحافة الحرة لشعوب الشرق الأوسط.
وما تبين لنا ما بين السطور هو أن دول الحصار تطالبنا بتسليم سيداتنا كالجائزة لإنهاء الحصار وهذا أمر لن تتنازل عنه قطر أبدا وهم يدركون ذلك، وللعلم لم يتم توجيه هذه المطالب والاتهامات لنا من قبل، ولم تطرح أي شكاوى ولم يتم مناقشة أي طلبات في الاجتماع المشترك لوزراء الداخلية والدفاع في الرياض يوم 27 أبريل أو في الاجتماع الوزاري والقمة التي عقدت في مايو.
من الواضح أن دول الحصار لم تتوقع أن مطالبها ستوفر إطارا لحل خلافها مع قطر، ولو كانوا مهتمين بمعالجة المسألة لكانوا قد استخدموا الآلية المحددة في ميثاق دول مجلس التعاون الخليجي وتحديدا آلية التحكيم المبينة على اتفاقية الرياض 2014 التي يزعمون أنها انتهكت من قبل قطر.
كانت معظم المطالب ذات أهمية لجيراننا العرب ولكن الادعاء بأن قطر تدعم الإرهاب كان من الواضح أنه يهدف إلى توليد مشاعر معادية لقطر في الغرب. سياسات قطر التي تتعامل مع الإرهاب مباشرة كانت قاسية، وكما تعلم الدول المحاصرة أن قطر أسست قوانين وأنظمة صارمة لحظر تمويل الإرهاب من قبل الأفراد أو الجمعيات التي تدعي أنها الخيرية، ونحن نعمل مع أجهزة الاستخبارات والأمن في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكل دول منطقتنا لتقديم الإرهابيين وأنصارهم إلى العدالة. إلى جانب أمنها ومراقبتها وتنسيقها ومشاركة المعلومات مع حلفائها في الحرب على الإرهاب تلتزم دولة قطر بإنهاء العوامل الاجتماعية والسياسية المؤدية إلى الإرهاب، وتعمل قطر ضد الطغيان الذي يحضن الشباب والشابات في الإرهاب.
لقد خصصت قطر 25% من مساعداتها الخارجية نحو التعليم ونرى أن التعليم هو أساس الاستقرار والتدبير الوقائي الأكثر فعالية ضد التطرف، واستثمرت قطر في تعليم سبعة ملايين طفل في 42 دولة، ونحن نعلم أن الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وضعت حكومتنا وجميع حكومات دول الخليج على قائمة أعدائهم. أن تحديات الإرهاب عبر الوطني ليست فريدة من نوعها في قطر والإرهاب تهديد عالمي يتطلب جهودا جماعية والتزامات سياسية من الجميع.
قطر تعارض التطرف العنيف الذي يشكل تهديدا عالميا للبشرية، وما فشلت الدول الأخرى في إدراكه هو أن وصف الخصوم السياسيين بأنهم إرهابيون يسكتهم فقط بغض النظر عن الطريقة التي قد نشعر بها حول أجنداتهم فهو أمرر غير مبرر ويفشل في حل أي مشكلة، وهذا ليس خطأ أخلاقي فقط بل من المرجح أن يجعل المشكلة أسوأ من خلال دفع المزيد من الناس إلى التطرف وتحويل الانتباه عن المعركة ضد الإرهابيين الحقيقيين.
نحن قلقون بشأن مدى تسيس تسمية الإرهاب نتيجة لهذه الأزمة إذا لم تتخذ الحكومات الغربية موقفا واضحا تجاه هذا التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات، وكما أشرت في مقدمتي ان هذا التلاعب كان بالفعل وسيظل يحجب المصدر الحقيقي للتطرف العنيف لأن جيراننا يصفون ذو السياسات المختلفة بالإرهابيين، وإننا نشعر أن شيطنة الناس الذين يقدمون مظالم مشروعة بطريقة سلمية وقمع الحركات المنادية بالتغير السلمي تدفع الناس ذو النيات الحسنة إلى أحضان المتطرفين، ونرى أن الاحتفاظ بالأخبار والمعلومات المستلقة من عيون وآذان الشعب يظهر فقط الخوف والضعف.
هذه القضايا في صميم خلافاتنا مع جيراننا وهي قضايا خطيرة ولكن إليكم جوهر المسألة، لقد رأينا كيف توجهوا الشباب الفاقدين الأمل في مستقبل أفضل إلى العنف باسم الجهاد ورأينا العالم يلوم الإسلام لهذا المسألة ويجب علينا إيقاف هذه الظاهرات، وكما قال صاحب السمو أمير دولة قطر "المشكلة ليست في الإسلام وإنما في اليأس. أسباب اليأس هي الحكومات التي تفشل في تلبية احتياجات شعبها."
