بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السعادة،،،
الضيوف الكرام،،،
السيدات والسادة،،،
يطيب لي أن أرحب بكم في دولة قطر ويسعدني أن أشارك في هذه الجلسة الافتتاحية، لهذا المنتدى كما يسرني أن أشكر القائمين على تنظيم هذا المنتدى الهام لما يمثله موضوع المقاتلين الأجانب من أهمية كبرى للعالم بأسره في الوقت الراهن.
إن المشاركة الواسعة في هذا المنتدى بمشاركة أكثر من ثلاثين دولة يعكس الإرادة الدولية ومدى الاهتمام بمعالجة هذه الظاهرة.
إن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشد الأخطار التي تهدد السلم والأمن الدوليين حيث تشهد مناطق مختلفة من العالم أعمالاً إرهابية، ولا شك أن أي عمل إرهابي هو عملٌ إجرامي لا يمكن تبريره بغض النظر عن دوافعه أو هوية مرتكبيه، بما فيها الأعمال المرتكبة بدافع التعصب أو التطرف أو غيرها.
ولا يمكن مجابهة الإرهاب والقضاء عليه ما لم يوحد المجتمع الدولي جهوده من خلال اتباع نهج يتسم بالمثابرة والشمول ويقوم على أساس التعاون والمشاركة بين جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني والكيانات الأكاديمية والبحثية بفعالية في تبادل المعلومات في المجال الأمني، ومنع التهديدات الإرهابية وإضعافها وعزلها وشل حركتها في إطار الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب، وضرورة التزام المجتمع الدولي بالقانون الدولي، والتخلي عن سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين في مجال مكافحة الإرهاب.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن العوامل المشتركة بين المقاتلين الأجانب سواءً كانوا من منطقة الشرق الأوسط أو آسيا أو أوروبا، معظمهم من الشباب الذين يفتقدون أيدلوجية الفكر الصحيح، وينتمون إلى طوائف مضطهدة أو معزولة اقتصاديًا، ويفتقرون إلى الفرص المعيشية والتعليم، ولديهم فرص عمل ضعيفة.
وفي هذا الصدد لا يمكن ولا ينبغي ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة أو فئة عرقية ومن الأهمية بمكان عدم الخلط بين الإرهاب والمقاومة المشروعة كما نؤكد على ضرورة نبذ اللجوء إلى إرهاب الدولة تحت غطاء مكافحته.
السيدات والسادة،،،
إن ازدياد استخدام الإرهابيين ومناصريهم لتكنولوجيا الاتصالات في نشر الفكر المتطرف الذي يفضي إلى الإرهاب، وتجنيد الآخرين لارتكاب أعمال الإرهاب وتحريضهم على ذلك، يوجب تكثيف التعاون بين الدول لمنع الإرهابيين من استغلال التكنولوجيا والاتصالات والموارد في التحريض على دعم الأعمال الإرهابية.
وفي هذا السياق لا مناص من اللجوء إلى العمليات الأمنية والعسكرية، واتخاذ تدابير عاجلة لإنفاذ القانون لمواجهة الخطر الداهم الذي تمثله الجماعات الإرهابية التي تجند وتنقل المقاتلين الإرهابيين عبر الحدود الدولية، ولكن الاستنفار الآني والملح لا ينبغي أن يقف حائلاً دون معالجة الأسباب والدوافع الحقيقية للإرهاب.
أصحاب السعادة،،،
الحضور الكرام،،،،
ثمة اتفاق يسود المجتمع الدولي أن المقاتلين الأجانب يشكلون تهديداً خطيرا لدولهم الأصلية، والدول التي يعبرونها والدول التي يسافرون إليها، وكذلك الدول المجاورة لمناطق النزاعات المسلحة، وأشير إلى أن المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق، على سبيل المثال، ينتمون – وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة - إلى أكثر من مائة دولة .