أدرك أن هذه الرسالة لن تحظى بقبول جيد في بعض العواصم المجاورة ولكن هناك مشاكل خطيرة في المنطقة وإسكات قطر لن تحلها. الحصارات والإنذارات النهائية ليست الحلول لمشاكلنا بل الحوار والعقل هما الحلول. نحن في قطر منفتحين لكلا الحلين ونرحب بأي جهود جادة لحل خلافاتنا مع جيراننا، وجميع دول الشرق الأوسط تواجه تحديات خارجية وداخلية كبيرة، ونحن في قطر نرى أن لدينا فرص أفضل لمواجهة هذه التحديات إذا عملنا عليها معا ونرحب دائما بالحوار والمفاوضات.
ما وصفته لكم اليوم يطرح سؤالا مركزيا – لماذا اتخذت دول الحصار هذه الإجراءات غير العادية وغير المبررة والعدائية ضد قطر؟ ولماذا يشكل استقلال قطر تهديدا لهم؟ أرى أن السبب هو وجود وجهات نظر مختلفة حول السياسة في الشرق الأوسط وأراء مختلفة حول أفضل طريق لمستقبلنا الجماعي، وفي قطر نؤمن بأن المواطنين في كل العالم يجب أن يكون لهم الحق في حكومة تستجيب لاحتياجاتهم وتمثل مصالحهم.
نحن لسنا ديموقراطية ولا ندعي خلاف ذلك، ولكن نظامنا الملكي الاستشاري يتمتع بدعم واسع وحماس من شعبنا كما أنه يسهل القنوات المختلفة للسماح بالتعليقات بشأن السياسة وهذا هو سبب عدم انزعاج قطر من انتفاضة الشعب العربي في عام 2011، ولهذا السبب لم تشعر حكومة دولة قطر بالتهديد من حركة الربيع العربي على عكس العديد من جيراننا، ونتيجة لذلك فتحنا أبوابنا بكل ثقة للمجموعات السياسية التي تنادي بالتغيير سواء كنا نتفق معهم أم لا، ولهذا السبب تساعد شبكة الجزيرة الإخبارية على إعلام العالم العربي والعالم الأوسع بالتطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المنطقة.
للعلم تواصل الجزيرة النظر بعين النقد في جميع البلدان العربية بما في ذلك قطر، وتستضيف وجهات نظر معارضة ومختلفة يوميا وهو أمر غير موجود في أي مكان آخر في المنطقة. جيراننا ينظرون إلى التغيير ومن يدافع ويكتب عنه كتهديد ويسارعون إلى تصنيف أي شخص يعارض حكوماتهم كإرهابي. نحن في قطر نتقبل التغيير ونرحب بالنقد البناء لكي نتطور، ولم تقوض قطر أبدا الأمن الجماعي للمنطقة لأننا نرى أن أي تهديد للمنطقة يشكل تهديديا لقطر.
مع اقتراب انتهاء تمديد الـ48 ساعة تواصل قطر الدعوة للحوار رغم انتهاكات القوانين واللوائح الدولية وتفكيك 12000 أسرة وعلى الرغم من الحصار العدائي الواضح الذي يعتبر إهانة لجميع المعاهدات الدولية والهيئات والولايات القضائية. من أجل المضي قدما يجب علينا تحديد جميع المخاوف المشروعة ومناقشة المزاعم والادعاءات من خلال تقديم الأدلة والانخراط في حوار بناء، وقطر مستعدة للمشاركة في عملية مفاوضات مبنية على إطار واضح ومبادئ تضمن عدم انتهاك سيادتنا.
السيادات والسادة أود أن أشكركم مرة أخرى على حسن استماعكم ويسعدني الإجابة على جميع أسئلتكم.
شكرا لكم
السيد نيبلت: شكرا جزيلا للشيخ محمد على هذه التصريحات ووضع الأمور في منظورها الصحيح وتوضيح الفلسفة التي تنفذها قطر في المنطقة. لدينا بعض الوقت للأسئلة، ولكن أود أن أسأل سؤال في البداية لأنني أعتقد بأنك قلت أن قطر تؤمن بأنها ملكية استشارية وتعترف بأنها ليست ديموقراطية. هل تعتقد بأن الخلاف الحالي هو بشأن تسليم سيادتكم أو تخلي قطر عن سياستها الخارجية؟ من المعتقد أن مجلس التعاون الخليجي يجب أن يكون له سياسة خارجية واحدة بدلا من سياسات خارجية تنافس بعضها البعض، ويبدو أن التنافس بشأن الأزمة السورية هل جوهر الخلاف. هل تعتقد أن هناك أمرا تستطيع القيام به بشكل مختلف من جانب سياستك الخارجية؟
سعادة الوزير: أولا قطر لم تعرض الأمن الجماعي لمجلس التعاون الخليجي للخطر والتاريخ يشهد على ذلك. فيما يتعلق باستقلال السياسة الخارجية القطرية أرى أنه عامل مهم في هذا الخلاف مما أدى إلى الحصار المفروض على دولة قطر. لا يمكن لدولة أن تفرض سياسة خارجية على دولة أخرى لأنها عضو في منظمة، ونرى ذلك في الاتحاد الأوروبي حيث لديه سياسة خارجية أكثر تماسكا وهناك اختلافات بين الدول المختلفة ولن تقبل أي دولة ذات سيادة بفرض السياسيات. كما ذكرت نحن نرى أن القضية الرئيسية لا تتعلق بالإرهاب بل بمعارضة الاختلافات ومحاولة إسكات الطرف الآخر. ربما يعتقدون بأننا نحمل أكثر من طاقتنا، وأعتقد أن جميع هذه الأسباب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بدوافع المنطقة.
فيما يتعلق بما إذا كنا نظام حكمنا الملكية الاستشارية، أن قطر أكثر تقدمية من الدول الأخرى، ورأينا في الخليج أن دولة قطر لديها دستور تم التصويت له من قبل الشعب، وهذا الدستور ينص على أنه سيكون هناك برلمان منتخب، وهناك العديد من الأسئلة حول موعد إجراء هذه الانتخابات البرلمانية. كان من المفترض أن يتم انتخاب البرلمان في عام 2013 ولكن حينها كان لدينا انتقال السلطة من الأمير الوالد إلى الأمير، وهناك بعض التطورات التشريعية و الرغبة السياسية من قبل الحكومة لذلك قد يتحقق البرلمان قريبا.
السيد نيبلت: كانت زيارتي الأولى إلى الدوحة في عام 2009 وكان النقاش آنذاك حول وجود برلمان استشاري وأنه سيحدث قريبا. ثم أتى عام 2013 وسبب آخر لعدم القيام به والآن عام 2017 لذلك يبدو هذا بمثابة طموح لا يميز قطر.
سعادة الوزير: هناك بعض الشؤون التشريعية التي يتعين علينا العمل عليها لأننا نريد أن نقوم بأمر يخدم غرضه، وحالياً يمتلك الناس جميع الوسائل لإرسال تعليقاتهم بشأن أي مشاكل إلى الحكومة وقيادة البلد.
لقد ذكرت أننا لسنا ديمقراطية ولكننا نستجيب لمطالب شعبنا وهذا يحدث باستمرار في قطر حيث يستطيع الشعب التواصل مع القيادة مرة في الشهر على الأقل ويكون ذلك مع القيادة العليا. الشعب لا يحتاج إلى تعيين ممثل في الوقت الحالي لتقديم مطالبهم عندما يكون لديهم القدرة على الوصول إلى القيادة مباشرة، والناس في قطر لا ينظرون إلى المسألة بالإلحاح الذي تنظر إليه كشخص من الخارج.
السيد نيبلت: أن الوصول المباشر للقيادة يكون أسهل عندما يتكون الشعب من230,000 إلى 250,000 مواطن بعكس المملكة العربية السعودية، وبعض هذه الاختلافات قد تعطي قطر مرونة لا يمتلكها الآخرون.
جيمس فالسي: لم يتم إعفاء الخطوط الجوية القطرية من حظر أجهزة الكمبيوتر المحمول بعكس طيران الاتحاد والإمارات. هل تعتقد أن هذا نتيجة الرسالة الموجهة إلى البيت الأبيض للضغط عليكم ونتيجة المبالغ الهائلة من الأموال التي يتم انفاقها على شركات الضغط والعلاقات العامة من قبل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية؟
سعادة الوزير: تتم هذه الإجراءات المعروفة بإجراءات الـ(TSA) والتي تقوم بإرسال فريق لفحص الإجراءات الأمنية في كل مطار، وأعتقد أنهم وصلوا الدوحة بالأمس وهذه العملية مستمرة ولا أرى أنها متعلقة بالوضع الحالي.
مراسل بي بي سي: لقد ذكرت في خطابك أن بعض المطالب كانت موجهة للمنطقة وبعضها كانت لكسب التعاطف في الغرب، دون التحييز للوساطة التي تقوم بها الكويت هل بإمكانك أن تخبرنا قليلا عن ردكم على تلك المطالب التي قدتموها في الكويت يوم الأثنين؟ ثانيا، فيما يتعلق بتأكيدك على عدم تشجيع الإرهاب هل تعتقد أن عندما استلم الأمير الجديد مقاليد الحكم في 2013 بدأتم في النظر في تمويل المجموعات والدول مثل سوريا؟ كما تعلم لم يكن يعرف أحد أين تذهب الأموال التي أعطت لهم وبعض هذه الأموال ذهبت إلى مجموعات مدرجة في قائمة عقوبات الأمم المتحدة.
سعادة الوزير: فيما يتعلق بالجزء الأول من سؤالك عن ردنا للمطالب الـ13، ذكرنا أمس في المؤتمر الصحفي أن لا يمكننا الكشف عن محتوى الرد احتراما للوسطاء الكويتيين، ولكن ما أستطيع إخباركم هو أن الرد كان في إطار القانون الدولي ولا ينتهك سيادة دولة قطر.