إن التصدي للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب يتطلب معالجة شاملة للأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى الإرهاب، وفي مقدمتها السياسات القمعية والطائفية والتهميش وغياب العدالة الاجتماعية الذي تعاني منه فئات واسعة في بعض المجتمعات، والعمل على مكافحة التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية بدافع التطرف أو التعصب، ومنع نشر الفكر المتطرف والعمل على تصحيحه، وتعزيز التسامح السياسي والديني والتنمية الاقتصادية، والاهتمام بفئة الشباب، وتكريس التلاحم الاجتماعي وعدم الإقصاء، وإنهاء النزاعات المسلحة وتسويتها، وحرمان الجماعات الإرهابية من القدرة على ترسيخ أقدامها وإيجاد ملاذات آمنة، وتيسير إعادة الإدماج والتأهيل.
وفي هذا الصدد فإن نجاح أي استراتيجية وطنية لإدماج المقاتلين الإرهابيين العائدين من ساحات القتال، يتطلب استئصال البيئة الحاضنة للفكر المتطرف، وبناء قدرات الدولة على منع الإرهاب ومكافحته، بمراعاة الاحترام التامٍّ لالتزامات الدولة تجاه سيادة القانون وحقوق الإنسان.
ويتعين توافق التشريعات الوطنية بما يتناسب مع التزامات الدولة على الصعيد الدولي، وخاصة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولاسيما القرار رقم 2178 لعام 2014، والقرار رقم 2396 لعام 2017 المتعلقة بتجريم الأعمال التي قام بها المقاتلون العائدون، ووضع الأسس القانونية لملاحقتهم قضائياً، أمام محاكمة عادلة واعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
ولا شك أن عملية تأهيل المقاتلين العائدين وإعادة إدماجهم في المجتمع تتطلب مقاربة شاملة تعمل على تصحيح الأفكار المغلوطة حول مفاهيم العنف والتطرف والإرهاب، ومعالجة الأسباب السياسية والاجتماعية وغيرها.
أصحاب السعادة،،،
السيدات والسادة،،،
إن قضية الإرهاب تحظى بأولوية قصوى لدى دولة قطر، وتعد دولة قطر شريكاً فاعلاً في التعاضد الدولي في مواجهة الإرهاب، ونحن ملتزمون بالتصدي له على المستوى الوطني، والإقليمي والدولي من خلال المشاركة في كافة الجهود الدولية والإقليمية في هذا الشأن.
وأشير هنا إلى تطوير دولة قطر المستمرة لتشريعاتها الوطنية وكياناتها المؤسسية المعنية بالإرهاب وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن والشراكة الفاعلة لدولة قطر في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وسوف تواصل دولة قطر الاضطلاع بدروها كشريك فاعل في المجتمع الدولي في الحفاظ على الأمن والسلم والدوليين ومكافحة ظاهرة الإرهاب. والتطرف العنيف وذلك على المستوى الوطني ومن خلال التعاون الثنائي والإقليمي والمتعدد الأطراف، وفي هذا الإطار قامت دولة قطر بتقديم المساعدات الإنسانية ودعم مبادرات التنمية التعليمية والاقتصادية وبناء مجتمعات أكثر مرونة، لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وكما تدعم دولة قطر مبادرة التعليم فوق الجميع التي عملت حتى الآن في تعليم 10 مليون طفل في جميع أنحاء العالم. وتركز المبادرة على دعم الأطفال المتأثرين بالصراعات والكوارث. ولتشجيع التمكين الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، تدعم دولة قطر مؤسسة صلتك ، التي قدمت حتى الآن مليون فرصة عمل للشباب في 16 دولة (منذ 2008) وتسعى لتوفير مليونين وظيفة بحلول عام 2020.
السيدات والسادة،،،
إنني على يقين أنكم تدركون معي التحديات سواء القانونية أو السياسية أو الاجتماعية التي تواجه إشكالية المقاتلون الأجانب، ولا سيما في ظل اختلاف النظم القانونية في تعريف الإرهاب وعدم توافق المجتمع الدولي على تعريفه وكذلك تسييس مصطلح الإرهاب في كثير من الأحيان وضعف التعاون بين الدول لأسباب سياسية.
وحيث إن لديكم جدول أعمال هذا المنتدى على جانب من الثراء والشمول فإننا ننظر للنتائج التي ستتمخض عنها النقاشات والمداولات بقدر كبير من الاهتمام.
وختاماً أتمنى أن يكلل أعمال هذا المنتدى بالنجاح وأن يحقق أهدافه المنشودة.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،