وفيما يتعلق بتمويل الإرهاب وجميع الادعاءات المذكورة في قائمة المطالب وفي بياناتهم ووسائط إعلامهم أعتقد أنهم يستخدمون هذه الوسائل للحصول على التعاطف من الغرب وهو اتهام أكثر قابلية للبيع وسيجدون دعما للتدابير التي اتخذوها ضد دولة قطر، ولقد ألزمت قطر نفسها وجميع الإصلاحات التي تمت في الدولة لإيقاف التمويل من الوصول إلى هذه المجموعات سواء في سوريا أو في أي من مناطق النزاع، وهناك العديد من التشريعات التي يتم إصلاحها وتغييرها وأي شخص متورط في مثل هذه الأفعال تتم مقاضاته وإدانته بما في ذلك الأشخاص المدرجون في قائمة عقوبات الأمم المتحدة، وهناك حظر سفر مفروض على المذكورين في قائمة العقوبات وقد تم تجميد حساباتهم وهم تحت المراقبة 24 ساعة.
يتم تقديم تقرير إلى الأمم المتحدة وفقا لتدابير القرار ويتم محاكمتهم في المحكمة وقد أدين بعضهم، وقد اتخذنا إجراءات ضدهم جميعا. الأشخاص الذين أدرجتهم الأمم المتحدة ويعتبرون من القطريين لم تتم مقاضاتهم بعد لأنهم ليسوا في البلاد لذلك لا يمكننا فرض أي إجراءات حتى عودتهم وهناك شخص ذهب إلى سوريا في عام 2007 ولم يعد إلى قطر منذ ذلك الحين.
لا يذهب تمويل حكومة قطر أبدًا إلى أي مجموعات راديكالية لأن تمويلنا يتم توجيهه دائمًا من خلال آليات متفق عليها بين مجموعة الدول التي تدعم المعارضة المعتدلة، وهذه الآلية هي لدعم المعارضة المعتدلة في مقاومتها لوحشية نظام بشار الأسد. إن موقف قطر من تمويل الإرهاب ثابت ونعتقد أن السماح لأي شخص بتمويل الإرهاب بحرية سيمثل تهديدًا لقطر أكثر من أي شخص آخر.
مي يماني: سؤالي عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي. نرى أن عندما تم تأسيسها في عام 1981 كانت الدول المزدهرة والهشة موحده ضد العراق وخاصة إيران. كان مثل المثل القبلي "أنا وأخوي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب" الآن نرى كسر وهذه الأزمة فما هو موقف عمان والكويت؟ وما هو تأثير هذه الأزمة على مستقبل الخليج؟
سعادة الوزير: علينا أن ننظر إلى يوم 21 مايو عندما عقدنا قمة دول مجلس التعاون الخليجي ثم بعد يومين الهجوم السيبراني على وكالة الأنباء. اتفقنا على أنه ينبغي على دول الخليج أن تكون لديها استراتيجية مشتركة في مواجهة تهديدات الأمن الجماعي لدول الخليج، وتلا ذلك اجتماع آخر مع رئيس الولايات المتحدة بين أن دول الخليج حلفاء أساسيون واستراتيجيون للولايات المتحدة، وعلينا أن نتصدى التهديد المشترك وهو الإرهاب. جميع هذه الدول وافقت على مجموعة من جداول الأعمال ثم فجأة رأينا أن هناك ابتعاد عن هذا الهدف ومهاجمة قطر بدلا من التصدي للإرهاب. هذا يمثل عقبات أكثر في طريق تركيز جهودنا على محاربة الإرهابيين الحقيقيين من خلال التحالف الدولي ضد داعش وغيرها، ولقد أثار السؤال حول مستقبل دول الخليج حيث أصبحت أولوياتها القتال بين أنفسهم واختطاف قدرة صنع القرار من دولة مستقلة. إنها خطة تاريخية حيث تحاول الدول الكبرى التنمر على الدول الصغيرة.
أعتقد أن عدم وجود حوار مناسب يقودنا إلى حل دائم ويحترم سيادة البلد ويقوم على المساواة سيشكل سابقة قد تشكل تحديا لبدان أخرى في مناطق مختلفة، ويجب على المجتمع الدولي أن لا يسمح بحدوث ذلك. يجب أن يقوم الإطار أو العقد الاجتماعي في المستقبل بين دول الخليج على مبادئ تحمي سيادة جميع الدول.
سلطنة عمان ودولة الكويت ضد أي مشكلة أو أزمة تنشأ في هذه الأوقات الصعبة حيث توجد لدينا صراعات كافية حولنا وكلاهما يحاولان المساعدة في منع التصعيد وإعادة الأزمة إلى طاولة الحوار لإيجاد حل عادل لجميع الدول.
السيد نيبلت: لقد قلت أن قطر تتخذ نهجا مختلفا للتعامل مع المعارضات السياسية وتخلق الفرص بدلا من تشوية صورة الجماعات، هل تتبعكم نفس النهج مع إيران هو جزء من المشكلة في الخليج؟ أصبحت العلاقة الاقتصادية والسياسية أقرب مع إيران وبالتالي فإن السياسة الخارجية مختلفة، هل بإمكانك التحدث عن سياسة قطر تجاه إيران؟ هل بإمكانها أن تكون مختلفة؟ كان طرد أعضاء الحرس الثوري الإيراني من الأشياء الأولى على قائمة مطالبهم، هل هناك شيء مختلف عن السياسة مع إيران يمثل جزءا من المشكلة؟
سعادة الوزير: يبين الطلب الأول مدى عدم جدوى هذه القائمة من حيث التحدث عن قطع العلاقات أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي الإيراني أو طرد أعضاء الحرس الثوري الإيراني الغير موجودين في قطر، أدعوكم جميعا إلى زيارة دولة قطر ورؤية عدد حراس الحرس الثوري الإيراني الذين موجودين.
دعوني أخبركم عن سياستنا تجاه إيران، أولا إيران دولة مجاورة ولا يمكننا تغيير الجغرافيا ولا يمكننا قطع قطر ونقلها إلى نيوزيلندا أو مكان آخر فيجب علينا أن نعيش جنبا إلى جنب. لدينا مصلحة مشتركة معهم من خلال حقل الغاز المشترك بين قطر وإيران، ولدينا علاقة تجارية معهم والتي تحتل المرتبة الخامسة بين دول الخليج، 96% من التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران تأتي من الإمارات العربية المتحدة وهي إحدى دول الحصار التي تطلب منا قطع العلاقات مع إيران.
أعلن أمير قطر بوضوح أمام الجمعية العامة في عام 2015 أنه يجب أن يكون هناك حوار جاد بين دول الخليج وإيران، وموقف قطر كان دائما مع وجود علاقة صحية وبناءة مع إيران وعلى أساس عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ونحن لا نقبل التدخل في شؤوننا. بعد إعادة انتخاب البرلمان في إيران بعث رئيس إيران رسالة إلى الشيخ صباح يطلب منه فيها المشاركة في حوار مع دول الخليج، وقاد الشيخ صباح هذه الجهود للوصول إلى موقف مشترك. شاركت قطر إلى جانب دول الخليج الأخرى في تنفيذ موقف قادة دول مجلس التعاون الخليجي لتطوير المبادئ وخارطة الطريق للمشاركة في حوار بين مجلس التعاون الخليجي وإيران. قطر لا تختلف عن بقية دول الخليج الأخرى ولا ينبغي أن تكون موقفها مختلفة عنهم لأن جميع الدول اتفقت على هذا في الاجتماع، وإذا كان لديهم موقف خاص بهم فإننا لسنا على علم بذلك. إن موقف دولة قطر دائما يدعو إلى الحوار وإقامة علاقة بناءة وإيجابية مع إيران وجميع الدول الأخرى.
ويليام بيتي: سعادة الوزير لديك العديد من الأصدقاء في هذه القاعة والعديد من أصدقاء دول مجلس التعاون الخليجي ككل ممن يودون أن يروا التوصل إلى حل لهذا الخلاف من خلال المفاوضات ونتمنى النجاح للوساطة الكويتية. من خلال ما قلته وما يقوله الآخرون لا يبدو لي كدبلوماسي سابق أن هذه الأزمة ستنتهي في وقت قريب. هناك الكثير من الحديث حول زيادة الرهان مثل العقوبات المالية وغيرها من العقوبات ضد قطر. هل هناك ظروف يمكن أن ترى فيها قطر تقطع الغاز إلى الإمارات العربية المتحدة من خلال مشروع دولفين؟
سعادة الوزير: أعتقد أن امدادات قطر إلى الإمارات وعمان تشكل ما بين 30%-40% من الكهرباء في الإمارات العربية المتحدة، و80% من كهرباء دبي تأتي من مشروع دولفين. كما ذكرت سابقا إذا كان النزاع السياسي لا يمكننا أن خلطه مع جوانب أخرى. أفعالنا اليوم تشكل سمعة دولة قطر في المستقبل ونحن لسنا على استعداد لوضع هذه السمعة في خطر من خلال السماح لأنفسنا باستخدام القوة الاقتصادية التي نملكها كرافعة سياسية على الدول الأخرى، ونحن لا نرى أن شعب دبي أو الإمارات يستحق التأثر بسبب هذا النزاع ونحن على يقين من أنهم سيتأثرون إذا أردنا قطع إمدادات الغاز.
نرى أن دول الحصار ارتكبوا خطأ كبير بفرض هذه الإجراءات ضد دولة قطر بينما يمثلون أنفسهم على أنهم اقتصادات ليبرالية وسماء مفتوحة، وهم الآن يستخدمون هذه الوسائل كوسيلة ضغط سياسي للضغط على قطر والدول الأخرى لمقاطعى قطر واتباع المسار نفسه. نحن نراهن على المدى الطويل حيث ينظر إلى قطر كشريك اقتصادي جدير بالثقة لأي شركة وجذب الاستثمارات الأجنبية بينما دول الحصار تراهن على المدى القصير في شكل الضغط على قطر.
جوناثان رودمان: قناة 4 الإخبارية. سعادة الوزير هل كان قراركم بدفع مئات الملايين من الدولارات في شكل فدية مقابل تحرير الأمراء القطريين القشة الأخيرة للسعوديين وقد تكون انتهت هذه الأموال في العراق؟ هل أنت قلق من أن يتم طردكم من مجلس التعاون الخليجي؟
سعادة الوزير: فيما يتعلق بالأموال الموجودة في العراق، لقد أوضحت حكومة دولة قطر وحكومة العراق هذه القضية رسميا، وكانت الأموال تذهب إلى حكومة العراق وهي في حيازتها وليست مع قطر، وإذا كنا سنقوم بدفع فدية فإننا لن نفعل ذلك بوضوح وشافية. كان هناك سوء تفاهم فيما يتعلق بهذه المسألة وقد صرح رئيس وزراء العراق أن الاموال لم تذهب إلى أي ميليشيا. قمت بزيارة رئيس وزراء العراق بعد إطلاق سراح الرهائن ولا نرى أن الحكومة العراقية تستحق أن تتهم بمساعدة هذه المجموعات لأنها بحاجة إلى دعمنا ودعم جميع دول الخليج، وعلينا أن نساعدهم في حربهم ضد الإرهاب وأن نكون شريك يثقون به.
نحن بحاجة لملء الفراق الذي تركته الدول العربية وكانت قطر ترغب بلعب هذا الدور ولكن بسبب قضية الرهائن لم يكن في مقدورنا القيام بذلك، ومع ذلك نحن الآن نتعاون بشكل وثيق مع الحكومة العراقية.
بشأن طردنا من مجلس التعاون الخليجي، لا يمكنهم القيام بذلك لأن القرار يجب أن يكون بالإجماع.
وائل التميمي: تلفزيون العربي. تجتمع دول الحصار الآن في القاهرة ونسمع أنهم قد يرفضون الرد الذي سلمتموه إلى أمير الكويت يوم الأثنين. هل أنتم مستعدون لهذا السيناريو الذي يتضمن المزيد من العقوبات والعزلة؟ ماذا يحدث بعد ذلك؟ ثانيا، هل كانت قطر في أي وقت خلال هذه الأزمة تحت أي تهديد عسكري من هذه الدول؟ شكرا.
سعادة الوزير: فيما يتعلق باجتماع دول الحصار في القاهرة، نحن لا نعلم ما الذي سيخرج من هذا الاجتماع. احتراما لأمير الكويت قمنا بواجبنا عندما قدمنا ردنا لأن هذه المطالب تعتبر مسيئة لأي بلد، ولقد قمنا بدورنا وقد حان دورهم لأنهم المعتدون والذين شنوا الهجوم على قطر بفرض كل هذه الإجراءات.
يجب أن لا يتوقعوا أن تكون الخطوة الأولى مني، وينبغي علي أن أتوقع منهم اتخاذ الخطوة الأولى نحو المشاركة. مهما كانت التدابير التي سيتخذونها ستكون هناك قوانين دولية يجب على الجميع احترامها، ولا يسمح القانون الدولي لأي دولة بفعل ما يفعلونه الآن ضد دولة مستقلة، ونحن نؤمن باحترام القانون الدولي وأن المنظمات الدولية ستضع حدا لهذا وتحقق العدالة لدولة قطر.
وأيا كانت التدابير التي يخططون لاتخاذها فإن قطر جاهزة لأننا تلقينا الهجمة الأولى وسنقوم بكل ما يلزم لحماية شعبنا وهو ما ستفعله أي دولة أخرى في مكاننا.
السيد نيبلت: لقد حصلت على شرف استضافة كأس العالم 2022 وهذا يمثل ضغطا اضافيا عليكم. يمكن للمرء أن يتوقع أن البلدان التي تضع تحت العقوبات بإمكانها أن تستمر على هذه الحال لفترة طولية كما رأينا في روسيا وغيرها. ما هي نقاط الضعف التي تواجه قطر الان؟ وهل يمكن أن تستمر تحت هذه العقوبات على المدى الطويل؟ وهل يمكنكم التعامل مع هذا لمدة ثلاث أو أربع أو خمس سنوات؟
سعادة الوزير: أعتقد أن ما قمنا به في الأسابيع القليلة الماضية منذ بداية الحصار هو عبارة عن تطوير بدائل مختلفة والاستمرار في القيام بذلك لضمان سلسلة التوريد. على المدى القصير سنواجه تكاليف إضافية ولكن في النهاية نحن نعمل على جعل هذا الحل مستداما، وسواء استمر الحصار أو توقف يجب أن نعتمد على أنفسنا كدولة لنضمن تقديم كأس عالم يجذب العالم بأسره.
السيد نيبلت: قد ينتج ذلك باعتماد أكثر على إيران وتركيا كسلاسل توريد بديلة وللحماية وهذا قد يؤدي إلى تفاقم الصراع الذي نعيشه في الوقت الحالي.
سعادة الوزير: لدينا دولة الكويت وعمان كذلك.
أشرف صديقي: محلل مستقل وعضو في تشاثام هاوس. كانت لديكم زيارة دونالد ترامب في 20 مايو ثم غضون أسبوعين بدأ هذا الحصار. هل غفلت قطر عن أدله لوجود مشكلة عندما كان دونالد ترامب في السعودية؟ ثانيا، يبدو أن قطر وإيران تعطيان حرية أكبر للتعبير لمواطنيهما. هل يساعدك الغرب في هذه الأوقات العصيبة لحماية حقوق الإنسان الأساسية داخل إيران وقطر؟ ما الذي استنتجته من خلال زياراتك إلى العواصم الأوروبية؟
سعادة الوزير: كما ذكرت سابقا، أنه لم يتم طرح أي شيء في المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي أو مؤتمر القمة أو في إطار الاجتماع الثنائي الذي عقد بين الأمير والرئيس. لم نر أي شيء أثارته حكومة الولايات المتحدة ونعتقد أن هذا الصراع نشأ بشكل رئيسي من دول الخليج التي تفرض الحصار بالتنسيق مع مصر، وأحد أسبابهم العديدة لهذا الحصار هو أننا انتهكنا اتفاقية الرياض بعد زيارة ترامب لكنهم استخدموا أسبابا أخرى أيضا.
فيما يتعلق بحرية التعبير والزيارات إلى العواصم الأوروبية، هناك وعي أن الحصار غير قانوني وهدفه إيقاف حرية التعبير ووسائل الإعلام في قطر وهدفه الرئيسي هو التحكم في صنع سياساتنا، وقد تم استجواب المؤسسات المستضيفة في قطر والمراكز البحثية والجامعات في عام 2014 خلال الخلاف الذي أدى إلى انسحاب السفراء. نحن نعلم أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة ينظرون إلى دول الخليج كحلفائهم لذا فهم يريدون حل هذه القضية وهو ما نريده أيضا، وهم يريدون دعم دول مجلس التعاون الخليجي وهذا أمر نطالب به دائما.
من الجانب الإنساني، لدينا الكثير من القضايا نتيجة للحصار على قطر. لدينا أكثر من 12,000 حالة إنسانية وعوائل منفصلة في قطر، وقد نتج عن هذا الحصار أطفال يعيشون بعيدا عن أمهاتهم وزوجات يعيشون بعيدا عن أزواجهن وعائلات مزقت بسبب هذه التدابير. هناك قضايا أخرى مثل إسكات الأصوات التي تظهر دعمها لقطر. هم يتحدثون عن الإرهاب وما يفعلونه هو إرهاب فكري، ولا يمكنك منع الأشخاص من التعبير عن آرائهم إذا كانوا يظهرون دعما لبلد آخر، ونحن نرى أن جميع هذه الإجراءات التي اتخذت ضد قطر تكشف الأسباب الحقيقية وراء هذه الخطوة بأكملها.
عبدالله حمود: صحفي وعضو في تشاثام هاوس. لدي مشكلة مع مصطلح "الحصار" لأن الناس يسافرون ويخرجون من الدوحة ولا يبدو وكأنه حصار بل "مقاطعة" ويبدو أن قطر تزيد من المخاطر لجعل الحياة صعبة. النقطة الثانية تتعلق باتفاقية نوفمبر 2014 التي وقعتها قطر، أنا لست متأكدا إذا كان أي من المطالب الثلاثة عشر في ذلك الاتفاق وما إذا كان قد تم التعامل معه أم لا. النقطة الثالثة تتعلق بالوحدة التركية في قطر، ما الذي يمكن أن يفعله الجنود الأتراك والذي لا يستطيع فعله الجنود الأمريكيين في قاعدة العديد؟ هل قطر المفرطة الفعالية تبالغ في ردة فعلها؟
سعادة الوزير: لقد سمعت العديد من الآراء حول محاولة قطر أن تبالغ من خلال وصف الأمر بأنه حصار وليس مقاطعة، وأستطيع أن أقول لكم ان ما تم فرضه على قطر غير قانوني. عندما يتم منعنا من الوصول إلى المنفذ البري الوحيد لنتلقى إمدادات غذائية طازجة فهذا حصار وليس مقاطعة. عندما تحجب السماء الدولية ولا تسمح لرحلات الطيران بالتحليق فوقها فهذا حصار وليس مقاطعة. مصطلح الحصار لا يعني أن الناس لا يستطيعون مغادرة البلاد، بل نستطيع مغادرة البلاد لأن لدينا منفذ جوي واحد عبر الحدود الشمالية مع إيران. نحن نضمن الإمدادات الغذائية عن طريق الجو، قطر لديها الموارد اللازمة للقيام بذلك وإلا فإن البلاد ستكون في مقاطعة وليس حصار. تدفع قطر أضعاف تكلفة الشحن من أموالنا الحكومية لأننا نمتلك الأموال اللازمة، وإذا لم تكن قطر على هذا المستوى من الدخل فإنها لن تكون قادرة على تغطية احتياجات شعبها من الغذاء والدواء.
لقد تم فرض حصار على ليبيا وإيران منذ فترة ولم يقطعوا عنهم الدواء أو الطعام أو منعوا الناس من السفر من وإلى ليبيا. عندما تكون أم متمسكة بطفلها البالغ من العمر سبع سنوات ولا يسمح له بالسفر معها ولا يسمح لها بالبقاء معه فهذا حصار وغير إنساني وغير قانوني. أنا آسف ولكن لا أحد يستطيع أن يطلق على ما هو مفروض علينا بالمقاطعة فهو حصار.
فيما يتعلق باتفاقية الرياض لعام 2014 والمطالب الـ13. لم تنص اتفاقية الرياض قط على وجود مطالب موجهة إلى دولة واحدة كانت ملزمة على جميع الدول. لدينا اتفاق ينص على إطار ينبغي أن يمنع دول الخليج من أي صراع مستقبلي ويقدم حلول مستدامة لأي نزاع يتم حله. ذكروا آلية التحكيم في هذه الاتفاقية لتجنب أي تدابير تصعيد لم يسبق لهم التذرع بها، وإذا كنا سنتحدث عن انتهاكات اتفاقية الرياض فسوف يستغرق الأمر حتى الغد لأذكر لكم الانتهاكات التي ارتكبوها، وأخيرا، لم تذكر اتفاقية الرياض أي تدبير يمس بسيادة أو استقلال أي بلد.
فيما يتعلق بالتعاون العسكري التركي أو القاعدة التركية. الأمريكيون غير كافيين لبلدنا. يجب أن نطرح السؤال التالي: لماذا يكون مضرا بالخليج إذا كان لدينا تعاون عسكري تركي؟ كل دولة من دول الخليج لديها تعاون عسكري مع دول أخرى. قطر لديها تعاون عسكري مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا وكندا والعديد من الدول الصديقة الأخرى. تركيا عضو في الناتو، وتستخدم قطر اتفاقية التعاون هذه لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية في التحالف الدولي ضد داعش، وقطر تستخدم هذه القاعدة لتدريباتنا العسكرية. لماذا يضر تدريبنا العسكري دول الخليج الأخرى إذا كان لنا وجود تركي في الخليج؟ هناك دول في الخليج لديها حضور روسي وربما تثير دول ثالثة شكاوى. لا نرى سببا حقيقيا وراء ذلك إلا إذا كانوا يريدون أن لا يكون لدى قطر دعم عسكري.
فلورنس: عضو في تشاثام هاوس. سعادتك، لقد تعهدتم باستثمار كبير في المملكة المتحدة في الفترة التي تسبق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هل لديك رسالة للجمهور هنا المملكة المتحدة وإلى المستمرين الذين لديهم استثمارات كبيرة في بلدكم والمنطقة ككل؟
سعادة الوزير: لدى قطر والمملكة المتحدة علاقة تمتد لحوالي 100 عام ولدينا ثقة في اقتصاد المملكة المتحدة وقد استثمرنا 40 مليار جنية في المملكة المتحدة. هذا جزء من استراتيجية جهاز قطر للاستثمار، كما يظهر ثقنا في اقتصاد المملكة المتحدة والتزامنا بالشراكة بين قطر والمملكة المتحدة على الرغم من أي خطوات تتخذها المملكة المتحدة.
روبرت غاردنير: عضو في تشاثام هاوس. هل لدى أمريكا سياسة خارجية للشرق الأوسط؟ إذا كان كذلك فما هي؟ ثانيا، فيما يتعلق بكأس العالم. ما هي النقاط الإيجابية التي طرحتها للحصول على كأس العالم إذا لعبت في الصيف؟
سعادة الوزير: لا أستطيع إلا الإجابة عن قطر، فنحن نتمتع بعلاقة قوية واستراتيجية مع الولايات المتحدة، ونحن شركاء في الدفاع والأمن والتنسيق والتعاون الاقتصادي والثقافي. لدينا ست جامعات أمريكية و11,000 جندي أمريكي وأكبر قاعدة جوية ومركز قيادة التحالف الدولي. لقد تم بذل الكثير من الجهود بين قطر والولايات المتحدة ونحن نرى أن سياسة الولايات المتحدة التي عرفناها منذ عقود لم تتغير أبدا، ودول الخليج هي دول مهمة لاستقرار المنطقة وشركاء موثوق بهم للولايات المتحدة.
فيكتور بالمر توماس: المدير السابق لتشاثام هاوس. هناك أربع دول منخرطة في هذا العدوان ضد قطر. من الصعب جدا التفكير في أن البحرين أو الإمارات العربية المتحدة قد اخذ زمام المبادرة وهذا يترك لنا بلدين. من منهم هو قائد العصابة؟ أو هل كلاهما متساوون في المسؤولية؟
سعادة الوزير: مع كل الاحترام الواجب لجميع الدول الأربعة لا أستطيع تقويض أي منهما، ولكن نحن نرى أن السعودية والإمارات العربية المتحدة هما اللتان تقودان هذه الحملة بشكل أساسي، وأعتقد أن هذه الدول التي يتعين علينا التعامل معها لكشف الدوافع الحقيقية والمظالم وراء الحصار. إذا كان لدى مصر أو البحرين أسبابهم نرحب بتقديمهم لنا. أرى أن القائد الرئيسي هو المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ولقد ركزت أي جهود للوساطة عليهما وهذا ما لاحظناه وليس ما نعرفه.